الهدنة المرتقبة واسرار جولة بلينكن واسباب استثناء عمان
المعشر يقصف الجبهة الاسرائيلية وسط اصوات تطالب الاردن بالتراجع قليلا
عمان تريد هدفا واضحا لانهاء الحرب وبرنامجا زمنيا لتنفيذه
الأنباط - قصي ادهم
في اللحظة التي يبدا وزير الخارجية الاميركي بلينكن جولته في المنطقة, لدفع مشروع الهدنة الى الامام, تأخر الرد الحمساوي على المشروع, تعلو اصوات كثيرة متسائلة عن سر غياب العاصمة عمان عن جولة وزير الخارجية الاميركي, الذي اقترح عليه الرئيس الفلسطيني في بواكير الحرب, اقامة دائمة او امتلاك سكن فيها, وامام استثناء عمان من الزيارة, لاسباب يبدو انها متعلقة بالموقف الاردني الحاسم من ضرورة انهاء الحرب والدخول في مفاوضات محددة الاهداف مسبقا وبجدول زمني واضح, تقرأ الانباط المشهد من خلال طرحين متباينين, يرى احدهما ضرورة تحديد مسافة امان مع الحرب على غزة, فيما يقرأ الطرف الاخر المشهد بعين ضرورة الانغماس فيه بوصفه مصلحة عليا للاردن,
جازف نائب رئيس الوزراء الاردني الاسبق مروان المعشر, بتقديم دراسة ثقيلة العيار قرأ فيها مشروعية الحلول المطروحة, لليوم الاول لما بعد الحرب على غزة, مؤكدا, ان المطلوب او الاساس ان نبدأ بقراءة خطوات الوصول الى اليوم الاول وليس ما بعد اليوم الاول, فما قبل اليوم الاول اكثر خطورة كما يقول المعشر, وكأنه يرى ان قصورا في النظرة الدولية يحكم المشهد برمته, وفشل المطروح يعني ان تتجه المنطقة الى انعطافة حادة, تؤكدها نتائج استطلاع جرى مؤخرا في الضفة الغربية وقطاع غزة قالت ان 64% من الفلسطينيين يؤيدون الكفاح المسلح, وهي نسبة لم تتحقق في بواكير الثورة الفلسطينية وعنفوانها.
المعشر الذي يشغل اليوم منصبا رفيعا - نائب رئيس شؤون الدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي – قدم مطالعة طويلة في ورقة تقدير موقف, تستحق الاعتماد كمرجعية لكل ياسي او راغب في فهم اللحظة الراهنة, بوصفها نتيجة لاسباب تاريخية, حيث يؤكد: "لفهم مدى تعقيد أزمة ما بعد الحرب، من الضروري أولاً أن ندرك أن الصراع الحالي لم يبدأ بالهجوم الذي شنته "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو لا يقتصر على غزة وحدها, فعلى رغم أن القضية الفلسطينية بدأت مع حرب عام 1948 التي جُرِّد فيها ما يقدر بنحو 750 ألف شخص من منازلهم، ومع ذلك، فإن نقطة البداية الأكثر صلة بالوضع الحالي هي حرب عام 1967 التي أدت إلى احتلال إسرائيل لغزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وأسفرت عن ظهور ما يقدر بنحو 300 ألف لاجئ فلسطيني جديد, كذلك، كما أنها تمثل البداية لعقود من الجهود الرامية إلى إنهاء الاحتلال وإقامة مستقبل مستدام للفلسطينيين [دولة فلسطينية تتوافر فيها مقومات البقاء والاستمرار في المستقبل].
وعليه فإن المعشر يصل الى نهاية مؤلمة قوامها "سيستمر العنف في تحديد شكل العالم الذي سيعيش فيه الإسرائيليون والفلسطينيون. إذاً، فإما أن تتخذ الولايات المتحدة وشركاؤها الدوليون قراراً تاريخياً بإنهاء الصراع الآن وتوجيه الجانبين بصورة عاجلة نحو حل الدولتين القابل للتطبيق، أو سيتعين على العالم أن يواجه مستقبلاً أكثر قتامة, وفي القريب العاجل، لن يعود الأمر متعلقاً بالاحتلال، بل بالمسألة الأكثر صعوبة المتمثلة في الفصل العنصري الذي لا لبس فيه, والخيار الصائب واضح وضوح الشمس.
امام هذا الاستعراض الذي اختصره من ورقة المعشر, ثمة صوت بدأ يعلو مطالبا الاردن بالنأي بنفسه عن الحرب على غزة او على الاقل الانسحاب من موقفه الذي حاز على تقدير العالم والاردنيين, بحجة ان الاضرار التي لحقت بالاردن بلغت اكثر من مليار دولار نتيجة انشغال الحكومة ومؤسسات الدولة بالحرب على غزة, ويتناسى اصحاب هذا الصوت ان غزة عنوان لما بعدها, فإما تشتعل النار في الاقليم كله, بعد وصولها الى الضفة, واما ان يتم تبريد النيران, احتياطا لما وصفه المعشر بالمستقبل القاتم, طبعا هذا على فرضية صدقية ضياع المليار واكثر, حيث ينفي احد العاملين مع المؤسسات الدولية القصة من اساسها مؤكدا بأن شركته تتعامل اليوم مع ست مشاريع دولية.