اقتصاديون يدعون لاتخاذ إجراءات عاجلة لتحفيز الاقتصاد الوطني

دعا مختصون بالشأن الاقتصادي، إلى ضرورة اتخاذ وتنفيذ إجراءات عاجلة لتعزيز الاقتصاد الوطني، والتخفيف من تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على أهالي قطاع غزة.

وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن من أهم الإجراءات المطلوبة لتحقيق ذلك؛ دعم القطاعات المتضررة من خلال تقديم حزم تحفيزية للشركات والقطاعات التي تأثرت بشكل مباشر من العدوان، وتعزيز التبادل التجاري مع مختلف الدول والبحث عن أسواق جديدة لتعزيز الصادرات.

وأضافوا أن المرحلة تحتاج لتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتقديم الدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وضخ السيولة النقدية في السوق، من خلال قروض بفوائد بسيطة وتخفيض أسعار الفائدة، إلى جانب تعزيز الأمن الغذائي والطاقة، وتحفيز القطاع السياحي.

وأكد رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية، الدكتور إياد أبو حلتم، أهمية اتخاذ إجراءات تحفيزية لضخ السيولة النقدية في الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين وارتفاع معدلات الفائدة يمثلان أكبر التحديات الاقتصادية الحالية.

وأوضح أن هناك حاجة ماسة لتوفير سيولة لدعم الاستهلاك والإنفاق داخل الاقتصاد، مقترحا اتخاذ إجراءات مشابهة لتلك التي تم تنفيذها خلال جائحة كورونا، مثل توجيه البنك المركزي للبنوك للتوسع في تقديم القروض الميسرة ذات الفوائد المخفضة للقطاعات الإنتاجية.

ورأى إمكانية تدخل الضمان الاجتماعي عبر تخفيض نسبة ضريبة الضمان الاجتماعي لفئة الشباب الأقل من 30 عاماً، ما من شأنه تخفيف العبء المالي عن هذه الفئة وتعزيز مشاركتها في سوق العمل.

واقترح أبو حلتم، فكرة إقامة معارض صناعية تخضع لضريبة المبيعات بنسبة صفر، وهي فكرة قديمة تم طرحها من قبل غرف الصناعة، موضحا أن هذه المعارض التي يمكن أن تكون متنقلة بين مختلف محافظات المملكة يمكن أن تساهم في تعزيز مبيعات الصناعات الأردنية، شريطة أن تكون جميع المبيعات من خلال هذه المعارض مخصصة للبيع بالتجزئة فقط، لضمان عدم استغلالها.

وفيما يتعلق بالإجراءات التنظيمية، أكد ضرورة تسهيل بعض الرخص والإجراءات الإدارية المتعلقة بالإنشاءات، معتبراً أن مثل هذه الخطوات قد تستغرق وقتاً طويلاً ولكنها ضرورية لتعزيز النشاط الاقتصادي.

وذكر أهمية إعادة صرف المبالغ المحتجزة لدى وزارة المالية على شكل رديات للضريبة العامة على المبيعات، خصوصاً للمصانع، حيث يمكن أن تسهم هذه المبالغ في ضخ السيولة وتحفيز الاقتصاد بشكل ملحوظ.

بدوره، أكد عضو مجلس إدارة مؤسسة ضمان الودائع والخبير الاقتصادي الدكتور عدلي قندح، أنه في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن نتيجة تبعات العدوان الإسرائيلي على غزة، يصبح من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لتحفيز النشاط الاقتصادي وتجاوز آثار هذه الأزمة.

وأضاف "هناك مجموعة من الاستراتيجيات التي تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية، والتي تهدف إلى تحقيق هذا الهدف عبر تعزيز الإنتاج المحلي، تحفيز الاستثمار الداخلي، وتوجيه الاقتصاد نحو الابتكار والاستدامة".

وذكر قندح من هذه الاستراتيجيات، إحلال المستوردات وتعزيز الإنتاج المحلي؛ من خلال تقليل الاعتماد على المستوردات وتعزيز الإنتاج المحلي، حيث يمكن للحكومة تبني سياسات تدعم الصناعات المحلية القادرة على توفير بدائل للسلع المستوردة، مبينا أن هذا يتطلب تقديم حوافز ضريبية وجمركية للشركات التي تستثمر في إنشاء مصانع جديدة أو توسيع قدراتها الإنتاجية.

وأضاف، يمكن العمل على تعزيز قدرات البحث والتطوير من خلال إنشاء مراكز متخصصة بالتعاون بين الجامعات والقطاع الخاص، لابتكار منتجات محلية تلبي احتياجات السوق، مؤكدا أنه على الحكومة إعادة توجيه الإنفاق الحكومي نحو شراء المنتجات المحلية، ما يشجع الطلب على الصناعات الوطنية.

وبين قندح أن من الإجراءات العاجلة أيضا، تحفيز أصحاب الأموال المودعة لدى البنوك للاستثمار، لاسيما أن تحفيز الاستثمار الداخلي يعتبر أحد الأسس الرئيسية لتنشيط الاقتصاد، موضحا أنه يمكن للبنوك بالتعاون مع الحكومة إطلاق حملات توعية تستهدف أصحاب الودائع الكبيرة، لتعريفهم بفرص الاستثمار المربحة في قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا، الصناعة، والزراعة، كما يمكن تقديم حوافز ضريبية وجمركية لأصحاب الأموال المودعة الذين يختارون الاستثمار في مشاريع جديدة توظف العمالة المحلية.

وتابع أنه يمكن إطلاق صندوق "التعافي الاقتصادي"، لتقديم دعم سريع وفعال للشركات المتضررة، ويمكن إنشاء صندوق مالي مخصص لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة المتضررة من الأزمة، بحيث يركز هذا الصندوق على تقديم قروض ميسرة وضمانات مالية للمشاريع التي تساهم في خلق فرص عمل جديدة، ما يساعد في تخفيف آثار الأزمة بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي.

وأضاف أن من الإجراءات المطلوبة أيضا، تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص لتعزيز النمو الاقتصادي، حيث أنه من الضروري تحفيز القطاع الخاص على زيادة توظيف العمالة المحلية من خلال تقديم حوافز ضريبية للشركات التي تلتزم بذلك، كما يمكن أيضاً تشجيع الشركات على الاستثمار في برامج تدريبية للشباب والنساء، ما يساهم في تخفيف البطالة وزيادة الطلب المحلي.

وشدد على ضرورة تسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية الخضراء، مبينا أن البنية التحتية تلعب دوراً حاسماً في دعم الاقتصاد، وهذا يتطلب البدء فوراً في مشاريع الطاقة المتجددة وتحلية المياه باستخدام التمويلات الدولية.

وأوضح قندح، ضرورة التركيز على تحفيز التجارة الإقليمية حيث يساهم في تنشيط الاقتصاد، ويمكن للأردن تعزيز التبادل التجاري مع دول مثل العراق والسعودية من خلال تسهيل حركة البضائع وخفض الرسوم الجمركية، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات ستساعد في زيادة صادرات الأردن وتوسيع نطاق الأسواق المستهدفة.

وبين الدكتور قندح، أنه لتلبية احتياجات سوق العمل، من الضروري إنشاء برامج تدريبية عاجلة تستهدف الشباب والنساء، تركز على مهارات مثل التكنولوجيا والصحة والخدمات، إلى جانب ذلك يمكن إجراء إصلاح شامل في نظام التعليم يركز على تجهيز الشباب بمهارات التفكير النقدي، الابتكار، والتعلم المستمر، ما يجعلهم أكثر استعداداً لمواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية.

وأوضح أن التحول الرقمي يمثل فرصة كبيرة لتحفيز الاقتصاد، ويمكن للحكومة دعم الشركات التي تستثمر في التحول الرقمي وتطوير التجارة الإلكترونية، ما يعزز من مرونة الاقتصاد في مواجهة الأزمات.

وأكد ضرورة تطوير القطاع الزراعي وتبني الزراعة الذكية؛ خاصة أن القطاع الزراعي يظل أساسياً لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، ويجب دعم الزراعة الذكية والزراعة المستدامة من خلال تقديم تمويل وتقنيات متقدمة للمزارعين، ما يزيد من الإنتاجية ويعزز من الأمن الغذائي المحلي.

ومن الإجراءات المطلوبة أيضا، تحفيز قطاع السياحة والخدمات الصحية المتقدمة من خلال إطلاق حملات ترويجية وحوافز لجذب السياحة الداخلية، مع تقديم تخفيضات على الإقامة والنقل، وفي مجال الخدمات الصحية، يمكن توسيع خدمات الرعاية الصحية المتخصصة عبر تبني التكنولوجيا الطبية الحديثة مثل الطبابة عن بُعد، والذكاء الاصطناعي في التشخيص، ما يجعل الأردن مركزاً إقليمياً للرعاية الصحية المتقدمة.

وأكد أنه من خلال هذه الإجراءات المتكاملة، يمكن للأردن أن يعزز من قدراته الاقتصادية ويتجاوز تبعات الأزمة الحالية، مع تحقيق نمو مستدام وشامل يعود بالنفع على جميع شرائح المجتمع.

من جانبها، قالت النائب الأسبق ريم بدران، إنه من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لتمكين الاقتصاد الوطني وتجاوز تبعات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مشددة على أهمية تسهيل الوصول إلى الائتمان من خلال تقديم خدمات مالية متطورة للأفراد والشركات، بالإضافة إلى إجراء تحليلات دورية لتقييم الأداء الاقتصادي وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تدخل عاجل.

وأضافت أن دعم مشاريع الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، يعد خطوة حيوية للحد من الاعتماد على المصادر التقليدية والمستوردة.

ودعت إلى إعادة النظر في سياسات الدعم ومراجعة وتحديث برامج الدعم الحكومي لتكون أكثر فعالية وتوجيهها نحو الفئات الأكثر احتياجًا، بالإضافة إلى تشجيع الإنتاج المحلي وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية.

وأكدت ضرورة تنشيط الأسواق المحلية عبر تنظيم حملات تسويقية لدعم المنتجات الوطنية وزيادة الوعي بأهمية شرائها، وإنشاء أسواق شعبية ومهرجانات تسوق محلية لتحفيز التجارة المحلية وجذب المستهلكين، إضافة إلى أهمية إطلاق مشاريع تنموية في المناطق الريفية والنائية لتحسين الظروف المعيشية ودعم الاقتصاد المحلي.

وفيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية، شددت على ضرورة دعم منصات التجارة الإلكترونية لتسهيل البيع والشراء عبر الإنترنت وتحسين شبكات الاتصالات والإنترنت، لتعزيز النمو الرقمي والتحول الإلكتروني في المملكة.

وأكدت بدران، أهمية دعم القطاعات الاقتصادية المتضررة، مثل النقل والخدمات اللوجستية وتقديم دعم مباشر لشركات النقل والشحن، لتعويض خسائرهم وضمان استمرارية العمل، إضافة إلى قطاع التجارة من خلال تخفيف الرسوم الجمركية والضرائب على السلع المستوردة والمصدرة لتعزيز الحركة التجارية.

ودعت إلى إنشاء صناديق تمويل مخصصة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المتضررة من العدوان، بالإضافة إلى توفير خدمات استشارية ودعم فني لأصحاب المشاريع لدعم استمرارية أعمالهم، مشيرة إلى أهمية تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وعقد اجتماعات مفتوحة مستمرة للتداول وإيجاد الحلول البناءة.

وركزت على ضرورة تعزيز القدرات التصديرية وفتح أسواق جديدة لتصدير المنتجات الأردنية من خلال الاتفاقيات التجارية والتعاون الدولي، إلى جانب تعزيز العلاقات الدولية والدبلوماسية الاقتصادية لفتح قنوات تجارية جديدة والحصول على دعم اقتصادي من الدول الصديقة، مؤكدة أهمية تعزيز الحوار والمشاركة المجتمعية لضمان التوافق الوطني ودعم الجهود التنموية.

بدورها، قالت الخبيرة في سلاسل التوريد العالمية الدكتورة مها الشيخ، إن العدوان الغاشم المتواصل على أهالي قطاع غزة سيترك تأثيرات طويلة الأمد وواضحة على الاقتصاد الوطني، مشيرة إلى أن قطاع التجارة يعاني من تراجع بنسبة 15 بالمئة، وفقًا لتقرير "مراقب الاقتصاد الأردني".

وأضافت أن هذا التراجع يظهر الاضطرابات في سلاسل التوريد وتأثيراتها السلبية على عمليات الاستيراد والتصدير، ما أضاف أعباء إضافية على الشركات الأردنية التي تواجه تحديات كبيرة في تأمين المواد الخام وإدارة تكاليف الإنتاج.

وأشارت الشيخ، إلى أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أدى إلى زيادة ملحوظة في أسعار السلع الأساسية بنسبة 10 بالمئة، جراء نقص الإمدادات وتعطل سلاسل التوريد، مبينة أن الشركات الأردنية تواجه صعوبات كبيرة في تأمين المواد الخام، ما يسهم بارتفاع تكاليف الإنتاج.

وبينت أنه يمكن مواجهة هذه التحديات من خلال تعزيز الاستقرار الاقتصادي المحلي عبر تنويع مصادر المواد الخام والطاقة، ما يقلل من تأثير النزاعات على سلاسل التوريد، بالإضافة إلى تطوير المعابر الحدودية وتسهيل حركة البضائع الأمر الذي يعد حيويًا لتحسين كفاءة سلاسل التوريد.

وذكرت أهمية العمل على تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، ما يسهم في مواجهة التحديات الإنسانية والاقتصادية بشكل أكثر فعالية، كما أن تشكيل تحالفات مع الدول المجاورة وتعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية يمكن أن يزيد من فعالية سلاسل التوريد بنسبة تصل إلى 30 بالمئة، وفقًا لدراسة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD).

ولفتت إلى أن تحسين الأمن الغذائي والمائي يعد من الأولويات المهمة للأردن في ظل تأثيرات العدوان على أهالي القطاع، بالإضافة إلى أن دعم الزراعة المحلية والمشاريع الريفية يمكن أن يقلل من انعدام الأمن الغذائي بنسبة تصل إلى 20 بالمئة، بحسب دراسة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).

وبينت الشيخ، أن تحسين القدرات الإنسانية والصحية في الأردن يتطلب استثمارات في البنية التحتية الصحية وزيادة التنسيق مع المنظمات الإنسانية، مؤكدة أن مواجهة تأثيرات العدوان على أهالي غزة يتطلب استراتيجية شاملة، تركز على تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتطوير البنية التحتية وتعزيز التعاون الدولي وتحسين الأمن الغذائي والصحي في الأردن، لضمان استدامة النمو الاقتصادي.

-- (بترا)