مبادرات وحملات توعوية لمكافحة هدر الطعام في الأردن


الزعبي: مبادرات تخفيف الهدر الغذائي إن لم تتحول إلى استثمار سيبقى عمرها قصيرًا

الرحامنة: مبادرة "لقمتنا وحدة" ستنجح

الأمم المتحدة: الأردن يهدر غذاءً بنسبة 102 كيلوغرام للشخص

الأنباط – رزان السيد

قال خبير الأمن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي إن العالم يعاني من أعداد كبيرة من الجوعى، وإن انعدام الأمن الغذائي يتجاوز 800 مليون شخص، وفي نفس الوقت يُهدر ما يكفي لإطعام مليار شخص. ويصنَّف الغذاء أنه يعاني من هدر وفقد. يُعرف الفقد بأنه كل ما يُفقد من المزرعة حتى يصل إلى البيت، وذلك نتيجة عدم وجود أماكن مناسبة للنقل المبرد والنقل السليم والتعبئة السليمة، وهو يشكل ما يقارب 14.8% من الغذاء. أما هدر الغذاء فهو كل ما تُنفقه الأسرة من الطعام بعد الطبخ، ويشكل ما يقارب 16%.

وبيّن الزعبي أن الأردن يهدر 102 كيلوغرام من الغذاء للشخص الواحد، مشيرًا إلى أن من ضمن أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة أن يصل الهدر الغذائي عالميًا إلى 50% بحلول عام 2030.

وأوضح الزعبي في حديثه مع "الأنباط" أن الهدر الغذائي يمكن علاجه بعدة طرق، أهمها نشر الوعي بين الناس، مبينًا ذلك من خلال عدة نقاط يجب على الفرد اتباعها، ومنها شراء ما يحتاجه الفرد دون زيادة، وجرد الثلاجة بشكل يومي. شبّه الثلاجة بمقبرة الطعام، ولذلك لا بد من جردها يوميًا لاستهلاك الطعام قبل أن يفسد. بالإضافة إلى طريقة الطبخ، حيث قال: "ابتعد عن مبدأ 'العين تأكل قبل الفم'، واطبخ بكمية تكفيك دون مبالغة".

وتابع، مؤكدًا ضرورة نشر الوعي في المنشآت الكبرى، مثل المطاعم والمستشفيات والسجون، لأن هذه المؤسسات تعتبر وسيلة لهدر الطعام. كما أشار إلى ضرورة التحرك نحو تبني علم الاقتصاد والتيارات الهوائية التي تجبر المواطن على أن يكون مقتصدًا وعلميًا في شراء الطعام، موضحًا إمكانية فرض غرامات للحد من هذا الهدر.

وأضاف الزعبي أنه يجب إدارة الفاقد من الغذاء، ويتم ذلك من خلال بنوك الطعام أو محاولة الاستفادة من إعادة الاستخدام والتدوير، بحيث يتحول الطعام المهدر إلى علف للحيوانات، أو يُستخدم في الزراعة، أو يُحوّل إلى طاقة.

وفي هذا السياق، كشف وزير الزراعة ورئيس مجلس الأمن الغذائي المهندس خالد الحنيفات أن الأردن يهدر حوالي 1.1 مليون طن من الطعام سنويًا، مشيرًا إلى أن هذه القضية تتجاوز كونها مسألة تنموية، حيث تساهم بشكل كبير في التأثيرات الخطيرة على المناخ والبيئة، وذلك خلال فعالية اليوم الدولي للتوعية بالفاقد والمهدر من الطعام.

وفي سياق آخر، أطلقت رابطة شباب عشيرة الرحامنة في يرقا مبادرة "لقمتنا وحدة". وقال يزيد الرحامنة، وهو أحد أعضاء الرابطة، إنهم مجموعة من الشباب قاموا بتأسيس صندوق لدعم الأعمال التطوعية على مستوى منطقتهم، وكانت أولى مبادراتهم "لقمتنا وحدة"، التي تهدف إلى تخفيف هدر الطعام بعد المناسبات الاجتماعية وبيوت الأجر.

وأكد الرحامنة لـ "الأنباط" أن المبادرة ستنجح، لأنها لا تهدف إلى إيقاف ظاهرة تقديم الطعام، بل إلى جمع ما سيتبقى من طعام نظيف، وتعبئته في علب خاصة يتم شراؤها من صندوق الدعم، ثم توزيعه على العائلات المحتاجة وبشكل سري.

وقال الزعبي إن مثل هذه المبادرات عادة ما يكون عمرها قصيرًا نتيجة عدم استجابة الناس معها. وأكد أنه إذا لم تتحول إلى استثمار، فسيبقى عمرها قصيرًا.

وأوضح كيفية استثمارها، قائلاً: "إذا جاء القطاع الخاص وأخذ جانب تحويل الطعام إلى طاقة، ستستمر المبادرة". وأشار إلى أن من يطلقون مثل هذه المبادرات هم شباب مقبلون على الحياة ويعانون من نقص التمويل، وعدم احتضان مبادراتهم. وأضاف أن الشركات والمؤسسات لا تأخذ هذا الموضوع على محمل الجد.

وتابع الزعبي قائلاً إنه في مزارع التفاح في عجلون، يتم قطف ثمار التفاح وبيعها، بينما تُهدر كمية من التفاح تساوي تقريبًا تلك التي قُطفت، وهي الثمار التي تسقط من الأشجار. وأوضح أنه إذا تم استثمار التفاح الذي يسقط على الأرض وبيعه لشركات تصنيع خل التفاح، فسنكون قد ساهمنا في تقليل الهدر الغذائي، والاستفادة ماديًا من شراء التفاح من المزرعة بثمن قليل وبيعه لشركة تصنيع الخل بثمن أعلى. كما سيساهم ذلك في مساعدة الشباب على إنجاح المبادرات التي يطلقونها.

هدر الأغذية مأساة عالمية

بحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإن الأردن يهدر 102 كيلوغرامًا من الغذاء للشخص الواحد. وعلى الصعيد العالمي، يتم هدر أكثر من مليار وجبة يوميًا، فيما يعاني ثلث البشرية من الجوع.

وفي تصريح سابق، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة "إنغر أندرسن": "هدر الأغذية هو مأساة عالمية. سيعاني ملايين الأشخاص من الجوع اليوم بسبب هدر الأغذية في جميع أنحاء العالم. ولا تعتبر هذه قضية إنمائية رئيسية فحسب، بل إن آثار هذا الهدر الغذائي تسبب تكاليف باهظة للمناخ والطبيعة".

بدورها، قالت الرئيسة التنفيذية لمنظمة WRAP غير الحكومية، هارييت لامب: "نحن بحاجة إلى مزيد من العمل المنسق عبر القارات وسلاسل التوريد في ظل التكلفة الهائلة التي تتحملها البيئة والمجتمع والاقتصادات العالمية بسبب هدر الأغذية".

وأضافت: "ندعم برنامج الأمم المتحدة للبيئة في دعوة المزيد من دول مجموعة العشرين لقياس هدر الأغذية والعمل على تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار، والهدف 12 المتعلق بالاستهلاك والإنتاج المسؤولين. هذا أمر بالغ الأهمية لضمان إطعام الناس، وليس مدافن النفايات".

ودعت لامب الجهات الفاعلة إلى ضرورة دعم البرامج التي تعالج التأثير الهائل لهدر الأغذية على الأمن الغذائي، والمناخ، ومحافظنا المالية.