من بغداد لبيروت مرورا بغزة والشام،،


خليل النظامي

ما تزال الغيوم السوداء تخيم على أمة الإسلام، الأمة التي كانت نبراساً للحضارة والقوة، تدعو بالعدل وتنشر نور الله في أرجاء الأرض كافة.

غير أنها اليوم، باتت ك الايتام على مأدبة اللئام، تئن من وطأة التمزق والضعف، صناديدها كانوا يحملون السيف باليد والقلب، يُدافعون عن الحق ويطلبون الشهادة، واليوم نراهم مكبلين، يبحثون عن الراحة في دنياهم لإشباع غرائزهم العفنة.

ها هي قوى الشر الان وقد اجتمعت كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، تستنزف خيرات الأرض الإسلامية، وتنهب ثرواتها، وكأنها تنظر إلى هذا الضعف كفرصة لا تفوت.

ضاعت المروءة وضاع معها الإيمان الصادق، فما عاد للأمة عزتها التي كانت تسطرها سطوراً في صفحات التاريخ، وكثرتها لا تغني كغثاء السيل يجرفه التيار بلا قوة ولا عزيمة، ومنكسرة بداخلها قبل أن تنكسر بالخارج، يعلوها الوهن الذي حذّر منه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

حب الدنيا وكراهية الموت، هما داء الأمة، ذاك الوهن الذي أفسد القلوب وأضاع البصائر، إذ تسابقت النفوس إلى الثراء والجاه، وأصبحت تستبدل العزة بالخضوع، والشهادة بالخوف، في وقت فقدنا فيه ذلك الإيمان العميق الذي كان يجعل الرجال يطلبون الجنة في ساحة المعركة، ويقفون شامخين رغم أعتى الأعداء.

وانا اشاهد بغداد وغزة والشام وبيروت الان اشعر بلحظات من الحزن والشجن، حين ارى الأمة التي كانت عظيمة منكسرة إلى هذه الدرجة، تتألم ولا تتحرك، وكأنما استسلمت لقدَرٍ كُتب عليها.

غزة المحاصرة تقاوم بكل ما أوتيت من إيمان، ورغم الجراح والدمار، ها هي صامدة أمام آلة الحرب الصهيونية الداعشية التي لا ترحم صغيرًا ولا كبيرًا، وكأن ذلك لم يكفي جوع الصهاينة واليهود، فامتدت أيدي الشر إلى لبنان وسوريا والعراق واليمن وغيرها.

صهاينة ينهشون في جسد الأمة المكلومة، يمزقون بلادنا، يقتلون أملنا، وينهبون ثرواتنا، والعالم صامت وربما متآمر وشريك، يتفرج على أمة الإسلام وهي تئن تحت وطأة العدوان والقهر.

تلك البلاد الجريحة، كل واحدة منها صرخة في وجه الظلم، كل مدينة تحكي قصة مقاومة وصبر، من بيروت إلى بغداد، من صنعاء إلى دمشق، ما زال المسلمون يواجهون جيوش الظلم والتعنت، وما زالوا يدفعون ثمنًا باهظًا لأطماع كافرة حاقدة لا تعرف الرحمة.