الخوالدة: الوضع المالي للدولة يحكم سياساتها!
قال الدكتور خليف احمد الخوالدة تشير بيانات المالية العامة للدولة المنشورة إلى وضع مالي صعب للغاية حيث الارتفاع الكبير في قيمة الدين العام فقد وصلت ما يقارب ٤٣ مليار دينار وفوائد الدين السنوية ٢ مليار دينار والعجز السنوي يقارب ٣ مليار دينار منها ٢ مليار و ٧٠ مليون دينار عجز الموازنة و ٨٨٠ مليون دينار عجز موازنات الوحدات الحكومية. بكل تأكيد ديون صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي التي قاربت ٩ مليار دينار وربما تجاوزت واجبة السداد فهي اموال مشتركين من مختلف مستوى شرائح الدخل ولتغطية الالتزامات التقاعدية، لاشك في أن الوضع المالي لأي دولة يحكم سياساتها، فهناك سياسات لفترات الرخاء وسياسات لفترات الشدة. في ظل هذه التحديات الجسيمة التي لابد من معالجتها ولا يصح التغاضي عنها ابدا، لابد من طرح جملة تساؤلات على المسؤولين:
أولا: هل هناك جدوى وضرورة من رصد ما يزيد عن ثلث مليار دينار اردني في الموازنة العامة لخطة التحديث الاقتصادي؟ إذا ما أخذنا ما رصد لها في الموازنة العامة لعام ٢٠٢٤ والبالغ ٣٤٩ مليون دينار وما رصد لها في موازنات الوحدات الحكومية والبالغ ١٣٥ مليون دينار وما خصص لها من المنح الخارجية والبالغ ٢٥٠ مليون دينار، سيصل المبلغ الاجمالي المخصص لها ٧٣٤ مليون دينار. أي أكثر من ثلاثة أرباع المليار. والسؤال هل الاوضاع المالية للدولة تسمح بهكذا تخصيص؟ وعلى ماذا تنفق هذه المبالغ الضخمة في ظل هكذا ضائقة مالية؟ وما هي النتائج المتوقعة؟ وهل لها مؤشرات محددة ذات مستويات مستهدفة معلنة مسبقا؟ وما هي القيمة المضافة المتوقعة على الاقتصاد؟ بمعنى لابد أن يتجاوز التحسن في الاقتصاد اضعاف هذا الرقم وإلا اعتبرت هذه النفقات تكلفة غارقة عديمة الجدوى.
ثانيا: هل لو تم تخفيض الضرائب والرسوم بربع هذه القيمة هل ستكون النتيجة أفضل؟ وهل القطاع الخاص بحاجة إلى بيئة أعمال محفزة تمكنه من الانجاز في ظل منافسة على اشدها أم يحتاج لقوالب ووصفات جاهزة ليعمل ضمنها؟
ثالثا: اُنفقت مبالغ ضخمة على خطتي التحديث الاقتصادي والاداري خلال العامين الماضيين، هل لنا أن نعرف أبرز إنجازاتهما تحديدا (وعلى الأقل ثلاثة أمثلة تستحق الذكر لكل خطة)؟ بعيدا عن الصياغات العامة المبهمة التي لا تتعدى القول "تحققت معظم المؤشرات المستهدفة".
رابعا: ما الذي دفع الحكومة لتعيين عدد من الأشخاص في رئاسة الوزراء وتحديد رواتبهم وتوقيع عقودهم خارج رئاسة الوزراء والحكومة ككا. كان بإمكان الحكومة إذا كانت بحاجة ماسة لخبراتهم أن تعينهم لديها وتدفع رواتبهم - مهما علت - من رئاسة الوزراء ما دام تمتلك مبررات لتعيينهم وارتفاع رواتبهم. ألم يكن من الأفضل عدم زج أي جهة بهكذا أمور؟
خامسا: هل من مبررات موضوعية للتوسع في هيكل الجهاز الحكومي؟ ولماذا التوسع في عدد القيادات العليا في الوزارات؟ وهل كل الوزارات تحتاج لأكثر من أمين عام واحد؟ وهل انعكس وجود أكثر من أمين عام في الوزارة الواحدة ايجابا على اداء الوزراة وهل كان في ذلك مصلحة للعمل؟ وهل كل الهيئات تحتاج لمجالس؟
سادسا: هل من دوافع وجيهة للتوسع في بند المكافآت؟ ولمن اراد التفاصيل الاطلاع على بند المكافآت في موازنات السنوات الاخيرة وحساباتها الختامية.
سابعا: لماذا تم دمج قانون الموازنة العامة مع قانون موازنات الوحدات الحكومية ما دام الأمر بقي باب للموازنة العامة وباب آخر لموازنات الوحدات الحكومية؟ هل كان لهذا التجميع في كتيب واحد غاية؟ وهل تحققت؟
ثامنا: أليس من الأفضل فصل موازنة وزارة المالية كوزارة (مثل أي وزارة) عن بنود النفقات والايرادات العامة التي تتعلق بالدولة ككل؟ بمعنى ادراج النفقات والايرادات العامة في فصل مستقل "عام" غير فصل وزارة المالية.
تاسعا: هل تقوم الحكومة بتسديد الاقساط المستحقة لصندوق اموال الضمان الاجتماعي من مصادر تمويل أخرى أم بأخذ قروض جديدة من الصندوق نفسه؟ هل لدى الحكومة مصادر تمويل لتسديد مليارات صندوق الضمان؟ كيف للمؤسسة أن تتدبر الأمر عندما تزداد الالتزامات التقاعدية بشكل يفوق الاشتراكات؟ كيف لها أن تدفع الرواتب الشهرية للمتقاعدين من مختلف القطاعات؟ أليس من الأفضل إخراج منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من مظلة الضمان الاجتماعي وأن يكون لهم صندوق تقاعد مستقل كضرورة أمنية؟
عاشرا: هل ستتحقق الغاية من التحديث السياسي إذا لم يتغير نمط تفكير القيادات الرئيسية في بعض الأحزاب ونظرتها للعمل الحزبي.
وأخيرا، هذه التساؤلات لا اطرحها ترفا ولكنها بلا ادنى شك تشغل بال كل مواطن. لذا، أرى ضرورة وقوف المسؤول عند كل واحدة منها واتخاذ ما يلزم من إجراءات تصويبية فعلية حيالها.