التقارب السوري العربي واستئناف المقعد السوري في الجامعة العربية ومبادرة خطوة مقابل خطوة، ماذا حصدت منها عمّان ؟


كريستين حنا نصر
   حمل عام 2023م الكثير من التطورات الحافلة على العديد من الاصعدة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية الدولية، ففي منطقتنا كان من التطورات البارزة الكثير من المجريات المتصلة بالملف السوري، بما في ذلك حصول دمشق على مكاسب من الجامعة العربية كان من نتيجتها إنهاء القطيعة بينهما، حالة سياسية انتظرتها دمشق منذ اندلاع الثورة السورية، ومن نتائج هذا التقارب استئناف المظاهر الدبلوماسية السورية مع الدول العربية وفتح البعثات الخارجية المتبادلة .
   اعلنت الجامعة العربية في السابع من مايو الماضي موافقة وزراء خارجية الدول العربية خلال اجتماع القاهرة، عودة الجمهورية العربية السورية إلى مقعدها في الجامعة العربية، الذي فقدته منذ الثورة السورية، علماً بان دولة قطر عارضت هذا التقارب بشدة، معلنتة ايضاً رفضها لتطبيع العلاقات مع سوريا، وهذا الموقف العربي مرتبط بمبادرة خطوة مقابل خطوة والتي يفترض أن تتناغم مع قرار مجلس الأمن رقم (2254) الصادر بتاريخ 2015م، وهو ما اكده الاجتماع الخماسي في الاردن لوزراء خارجية خمس دول عربية هي العراق ومصر وسوريا والسعودية اضافة للاردن، متفقين على تاكيد وحدة وسيادة الدولة السورية، إلى جانب تاييد استقراراها ودعم وتعويم النظام الحالي في الدولة السورية.
والسؤال الذي يفرض نفسه انسجاماً مع التطورات الحالية، هو ما هي نتيجة هذا التقارب العربي مع النظام السوري؟ فهل طبقت بنود المبادرة خصوصاً ما يتعلق بالعلاقة مع الاردن؟ وتحديداً ما يتعلق بالنسبة للاردن من منع النظام السوري تهريب المخدرات الى الحدود الشمالية مع الاردن، والاهم الالتزام باحترام السيادة الاردنية وعدم خرقها والعبث بها أمنياً من قبل المليشيات المنتشرة على الحدود مع الاردن والتي باتت كما هو واضح للعيان تمتهن تجارة المخدرات، ومؤخراً تجارة الاسلحة بما فيها المقذوفات الصاروخية وطائرات الدرون، ومن الموضوعية الاشارة إلى أن المبادرة العربية تجاه سوريا لم تجلب للدول العربية شيئاً في حين جلبت لدمشق مكاسب منها اعادتها للجامعة العربية، واعتراف الدول العربية بكرسي دمشق فيها، والاهم تعويم نظام الاسد في الجمهورية العربية السورية، واستئناف تقارب النظام السوري مع ايران الذي توسع في دائرة التعامل الاقتصادي والسياسي معه، وتعزيزه من مكانة المليشيات التي يغلب عليها الولاء لايران في داخل الاراضي السورية، بدلاً عن التقارب العملي من قبل سوريا مع الدول العربية المعنية بمبادرة خطوة مقابل خطوة، والخلاصة أن هناك غياب تام لتطبيق بنود مبادرة خطوة مقابل خطوة على ارض الواقع، في وقت زادت معه الخروقات الأمنية على حدود المملكة الاردنية الهاشمية الشمالية، علماً بأن هذه الخروقات تمثل في حقيقتها تهديد أمني استراتيجي لدول الخليج العربي المستهدفة بتجارة المخدرات مروراً من الاراضي الأردنية.
والمتابع لما يجري في الاونة الاخيرة، يلاحظ تصاعد وتيرة عمليات تهريب المخدرات والتي تطورت وتفاقمت إلى حد محاولة ادخال الاسلحة والمقذوفات الصاروخية التي تشكل تهديد مباشر على الامن الاستراتيجي الاردني، مما تطلب ردة فعل اردنية سريعة وقوية تمثلت بقصف الطائرات الاردنية لبنية تحتية تستخدمها جماعات التهريب في جنوب سوريا، وبالمحصلة فان التقارب السوري مع البلدان العربية فشل بشكل ذريع، ولم تنفذ منه أي بنود، وبعد هذا الفشل اريد القول بأن الحل الوحيد قبل كل شيء هو الحل السياسي للازمة السورية، والاهم العودة الى قرار مجلس الامن (2254) الذي ينص حل سياسي ووقف اطلاق النار وانتقال تدريجي للسلطة.
وختاماً فان وقف الخروقات على الحدود الاردنية الشمالية التي اصبحت صفيحاً ساخناً، يتطلب حل سياسي داخلي سوري سوري، يعمل على ايجاد  سلطة سياسية في سوريا ذات سيادة قوية على الاراضي السورية الكاملة الموحدة، ينتج عنها نظام ديمقراطي لا مركزي تعددي، قادر على حل جميع التحديات الامنية والسياسية والاقتصادية.