حماس بين عصا القاهرة وجزرة الدوحة
بهدوء
عمر كلاب
بإنتظار ان تحسم حماس موقفها من المبادرة الرباعية المطروحة عليها- واظنها ستحسم-, يجب التفكير فعليا في الطريق المفضية الى اليوم الاول, بعد صمت المدافع, وليس في اليوم الاول لما بعد حماس, او اليوم الاول في غزة بعد الحرب, كما يجري الآن, فالواقع الفلسطيني معقد, ومتروك منذ زمن طويل, وخلال فترة الاهمال, نمت على الحواف وفي العمق, مصالح ومواقف, وبرزت قوى وخفتت قوى, ولا توجد قوة سياسية او مسلحة, قادرة بمفردها على حسم الصراع وقيادة اللحظة الفلسطينية, فكل طرف منقوص القوة على حافة من الحافتين"الضفة وغزة".
السلطة الفلسطينية, تشهد تراجعا حادا في شعبيتها يصل الى اقل من 7%, ومع ذلك نجحت في ضبط ايقاع الضفة الغربية, بشكل اكثر انضباطا من عواصم عربية, تفاعلت جماهيرها مع الحرب على غزة, وهذه مفارقة لم يلتفت اليها احد حد اللحظة, ولم يطرح سياسي سؤالا, حول كيفية قدرة السلطة بشعبيتها المتآكلة ان تضبط الضفة, رغم كل التحرشات الصهيونية, من اغتيالات واعتقالات واجتياحات؟ أليس هذا مدعاة لكي تتمسك القوى الغربية والصهيونية بالسلطة؟ التي ضمنت وضبطت حد اللحظة عدم انفلات الضفة وخوضها على الاقل انتفاضة شعبية شبه مسلحة او بدون سلاح على غرار الانتفاضة الاولى.
حركة حماس التي تحظى بشعبية جارفة بعد السابع من اكتوبر, علما بانها لم تحظ بهذه الشعبية قبل ذلك, تعاني من تقلص نفوذها في الضفة الغربية, وستعاني كثيرا بعد اليوم الاول لصمت المدافع, اذا بقيت في الحكم داخل القطاع, وسط ظرف اقليمي غير مرحب بها, وقبول عربي بهذا الموقف الغربي, باستثناء دولة قطر الصغيرة نسبيا ومحدودة التأثير عربيا,فهي لا تملك حد اللحظة سوى تقديم جزرة للحركة كي توافق على الحلول المطروحة, مثل مسار آمن لخروج القادة, او المساهمة المحدودة في الاعمار, لكن التلويح الامريكي والاسرائيلي, بتهمة تمويل ودعم الارهاب, ستجعل من الدولة الصغيرة متجمدة, وسبق ان اعلن رئيس وزرائها ذلك, تحت قبة مجلس الامن الدولي.
مصر القوة الفاعلة عربيا في قطاع غزة, ترفع بالمقابل عصا غليظة, امام حماس وقادتها, فهي تحافظ على حدود مغلقة بالاتجاهين, لا دخول لما يقيم أود حياة الناس في غزة, ولا خروج منها, وسبق لها ان المحت الى محور فيلادلفيا حتى لو بالرفض المعلن, لكنه ورقة تدرك حماس والغزيين, مدى اهميتها اذا ما تمت, او اذا بقيت حماس في خانة الرفض للمطالب المصرية, فمجرد طرح ورقة فيلادلفيا فهذا يعني القضاء فعليا على اي متنفس للقطاع, وبالتالي على حماس ان تختار بين جزرة قطر وعصا القاهرة, ولا اظن ان هذا الامر بعيد عن عقل الحركة وعقل قادتها سواء داخل انفاق القطاع او في اماكن اقامتهم الوثيرة في الدوحة واسطنبول.
امام هذا الواقع الفلسطيني المعقد, وبؤس المطروح غربيا وعربيا, يجب التفكير بطريق ثالث للخروج من الحالة, تبدأ برسم طريق فلسطيني, واضح الهدف النهائي فيه, ومحدد مدة الوصول الى الهدف, وتكون هذه المدة صاخبة بمشاريع سياسية واقتصادية, تبدأ بانتخابات فلسطيننية عامة لتحديد القيادة الحقيقية للشعب الفلسطيني, والبدء في اعمار غزة, فهذه المؤشرات فقط هي التي تمنح اي حل قادم بنسبة مريحة من الثقة الفلسطينية, وخطوات المسار في كل درب او حل, سيجعل الوضع اكثر أمنا واستقرارا, اما التفكيربإنهاء حماس او عودة السلطة الى غزة بعد ذلك, او القوات الدولية كما هي الحلول المطروحة, فلن تسهم الا بتعقيد المشهد اكثر, وبذهاب الفلسطينيون الى الحرب والمواجهة, ولكن بشكل اعنف وعلى ساحات اكثر.
omarkallab@yahoo.com