حسين الجغبير يكتب: الأردن.. معركة جديدة!
حسين الجغبير
تشتد وتيرة العمليات المسلحة التي تخوضها قواتنا في المنطقة الشمالية الشرقية على الحدود مع سورية في مواجهة تدفق غير مسبوق ومحاولات عديدة ومتكررة لتهريب السلاح والمخدرات بهدف زعزعة استقرار بلدنا، فيما قواتنا تنجح في صد مليشيات التهريب وتلقينها درسا مفاده أن هذا البلد عصيا على الاختراق.
الجهد الذي تبذله الدولة في معركتها هذه، والتي تتعدى خطورتها الأردن، حيث قد يصل مداها إلى دول شقيقة، كبير جدا، خصوصا وأن الخطوط الحدودية بين الاردن وسورية ممتدة، في حين أن الجانب السوري الشقيق لا يقوم بدوره المطلوب منه في حماية حدوده، ومساعدة المملكة في حربها ضد ميليشيات الارهاب وتجار السلاح والمخدرات.
ورغم التحذيرات الأردنية المتعددة على مدار السنوات الأخيرة من ضرورة ان تقوم سورية بحماية حدودها، إلا أن هذه العصابات تستغل غياب الأمن الحدودي السوري، وسيطرة ميلشيات تابعة لإيران وحزب الله على تلك المناطق، تستغل ذلك عبر تصعيد عملياتها في الوقت الذي تعتقد أن الأردن منشغلا عسكريا على حدوده الغربية مع دولة الاحتلال.
على العالم أجمع، وعلى بعض الدول العربية أيضا، أن تقوم بدورها في المشاركة في هذه المعركة وعدم ترك الأردن وحيدا، لأن الخطر يداهمها أيضا، فدخول السلاح والمخدرات إلى الأردن لن يقف عند حدوده، بل ستعدى ذلك إلى دول مجاورة الأصل أن تكون حريصة على أمنها واستقرارها.
لقد سئمنا كمواطنين من استمرار الأردن في دفع ثمن كل شيء، في حين العالم يتخلى عنه. نحارب على جبهات متعددة، وهذه حرب مكلفة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، فالدول المحيطة بنا أقل أمنا، وتشهد صراعات مسلحة، وأخرى سياسية، وحدودنا تسعى الفئران لاختراقها، إلى جانب معاناة المملكة من اللجوء، حيث استضافت على مدار سنوات طويلة ملايين الأشقاء العرب، وقد كلفنا هذا ما كلف، دون أن يلتزم المجتمع الدولي بتنفيذ تعهداته للأردن، فبتنا وحيدين في تحمل تبعات والتزامات هذه الاستضافة، حتى بلغ منا ما بلغ، وأعلن رسميا عن عدم قدرتنا على استقبال المزيد من اللاجئين في رسالة للعالم لعله يقوم بواجبه المطلوب منه.
وفي الحرب الدائرة على قطاع غزة، يتحمل الأردن أيضا مسؤولية خوض المعركة الدبلوماسية والانسانية لوقف هذه الحرب، فيما العرب والعالم يقف متفرجا، وهذا يشكل ضغطا كبيرا على عمان التي لم تعد تستطيع حمل كل هذه الملفات بسهولة.
لا أملك حلا لكل هذه الملفات لأقدمه للدولة، لكن أملك اماني بالدعاء أن يبقى هذا البلد آمنا مستقرا، ينعم بالرخاء، حيث حباه الله بقيادة، وشعب يسيرون معا يدا بيد، إدراكا منهم ووعي بخطورة المرحلة وضرورة تجاوزها.