للنصر طريق ...

إبراهيم أبو حويله


حركة الحياة الإيجابية هي التي تحدث فرقا ، فالشجرة لن تزرع نفسها ، والصناعة لن تتطور من تلقاء نفسها والحركة التجارية المرتبطة بمصالح خارجية ستبقى مرتبطة بمصالح خارجية ، وسببا في إنتعاش فئة بسيطة هنا ولكنها تصب في مصلحة دول أخرى ، وعندما تقف فتاة في السابعة من عمرها وتسأل عن الحلوى التي تحملها هل هي من ضمن المقاطقة أم لا فهذا أمر كبير ، عندما يستيقظ شاب لم يكن يصلي الفرض أصلا ، قبل صلاة الفجر بساعات ويذهب هو وأصدقاؤه إلى المسجد ليصلوا صلاة قيام الليل من أجل غزة ، وقد كان همهم قبل هذه الأحداث سهرة في هنا أو هناك ، وهو لا يربطه بغزة دم ولا مكان ولكن يربطه جوهر العقيدة فهذا أمر كبير .


ولكنك يجب أن تسير في طريق النصر الذي يبدأ بأن يفهم الإنسان ما يجب عليه القيام به ، وأن يقوم بواجباته تجاه أمته ويعد نفسه الإعداد السليم ، هذا الإعداد طويل ولكنه ليس مستحيلا ، فهذا الجيل الذي يذيق العدو الخسف ويضربه بقوة ويقاوم بشرف رغم كل هذه الخسائر الهائلة التي يتعرض لها . هو من الجيل الذي تم إعداده سنوات طوال تدريبا وعقيدة وصقلا لأخلاقه ، وكلنا رأينا هذه الأخلاق التي أصبح يضرب بها المثل .

كما أن للحرب خسائر غير مقصودة ونيران صديقة وأضرار جانبية وكل ذلك في الساحة الحربية ، يبدو أن أن هذه الحرب ستكون لها الكثير من القضايا المرتبطة بها وهي لم تكن مقصودة لذاتها ، ويبدو أن هذا الجيل يختلف قليلا عما كنّا عليه سابقا.



لن تخرج اليوم من المقهى إلى المسجد لتحقق النصر غدا.

لن يتحقق نصر سريع ، ولن تكون هذه الجولة هي الإخيرة ، وقد تحدث بعدها جولات أشد وأقسى منها ، وهذه يجب توقعها والتعامل معها ، العاطفة الزائدة ، قد تجعل فتى في العاشرة يحمل سلاحا أبيضا ويخرج متوجها إلى الحدود أو السفارة ، أو حتى إلى إبناء الوطن من الذين يحمونه ويحمون مقدراته وهذا حدث ، وهذا ما لا نريده .


لا أدري هل ننسى سريعا أم الحياة التي تلقي بثقلها علينا جعلتنا نتجاوز عن كثير من الأمور والتي من الممكن لو قمنا بها سابقا لكان تغير الحال ، ولكن كما نعلم كلنا بأن التغيير مرتبط تماما بتغيير تلك الأمور المتصلة بالحياة بشكل مباشر ، وبحركة الحياة اليومية ، ونحن لا نغير ما تعودنا عليه ، ولكن نريد للأمور أن تتغير ، وهذا لن يحدث ، فلو قلت مائة مرة للحجر تحرك من مكانك فإنه سيبقى في مكانه ، ولو دعوت مائة سنة على على هذا العدو الذي إحتل الأرض وسرقها بدون القيام بما يجب لإخراج هذه الفئة تحديدا من هذه الأرض فلن تخرج ، وحركتك هي التي تغير مكان الحجر أو تخرج العدو من المكان الذي سرقه .


نعم يجب أن تقوم فئة من الخبراء والحكماء والعقلاء بتوجيه هذه الظاهرة ، وإستغلالها لما فيه منفعة هذه الفئة أولا ومصلحة الأمة ثانيا ، نحن لا نخشى هذه الجذوة في نفوسهم ولا نخاف منها ، فقد كانت سببا في التسعينات القرن الماضي وما بعدها في عودة الكثير من الشباب إلى جادة الصواب ، ولكن نخشى من الإندفاع الزائد الغير الموجه ، ونخشى من بعض الأنفس المريضة التي تريد أن تحدث شرخا في الأمة وتشكك في الأخر بدون دليل وتسعى لخلق فتنة ، بدل أن توجه هذه الطاقة لتكون طاقة إيجابية في مصلحة الجميع ومصلحتها أولا ومصلحة الأمة ثانيا.

هذه الطاقة من الممكن ان تحدث فرقا على مستوى الأمة إذا تم توجيهها التوجيه السليم ، وهؤلاء الشباب بحاجة إلى برنامج متكامل يتم تناول حقيقة الصراع وما هي الأمور التي من الممكن القيام بها ، وما هو الدور المطلوب ، وكيفية الخروج من هذه الأزمة الحضارية والثقافية للأمة ، وأن الأمر لا يرتبط بالعاطفة والإندفاع فقط ، وهذه الطاقة الدافعة مطلوبة ، ولكن يجب أن يتم التعامل معها بشكل سليم ، وإلا كانت سببا في إحباط البعض .

والذي نريده هو أن تكون هذه العاطفة طريقا للخروج من الازمة وليست سببا في حدوث أزمة ، بعض التجيش يذهب في غير مكانه ، والبعض للأسف تأخذه العاطفة المتفجرة فينطلق غاضبا في حدة في الموقف والكلمات ، ويحمل من أمامه وزر ما حدث وأنهم السبب وأنهم يجب أن يتحركوا ، وبدون أن يبين لهم ما يجب القيام به ، وكيفية الخروج من هذه الأزمة ، فيخلق أزمة بدل أن يستغل الحدث ليوجه أمة إلى الطريق الخروج .

أنا أؤمن بأن الإنسان إذا أراد النصر فلا بد أن يستجيب القدر ، وهذا إيمان حسب فهمي يتفق مع العقيدة ، فمن يريد النصر يسعى له ، ويربي جيلا له ، ويأخذ بالأسباب له .

ولكنك يجب أن تسير في طريق النصر الذي يبدأ بأن يفهم الإنسان ما يجب عليه القيام به ، وأن يقوم بواجباته تجاه أمته ويعد نفسه الإعداد السليم ، هذا الإعداد طويل ولكنه ليس مستحيلا ، فهذا الجيل الذي يذيق العدو الخسف ويضربه بقوة ويقاوم بشرف رغم كل هذه الخسائر الهائلة التي يتعرض لها . هو من الجيل الذي تم إعداده سنوات طوال تدريبا وعقيدة وصقلا لأخلاقه ، وكلنا رأينا هذه الأخلاق التي أصبح يضرب بها المثل .