محمود الدباس يكتب:لا تجاملونا في مشاريعكم.. فتخدعونا..
في حقيقة الامر حين نتحقق من ماهية المجاملة.. نجد ان من يجامل يكون مقدما لشيء زائدا عن حاجاته الاساسية.. ولا يؤثر على متطلبات حياته نقصا.. ولن يندم على تقديمها ذاك الندم الشديد اذا ما انقطعت المصالح.. وحتى المجاملة في المشاعر.. تكون غير صادقة.. ومشاعر سرعان ما تزول جراء زوال المصالح..
ومحصلة المجاملة المادية والمشاعرية.. انها لا تخرج من القلب ولا من النفس الطيبة.. وانما هي نوع من الروتين الذي اعتاد عليه الشخص المجامل.. او جراء المتطلبات التي تحكم سير حياته..
من هنا اقول.. بان كثيرا من الشركات العالمية الكبرى.. تضع هامشا للمجاملة.. وتكون بالعادة ارضاءا ودعما للسياسات والتحالفات الدولية التي تنتمي وتخضع لها.. ولذلك تجد هذه الشركات التي تتعامل بمئات المليارات من الدولارات.. تقوم بعمل استثمار هامشي تقليدي في احدى الدول.. لا جدوى منه تذكر.. وبقيمة مليون دولار مثلا.. فتجد تلك الدولة تتغنى بهذا الانجاز وتظهره على انه شيء عظيم.. وفي الواقع هو مجاملة لا تؤثر على تلك الشركة بشيء.. وحتى لو اضطرت لاغلاقه.. فالامر سهل جدا لان ذلك النشاط ليس من اساسيات عملها.. وانشاؤه كان مجاملة..
وبالمقابل تجد نفس الشركة وفي نفس الوقت تقوم بانشاء مشروع في دولة اخرى.. يكون من المشاريع الاستراتيجية التي تعد من ركائز الشركة.. والذي لا يمكن الاستغناء عنه.. ويضيف قيمة مضافة الى سوق ذلك البلد.. ويشغل العديد من ابنائه.. ويضعه على خارطة الاقتصادات العالمية.. وبالتالي ليس من السهل اغلاقه.. فهو جزء رئيس من تلك الشركة.. وغلاقه في الغالب له تبعات كبيرة..
لن اتناسى ما يقوله الكثير من الاقتصاديين الوطنيين.. بان المستثمر هو الذي يبحث عن المكان المناسب.. اكثر من بحث المكان واهله عنه.. وينتظر ان يحضى بوضع ومكان يجلبان له المزيد من الارباح.. ولا يهمه اسم البلد.. وانما قوانينه وتشريعاته وما سيوفره له لكي يربح اكثر..
لذلك رسالتي الى اصحاب القرار.. بان لا تركنوا على مشاريع المجاملة.. لانها ليست مشاريع استراتيجية.. وفي الغالب لت تغني ولا تسمن من جوع..
وكذلك لو بقيتم تخترعون قوانين وافكار تناسب اهواءكم وتطلعاتكم.. ولا تماهونها مع ما ينظر اليه المستثمر.. فلن ياتي لكم احد.. وان اتى جراء اي فهم غير واضح.. فسرعان ما يكتشف ان كثيرا مما توقعه سيكون صعب المنال.. وللاسف ستكون النتيجة الخروج من السوق نهائيا بخسائر.. او ان استدرك الامر.. فخروج بمغادرة الى مكان آخر..
ما يجعلني استغرب.. هو ان هناك تجارب ناجحة في دول عربية واسيوية وغربية.. جلبت الخير لبلدانها.. فلماذا لا ننقل هذه التجارب الى الاردن.. وان كان فيها ما يخالف تقاليدنا وعاداتنا.. فلنعدل فيه الشيء الذي لا يغير في جوهر التجربة.. حتى لا تفشل ونضع اللوم على من اقترحها.. وبالتالي لا نعيد اختراع العجلة كما يقولون.. وجميل ان نبدأ من حيث انتهى غيرنا..
محمود الدباس - ابو الليث..