إبراهيم أبو حويله يكتب:القطيع الحائر ...
القطيع الحائر ...
يجب على هذه الجماهير حسب لجنة كريل ومخرجاتها ( لجنة شكلت في الولايات المتحدة بداية هذا القرن ) ، الجلوس امام التلفاز والإقرار بما يملي عليهم ، ويجب عليهم الحرص على تأييد الشعارات العامة ، وليس مناقشة السياسات ، والحرص على شراء أكبر قدر من السلع ، وأن يكونوا وإن لم يقدروا مثل الطبقة الغنية ، هذا يجب ان يكون هدفهم فقط ، لا تفكر لا تحلل ولا تسعى خلف المعلومة ، نحن نؤمن لك هذه المعلومات وعليك فقط أن تسمع .
القطيع الحائر او الضال ، هم المجتمع الذي يجب أن يقاد وفق تصنيع الإجماع أو صناعة الديموقراطية ، وهم تماما مثل طفل في الثالثة من عمره ، وفق رأي صناع الديموقراطية .
ولذلك شخصيا تزعجني المسميات التي تحرف القضايا عن مسارها ، وأفضل المسميات التي تعزز الهدف الأسمى والأصلي ( تحرير فلسطين ) سمها جبهة أو مقاومة أو جماعة المهم هدفها الرسمي هو تحرير فلسطين ، هكذا تزرع في وجدان الجميع أن القضية ليست بين فصيل ودولة ، ولكن بين إحتلال ومقاومة .
نخبة قليلة تستطيع فهم المصالح العامة وتحديد الأمور التي تعنينا جميعا بعد ذلك ، والمصالح العامة كفيلة بخداع الرأي العام غالبا، ولا يمكن فهمها من قبل العامة بل تحتاج إلى النخب .
وهذه النخب قد تنحرف تحت ضغط القوى الدولية أو الإستعمارية ، ولذلك يجب أن تكون القضايا واضحة ، والإبعاد أكثر وضحا للجميع حتى لا تقع النخب تحت ضعط تمرير ما لا تريد تمريره ، وحتى لا يتم إستغفال الشعوب .
قالها لينين قبل ذلك ، يجب دفع الدهماء للإنخراط في ثورات ، لتأتي بالنخبة الى الحكم ، وبعد ذلك دفع هذه الجماهير (الدهماء) نحو مستقبل غير قادرين على فهمه ، عندها تنحاز الدهماء للقوة ، بحيث لا تشعر بالسيطرة ولكن تخضع لها بدون وعي ولا إدراك ، عندها يا سيد لينين من السهل خداع الشعوب من قبل النخب .
قال ليتمان: تصنيع الإجماع أو تضليل الإجماع .
وحقيقة لا أرى فرق بينهما فمجموع البشر التي تسير على شكل قطعان خلف اصحاب المصالح أو أصحاب السياسة ، وما حدث عبر التاريخ هو هذه الصورة من الإجماع المضلل او الإجماع المصنع .
وقد كان الإعلاميون والساسة مهرة في تضليل الشعوب ، بحيث سارت الشعوب بوعي منها أو بدون وعى منها عكس مصالحها وحققت أهداف أعدائها .
وهنا تقف مع المصطلحات التي تطلقها الدوائر الرسمية الغربية أو الإعلامية الغربية ، وحتى الساسة في الغرب يستخدمون هذه المصطلحات من اجل التضليل .
المعركة هي بين دولة رسمية معترف بها من الأمم المتحدة ( التابعة لهم طبعا ) وبين فصيل إرهابي منشق متطرف يسعى لزعزعة الأمن والخروج عن القانون ويطبق بوحشية مفرطة سياسة إرهابية هي ح م اس .
وليس صراعا بين شعب يملك أرض وإحتلال يسعى لإزالته من الأرض ، ويمارس كل السبل في سبيل قمع هذا الشعب وسلب حريته وأرضه وأملاكه وحقه في الحياة والتعليم والصحة ، ويقتل بكل إجرام الأطفال والنساء والكبار والمدنية والحضارة بكل السبل وبأموال وأسلحة غربية .
صناع الديموقراطية للأسف لا يريدون أن تكون الشعوب واعية ، ويسعون لتضليلها بأي شكل وبكل السبل المتاحة ، وهذا ما حدث في المواجهة الإخيرة بين قوى العالم الغربي بقيادة الولايات المتحدة وبين المقاومة في فلسطين .
فالشعوب الغربية تسأل لماذا هذه الحرب ومن هو المستفيد ، ولماذا يتم دعم هذا الكيان بكل هذه الإسلحة والأموال مجانا ، ولماذا لا تنفق هذه الأموال على المشاكل المحلية من صحة وسكن وبنى تحتية ، وتامين حلول للمشردين .
ولماذا يعيش مواطن هذا الكيان حياة رغيدة على حساب هذه الشعوب ، وكل هذه الإسئلة لم تكن لتخلق في وعي هذه الشعوب لو بقيت الألة الإعلامية الغربية والسياسية هي المسيطرة ، وهي مكان صناعة الخبر وتوجيه العقل الجمعي لهذا القطيع ، ولبقي هذا القطيع سائرا في تلك المؤامرة التي صنعتها الدوائر السياسية والإعلامية بضرورة دعم هذا الكيان المسكين ، الذي يواجه إرهابا وتطرفا ويدافع عن حرية الغرب وحريته ويضحى في سبيل ذلك بكل شيء .
لكن الحقيقة كشفتها مواقع التواصل ولم تستطع آلة الإعلام الغربي الرسمية ولا الدوائر الرسمية من تزيفيها وإخفائها كما كانت تفعل سابقا .
فقد كانت مسيطرة تماما على العقل العام الغربي عن طريق صناعة الخبر والمفهوم والكلمات وابعاد هذه الكلمات بحيث تغرس في المشاهد المحلي والغربي ما تريده تماما .
وهو شيطنة المقاومة وإعطاء السلطة والقانون للمحتل ، بعد ان فقدت السلطات الغربية الهراوة التي كانت الدولة الشاملة تستخدمها للسيطرة على الجماهير ، ركزت كل قوتها على الإعلام والمصطلحات والتعابير والكلمات لتبقى الجماهير ضمن السيطرة .
أعراض فيتنام ، وهي قدرة الجماهير على تنظيم نفسها والوصول إلى نتائج تخالف ما يريده من يوجه القطيع عبر الإعلام والوسائل الإخرى ، التي تجعل القطيع في خوف دائم من الذئب المفترض أو العدو الغائب ، وسعي للوصول إلى عدم الوصول إلى تلك المساحة التي يقدر فيها الجمهور على التفكير والتحليل ، فهذا ليس من شأنه وليس هو عمله ، وعلى الجماهير او القطيع فقط إحترام القيم العسكرية ، كما أشارت لذلك واشنطن بوست خلال حرب الخليج .
مثلا الذين قتلوا في فيتنام رسميا حوالي مليونين وهو فعليا يتجاوز ثلاثة ملايين ، وبينما الذين قتلوا في الم ح رقة حسب نعوم تشاومسكي لا يتجاوز ثلاثمائة ألف ، ولكن الإعلام جعل هذه جريمة لا تغتفر بينما قتل أكثر من ثلاثة ملايين إنسان جريمة فيها نظر .
شكرا نعوم تشاومسكي فحقا المقارنة بينك وبين هنري كيسنجر هي مقارنة بين إنسان وصانع إجرام ، ليس مجرم فقط مع أنكما تشتركان في الديانة وتختلفان في كل شيء .
فمن يجعل الدول تسعى خلف السيطرة والإنقلابات ، ويكون سببا في قتل ملايين البشر في سبيل إحكام سيطرة هنا أو تفويت حرية هناك ، أو خلق إنقلاب للسيطرة على الشعوب الحرة .
وكل ذلك في سبيل إحكام سيطرة الغرب على العالم هو شريك بكل هذه الجرائم ضد الشعوب وضد الحرية وضد الإنسانية .
إبراهيم أبو حويله ...