الفيلم الأذربيجاني " نبات" اخراج : التشين موسى اوغلو
الفيلم الأذربيجاني " نبات"
اخراج : التشين موسى اوغلو
الثلاثاء 17/7/2018
فيلم "نبات" الاذري (2014)، للمخرجة الكينية الأصل، فيلم بسيط في قصته فهو يسرد حكاية بسيطة لا تتجاوز بضعة أسطر، لكنه مع هذا فيلم مشوّق رائع ومميز في بنائه الفني وعمق وانسانية فكرته، فيلم فيه القليل من الكلام والكثير من التعبير البصري.
محور الفيلم امراة قروية في منتصف العمر تعيش في بيت صغير في منطقة منعزلة على مسافة ليست قليلة منرأقرب قرية مع زوج مريض وطريح الفراش كان حارسا للغابة الممتدة بالقرب من سكنه، ومع ذكرى ابن قتل في الحرب التي تجري في تلك المنطقة بين ارمينيا واذربيجان – ناغورنو كاراباخ – التي اشتعلت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي و استمرت من سنة 1988 حتى سنة 1994 وأودت بالكثير من الضحايا.
يتابع الفيلم فترة من حياة هذه المرأة الأم قبيل موتها ملقيا الضوء على طبيعتها الصلبة والعنيدة في مواجهة كل الصعوبات. فبعد مرض الزوج وفقد الإبن ورحيل سكا ن القرية القريبة بناء على طلب الجيش بسبب اقتراب الحرب من القرية، بقيت على أرضها الأم حيث ولدت وعاشت ترعى زوجها، بل، وأكثرمن هذا، ظلت تمشي الى القرية الفارغة من السكان حيث كانت تبيع حليب بقرتها، وذلك لتشعل مصابيح البيوت والجامع في مشهد سينمائي بديع. وبعد سعيها للعثور على صورة ابنها لتعلقها على جدار الغرفة بين صورتها وصورة الاب وفشلها في العثور عليها عند مصور المنطقة، نراها وقد علقت بدلا منها صورة المناضل الاممي تشي غيفارا!
يبدأ الفيلم بلقطة طويلة لطريق ترابي يظهر بعدها شبح امراة تقترب منه الكاميرا لنشاهدها تحمل وعائين وتسير بثبات واصرار لتصل قرية تبيع فيها محتوى الوعائين، الحليب. بهذه اللقطة الطويلة المستمرة حوالي عشر دقائق، والتي برع فيها المصور في تعقب مسيرتها بكاميرا سايحة في الفضاء تستكشف عناء السير وبهاء الطبيعة معا، نتعرف من بداية الفيلم على شخصية هذه المرأة المحور والمسماة "نبات"، الكلمة التي معاناها الأمل.
يتضمن الفيلم حكاية فرعية ذات بعد رمزي تتعلق بوجود انثى الذئب التي تحوم حول الكوخ وتشكل خطرا على حياة نبات، وعلى الرغم من أن نبات كانت قادرة على الإيقاع بها وقتلها بعدما اوقعتها في الفخ، إلا أنها لم تفعل بعدما اكتشفت أن لها جراء صغيرة قرب الكوخ وأنها كذلك أم، ما يشير إلى تمجيد الفيلم للأنثى الأم.
يحمل الفيلم شحنة عاطفية عالية ونظرة احترام للأنثى قدمت بغير ابتذال من خلال عدسة نقلت مشاهد تحاكي لوحات الطبيعة الصامتة التي يقف الانسان أمامها متاملا ومفكرا يرافقها شريط صوت يراوح بين السكون أوالأصوات الطبيعية التي ترافق الحدث، والموسيقى الوترية الأذرية الحزينة.
اهتم المخرج بالتفاصيل الدقيقة في حياة القرية فالكاميرا تنتقل من حبال الغسيل إلى أبواب البيوت ثم إلى داخلها وتدور حول موائد الطعام ....الخ، الأمر الذي يعبر عن احساسه وتعلقه بكل دقائق الحياة في أرضه الأم، وهو هنا يرويها بعدسته موظفا في الكثير من الأحيان الإضاءة الطبيعية وزاوية الرؤية والاقتراب والابتعاد الناعم من تلك الاشياء الصغيرة.
حاز الفيلم على أربع جوائز دولية كما رشّح لجائزة الأوسكار أفضل فيلم ناطق بغير الإنجليزية.