د. حازم قشوع يكتب:ما بين قرطاج والقيروان هنالك تونس !
ما بين قرطاج والقيروان هنالك تونس !
د. حازم قشوع
تونس ابن عاشور وابن عرفة وابن خلدون تونس أبي زيد القيرواني بلد عقبة بن نافع هي عاصمة الاغالبة من حيث قرطاج، عندما اتسعت جغرافيتها لتشمل البحر المتوسط بضفتيه بقيادة حنبعل الذى راح يقاتل جيش روما في عقر دارهم في معركة استمرت 15 عام، وان كان خسرها في النهاية لتعود تونس من جديد فى اطار القيروان وتقدم علومها الى الأمة العربية في الهندسة حيث راحت أروى القيروانية تصمم بغداد المنصور كما اشتهرت بعلوم الطب والصيدلة ومازالت تميز تونس عن غيرها من المجتمعات.
كما ازدهرت العلوم المعرفية من باب الخيمياء والليماء والعلوم الأخرى التي حملتها تونس المعرفة لتشكل بوابة افريقيه بعنوان الحضارة العربية، حيث راحت تدمج بلد القيروان "اصاله موروث النخيل ببركة نور الزيتون" لصناعة حالة معرفية لا يعرفها إلا من وقف على "باب بحر" ليرى عمق الموروث التونسي وتاريخ حضارة القيروان العريقة، وهو ما يمكن رؤيته عند كل مدخل مدينة تزورها حيث "بنزرت ونابلي وصفاقس وسوسة ومنستير والمهدية ومساكن والقيروان وقرطاج" جميعها جاءت بألوان ثقافيه متنوعه تحوى حالة إبداعية مغايرة عن تلك التي تحويها غيرها.
لتشكل فى جملة المطاف فسيفساء المكون العربي والحضارى التونسي، وهذا ما ينعكس على الثقافه الوطنيه التونسيه كما على الحياة العامة فى تونس، ويؤكد دائما للمنخرط فى النقاش مع اهل تونس مقدار تميزهم بالثقافة والمعرفة ويعكس تعلقهم بعروبة واصاله اللسان بالمنطوق الثقافي الذي يتمتعون به أهل قرطاج رغم محاولة تغريبهم بالثقافة الاستعمارية، الا ان ارادة اهل تونس انتصر على كل هؤلاء وراحت تقدم الموروث العربي بحلة تونسية جامعة راحت تميز تونس و يمتاز بها الشعب التونسي في حياته المعيشية كما حياته العامه.
هذا ما يمكن مشاهدته بكيفية نصرة تونس للقضية الفلسطينية التي لا يخلو شارع الا ترى فيه العلم الفلسطيني، ولا مقهى الا وان ينصب الحديث فيه حول فلسطين مع متابعة يومية لكل مجريات الأحداث وهو ما يمكن ايضا رؤيته عبر شبكة التلفزة التونسية وهي تضع العلم الفلسطيني بجانب العلم التونسي على شاشتها وهي الحاضنة الشعبية والأهلية التي شكلت حاضنة لبيت القرار الرسمي التونسي من أجل دعم حرية فلسطين ودعم حالة تقرير مصيرها، وهو ما يؤكد عن مدى تعلق المجتمع التونسي المثقف والواعي بقضية العرب المركزية يدل دلالة واضحة على عمق الثقافة التونسية واصاله محتواها العربي التليد، وهو ما جعل من الأردن يرفع نظام التأشيرة ويدخل الاردني لتونس دون تأشيرة دخول وكأنه لم يخرج من بلده وقد حرص على تعزيز محتواه الملك عبدالله الثاني والرئيس قيس سعيد عندما ذهبا لتأكيد محتواه التشاركي برفع كل القيود أمام الحركة السياحية بين البلدين.
لعل تونس وهى تتمتع بكل هذه الصفات التاريخية والأماكن والتضاريس المتنوعة اضافة للنظام السياسي الأمن الذي يتمتع به مجتمعها، فإنها تعتبر واحدة من الدول التي تمتلك كل مقومات عوامل النجاح وهى حكما في طريقها لتحقيق ذلك بالعودة الى المكانة التى تستحقها بين الدول القادرة على النهوض ومواصلة مسيرة قرطاج التاريخية وذلك بتجاوز التحديات الاقتصاديه والمعيشيه بعودة الاستثمارات اليها بما يعيد روافد الاستثمارات الى شريان اقتصادها وهي تخوض غمار محاربة الفساد عبر برنامج إصلاحي طموح يستهدف عودة تونس لمكانتها الطبيعية التى تستحقها على ضفتي المتوسط فما بين حضارة واصالة قرطاج من بعد القيروان لا يوجد سوى تونس !