مروان العمد يكتب :ديمقراطية إسرائيلية وارهاب فلسطيني / ١٠


في حديثي عن الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين منذ البداية ، وحتى السابع من اكتوبر عام 2023 ، تحدثت عن ما تعرضت له الضفة الغربية وقطاع غزة على يد الديمقراطية الإسرائيلية ، الا ان هناك امورا تخص قطاع غزة تحديدا وهي .
اولا - مطار غزة / كان اتفاق اوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية والذي نتج عنه قيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 . ينص على إنشاء مطار جوي في قطاع غزة . وقد تم إنشاء هذا المطار بتمويل من اليابان ومصر والسعودية والمانيا . وقد تم تصميمه على يد معماريين مغاربة ليكون شبيهاً لمطار الدار البيضاء ، وتم توأمته مع هذا المطار . وكان هذا المطار قادراً على نقل 700000 مسافر سنويا ، و العمل على مدار ايام السنة ، ويتكون المطار من تسعة عشر مبنى ، ومدرج طولة 3076 متراً ، وقد افتتح هذا المطار عام 1998 بعد مفاوضات طويلة مع إسرائيل ، وفي احتفال حضره الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات ، والرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون والذي هبطت طائرته بهذا المطار ، وكان هو المطار الوحيد في منطقة السلطة الوطنية الفلسطينية ، بالرغم من انه كان تحت السيطرة الامنية الاسرائيلية ، حيث كان حراس امن إسرائيليين مسؤولين عن الإجراءات الامنية ، بما فيها مراقبة الجوازات ، وفحص الامتعة ، والموافقة المسبقة على قوائم الركاب ، وتم حظر الرحلات اليه من المطارات المعادية لإسرائيل ، الا انه ورغم ذلك كان متنفساً لسكان القطاع للسفر الى الخارج . حيث وخلال فترة سنتين هي عمره تم استعماله من قبل 100000 مسافر . ولكن هذا المطار توقف عن العمل عام 2000 مع انطلاق الانتفاضة الاولى ، وفي ديسمبر 2001 الحق به الجيش الإسرائيلي دماراً فادحاً ، حيث دمر محطة الرادار والمدرج بالجرافات ، وفي اثناء حرب لبنان عام 2006 تعرض هذا المطار لقصف إسرائيلي ، وتم تدميره ، وفيما بعد تم تجريفه بكامل محتوياته . وقد دانت منظمة الطيران المدني الدولي إسرائيل لقيامها بذلك ، بالرغم من الاعتراضات الامريكية على الادانة . وكان من المفروض ان تعيد إسرائيل بنائه ، الا انها لم تفعل ذلك ، بالرغم من انه كان المنفذ الوحيد للقطاع على العالم ، وكان وسيلة التواصل بين سكان القطاع واقاربهم في مختلف دول العالم . و بتدميره امتد الحصار على قطاع غزة ليشمل الحصار الجوي
ثانيا - معبر رفح الحدودي / بالرغم من انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة من طرف واحد عام 2005 ، واخلائها المستوطنات التي فيه ، الا انها ظلت تنفذ عمليات عسكرية فيه بين الحين والآخر . بعضها عمليات اغتيال لقيادات التنظيمات الفلسطينية ، وبعضها للبحث عن أسراها في القطاع ، وخاصة الجندي جلعاد شاليط ، الذي تم اسره في يونيو / حزيران عام 2006 . وبعد ان اعلنت حركة حماس سيطرتها على قطاع غزة قي يونيو / حزيران عام 2007 ، اعلنت إسرائيل ان قطاع غزة كياناً معادياً ، وذلك في سبتمبر / ايلول عام 2007 . وفي أكتوبر / تشرين الاول من نفس العام فرضت عليه حصاراً برياً من جوانبه الاربعة ، بما فيها من الجانب المصري ، وتضمن ذلك غلاق معبر رفح ، والذي كان يدار بادارة مصرية فلسطينية مشتركة و مراقبة من قبل مراقبين اوروبيين بموجب اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية ، وذلك نتيجة انسحاب عناصر السلطة منه ، والذين حل محلهم عناصر من حماس ، ورفض المراقبين الاوربيين القيام باعمال الرقابة بوجود عناصر حماس ، وانسحابهم من المعبر ، ورفض إسرائيل اعادة فتحه ، الا بعد انسحاب عناصر حماس منه ، وعودة عناصر السلطة اليه ، و عودة المراقبين الاوروبيين . وبذلك فقد تم اغلاق هذا المعبر ، الا للحالات الانسانية والضرورية . وحال ذلك دون حركة المسافرين ، ودخول المواد الاساسية والمساعدات للقطاع . لتكتمل بذلك حلقة الحصار البري على قطاع غزة ، مما فتح المجال لاستخدام الانفاق مابين غزة وصحراء سيناء لادخال البضائع ، بما فيها السيارات الى غزة ، بالاضافة الى تنقل الافراد الى خارج القطاع من خلالها . الى ان تم اغلاق هذه الانفاق واغراقها بالمياه من قبل الجانب المصري ، بحجة قطع التواصل ما بين حماس والتنظيمات المسلحة التي كانت تنشط في سيناء وتهاجم الاهداف العسكرية المصرية فيها ، مثل تنظيم انصار بيت المقدس والذي تحول فيما بعد ليصبح تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش / ولاية سيناء ).
ثالثاً - ميناء غزة ، كان يوجد في غزة ميناء قديم يعود الى الفترة الرومانية ، ولكنه زال واندثر وبقي فيها ميناء للصيادين . وعندما سقط قطاع غزة بيد سلطات الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 منعت الصيادين من تجاوز ستة اميال عن الشاطئ ، وتم تنزيلها فيما بعد الى ثلاثة اميال . الا انه بقي منفذا لقطاع غزة على البحر الابيض المتوسط ، و الطريق الوحيد لكسر الحصار عليه من خلال قوافل التضامن مع غزة ، والتي لم ينجح معظمها من الدخول للميناء . حتى ان سلطات الاحتلال كثيرا ما كانت تعتدي على الصيادين الفلسطينيين ، وتطلق النار عليهم ، وتمنعهم من الصيد . و بذلك كانت تغلق المنافذ البحري لغزة ليكتمل طوق الحصار الإسرائيلي عليها . الا ان مياهه ولمسافة ثلاثة اميال ظلّ مصدر رزق للصيادين ، ومصدر طعام للغزاويين . الا انه في الاحداث الحالية تم تدمير هذا الميناء تدميراً كاملاً بما فيه مراكب الصيادين والمنشآت المقامة على الشاطئ ، كما سيلي ذكره
رابعاً / الجدار الحديدي / استكمالا لحصار قطاع غزة ، فقد باشرت السلطات الإسرائيلية في بناء سور ضخم تحت الارض وفوق الارض يحيط بقطاع غزة .وقد استغرق بناء هذا السور اكثر من ثلاث سنوات ، وبكلفة بلغت 3.5 مليار شيكل ( 1.1 مليار دولار ) . وانتهى بنائه في عام 2021 . وشارك في بنائه 1200 عامل . وتم استخدام حوالي 140 الف طن من الحديد والصلب . وتمت إزالة ما يصل ألى 330 الف حمولة شاحنة من الرمال والصخور ، واستخدام مليوني متر مكعب من الخرسانة والحديد . وقال بيني غانتس وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت انه يضع جداراً حديدياً بين حماس وسكان جنوب إسرائيل . وقال ايضاً ان هذا الحاجز هو مشروع تكنولوجي من الدرجة الاولى ، يحرم حماس من القدرات التي حاولت تطويرها . ويتصدى للأنفاق التي استخدمتها حماس في حرب غزة. عام 2014 . ويبلغ طول الجدار 65 كم ، ويمتد إلى البحر من اجل ضمان عدم قيام الفصائل المسلحة من حفر انفاق تحت الماء . وقالت وزارة الدفاع ان الجدار الذكي يضم مئات الكاميرات والرادارات واجهزة الاستشعار . ويتكون من عدة مكونات : جدار خرساني مقوى تحت الارض بعمق عشرة امتار ، مرصع بأجهزة استشعار للكشف عن الانفاق ، وسياج فولاذي فوق الارض بارتفاع ستة امتار ،. وشبكة من الرادارات ، واسلحة يتم التحكم فيها عن بعد ، بالاضافة الى ابراج مراقبة وكثبان رملية ، ودوريات راجلة ومتحركة على امتداده طول الوقت . وبهذا اعتبر قطاع غزة اكبر سجن مفتوح في العالم ، بداخلة 2 . 2 مليون انسان ولمدة تتجاوز السبعة عشر عاماً، فرضته إسرائيل على حركة الافراد والبضائع من وإلى القطاع براً وبحرًا وجواً ، الا من خلال معابر محددة تسيطر عليها ، ولا تسمح لاي شيئ او شخص ان يعبر منها الى بموافقتها ، وكثيراً ما كانت تفرض عليها الاغلاق الكامل .
يتبع
مروان العمد