عندما تقف تخسر مرتين...
إبراهيم أبو حويله ...
نستطيع التكلم في الماضي لقرون قادمة ولكن لا شيء سيحدث .
الضريبة ثم الضريبة ثم الضريبة ، والله العظيم ليست هي الحل.
الثقة ثم الثقة ثم المكاشفة والشفافية والتقييم ثم التصويب.
لا شيء أقوى في كل مجالات الوطن من قانون عادل وقضاء نزيه وأمن قوي .
ما ينقصنا هو ايجاد تلك التوليفة التي يستطيع اصغر مسوق للاسف ان يوفرها باقناع الطرف الاخر بهامش كبير من الارباح وسرعة وضمانة رأس المال وامان هذا الاستثمار ، والمشكلة للأسف تكمن هنا فهناك عائق كبير وعدم ثقة رهيب بين المواطن والحكومة ، وهذه لم نستطع حلها للأسف فعلقنا في اموال يحتاجها الوطن ، ولا يستطيع ان يقنع المواطن الذي لديه المال بالثقة ليستثمر في الوطن .
نحن في الوطن مررنا بجملة من القررات التي كان لها دور كبير وسلبي على الإستثمارات ، ونبدأ من قطاع الطاقة وتحرير اسعارها ، ثم عدم ثبات التشريعات والانظمة ، ثم المزاجية والبيروقراطية ، وهنا تعلق مع مفهوم لن تستطيع الخروج منه ، فإذا كان الموضوع مهم بالنسبة للشخص المعني عندها تجد أن كل العقبات تم تذليلها ، وسار المشروع كالماء الجاري ، ولكن إذا أطلت البيروقراطية برأسها عندها فقد ذهب المشروع والإستثمار والمال أدراج الرياح .
نحن نعلق في جزئية المشاريع الممكنة والمشاريع غير الممكنة ، ونعلق في جزئية المسموح والممنوع ، ونعلق في جزيئات كثيرة ، ونحن نستطيع أن نحدد خريطة الطريق التي تساهم في حللة الأمور ، والوصول إلى مناطق تفاهم مشتركة ، ونحن من نملك القرار ونستطيع أن نعود إلى كل الجهات صاحبة العلاقة للوصول إلى مذكرة تفاهم مشتركة يتفق عليها جميع الأطراف المعنيين .
هل ننجح ، من قال إن النجاح محصور في فئة معينة أو في شخص معين أو منطقة جغرافية معينة ...
نعم نستطيع النجاح ولكن هناك قوانين وسنن يجب اتباعها وإلا لن ننجح ، وهذا هو الفرق ، الفرق هو في الطريقة التي تدار فيها الإستثمارات ، ويتم فيها التعامل مع الإستثمارات ، وكيف من الممكن انجاح هذه الإستثمارات ؟
من لم يعامل الأخر كما يحب هو ، واعطاه تلك الصورة التي يبحث هو عنها سواء في صورة معاملة أو منتج أو خدمة فلن يستمر .
الزبون على حق ، والزبون يريد منتجا ممتازا بسعر يعادل هذا المنتج بدون زيادة كبيرة ، والمستثمر في المقابل يريد مجموعة من وسائل الحماية تساهم في زيادة إستثماره والمحافظة عليه وزيادة العائد المرجو منه .
والسبب هو جملة من المعيقات الجاهزة التي يستطيع الموظف سحب مجموعة منها ، كل ما دعت الحاجة بدون حسيب ولا رقيب ليظهرها في وجه المستثمر .
نملك المال ، نعم نملك المال وهذه الأموال التي تسربت للدول العربية والأجنبية وحتى لمشاريع الشبكات والأسهم الوهمية ، تثبت بأن لدينا المال ونستطيع تدبر امره متى شعرنا بالحاجة لذلك ، ولكن المشكلة هي في تلك القناعة التي تقبع خلف الجهة التي تريد الاستثمار ، وفي الجهة الاخرى التي تستطيع ان تقنع هذا الطرف بتدبير تلك الأموال والاستثمار فيها .
الشعب ضاقت به السبل ويبحث عن مخرج من الحالة الاقتصادية العسيرة التي نعيش فيها ، فلا وظائف ولا زواج ولا سكن ولا افق في المستقبل القريب .
ولا مشاريع جديدة كبيرة شبيهة بالبوتاس او الفوسفات قادرة على خلق اجواء استثمارية ، ومع وجود فرص في الاستثمار الزراعي والصناعة الزراعية وبعض صناعات التعدين التي تعتمد على ثروات وطنية ، وخلق مجالات جديدة سواء في النقل العام والخاص حيث من الممكن الاعتماد على الفكرة التي قامت بها امانة عمان وانشاء شركات كبيرة متخصصة في النقل تساهم في زيادة وتيرة وحجم وسرعة الاستثمارات في هذا القطاع المهم .
وما زال المجال مفتوحا لسوق التطبيقات الالكترونية وزيادة الاستثمارات الاردنية في هذا المجال سواء من حيث تطبيقات النقل او البيع المباشر او المطاعم ، حيث لا يزال هناك اعتماد كبير على تطبيقات خارجية ، وهناك ضعف وعدم ثقة في التطبيقات المحلية ، بالاضافة الى ضعف المحتوى المطروح محليا .
هذا بالاضافة الى ضعف الحوكمة في كل المجالات تقريبا ، فما زالت الكثير من الاستثمارات المحلية بحاجة الى ضبط منتجاتها ومدخلات الانتاج وضبط الجودة لديها ، والاعتماد على الانظمة الادارية والمحاسبية الحديثة للوصول الى منافسة حقيقية في السوق المحلي والخارجي ، وهنا لا بد للجهات الرقابية ان تسرع هذه الخطوات للوصول الى منطقة امان للقطاعات الوطنية .
حيث اتضح مع انتشار المقاطعة ان الكثير من المنتجات الوطنية بحاجة الى ضبط الجودة والسعر لزيادة القدرة على المنافسة والصمود بعد انتهاء موجة المقاطعة .
نعود الى فكرة انشاء صناديق تمويلية داخلية وخارجية لزيادة الاستثمار وتوفير التمويل اللازم لهذه المشاريع للنشوء والازدهار ، مع يقني بوجود المال اللازم محليا لتمويل معظم المشاريع الوطنية العالقة سواء ناقل وطني او قطارات او باص سريع او سكن او مشاريع زراعية او مشاريع صناعة او تعدينية او برامج وتطبيقات وذكاء اصطناعي.
وبدل ان نتجاوز هذه الحالة بانشاء شركات مالية مستقلة ذات سمعة وقدرة وكفاءة ويديرها اشخاص على مستوى الثقة الوطنية مثلا ، او التفكير في الوسائل والسبل الممكنة لخلق هامش الثقة ببدايات صغيرة معقولة تحقق عوائد مالية جيدة ، وبالتالي تدخل في زيادة رأس المال مرة تلو مرة للوصول الى تلك النقطة التي تصبح فيها هذه الشركات قادرة على تأمين التمويل اللازم ، وخلق مجالات وفرص عمل ومشاريع تساهم في تخفيف العبء عن المواطن والوطن .
نحن يا سادة لا نقف بل نتراجع للأسف وما لم نتخذ خطوات سريعة للخروج من الأزمة فإن الوضع لن يكون كارثيا للجميع .