(النخبة) يناقش أثر عُملة البريكس على الدولار والعملات المرتبطة به
الأنباط – مريم القاسم
بالرغم من فك ارتباط الدولار بالذهب عام 1971 ، ما زال الدولار يسيطر على التعاملات التجارية العالمية ، مدعومًا بالقوة العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية ، وعند إعلان دول البريكس (البرازيل ، روسيا ، الهند ، الصين ، جنوب إفريقيا ) نيتها لإصدار عملة عالمية جديدة مدعومة بالذهب ، وإعلان نحو 30 دولة عن رغبتها في التعامل بالعملة الجديدة ، وإعلان وكالة فيتش عن تخفيض التصنيف الإئتماني للولايات المتحدة الأمريكية من(AAA) إلى (+AA) ، طرح (ملتقى النخبة-elite) أسئلة عدة حول مصير الدولار وكيف سيصمد أمام هذه العملة ، والأثر المتوقع لهذه العملة على الدولار وعلى العقوبات الاقتصادية ،وهل لها آثار ايجابية؟
وأوضح الدكتور عمر ملحس أن عملة بريكس لن تكون عملة الاحتياط ؛ بمعنى أن تكون عملة التداول الرئيسية لفترة طويلة، مشيرًا إلى أن حجم الإقتصاد الأمريكي يشكل ربع اقتصاد العالم ، وبالتالي فإن فكرة احتلال هذه العملة مكان الدولار ما هو إلا حلم غير قابل للتحقق ، فالصين ما زال أمامها عقود طويلة جدا لتحلق بأمريكا ، موضحًا أن احتياطي الصين من الذهب يساوي ربع احتياطي أمريكا من الذهب ، وعرض النقد في أمريكا m1 هو 19 ترليون دولار، بينما في الصين هو 2.6 تريلون .
وأكد الدكتور خالد الوزني على أن عملة الدولار ستظل مسيطرة على عمليات التسويات الدولية ، وعلى مدى العقد أو العقدين القادمين أو أكثر، مبينا أن مجموعة البريكس باتت تعتقد أن الحاجة باتت ماسة إلى نظام تسويات يجعلها في منأى عن السيطرة الأمريكية وعن العقوبات الأمريكية الاقتصادية ، والتي نجحت في تهديد وتدمير اقتصادات مثل الاقتصاد العراقي، والسوري، والأفغاني ، مشيرًا أن العقد القادم سينجلي عنه تحولات مهمة في نظام التسويات الدولية بين دول العالم، وما نشهده اليوم وخلال هذا العقد ما هي إلا إرهاصات مهمة لهذه التحولات.
وبيّن المهندس موسى الساكت أن أهم ما يميز العملة الجديدة المقترحة هو زيادة احتياطات دول البريكس من الذهب الذي يعد دعم للعملة ، وبحسب أرقام لسنة 2022 شكّل الدولار قرابة 60% من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية ، وجاء اليورو في المرتبة الثانية ، حيث شكّل حوالي 20.5% من الاحتياطيات ، مؤكدًا أنه لا بد على الدول النامية استبدال بعض احتياطات الدولار بالذهب والعملات الأخرى؛ وذلك حتى تُحصّن نفسها والتفكير بالالتحاق بهذا التحالف حتى لا يبقى الاقتصاد العالمي في يد قوة واحدة، خصوصا وقدوم العملة الرقمية التي سيصبح من خلالها السيطرة على أموالنا ومدخراتنا بكبسة زر فقط.
وأشار الدكتور أحمد الرشود إلى أن الولايات المتحدة مهيمنة من خلال ثلاثة عوامل وهي القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية ، بالإضافة إلى القوة التكنولوجية ، لافتا إلى وجود ما يكفي من الشواهد والأدلة على هذه القوة، موضحًا أن هنالك 8 شركات عملاقة بالعالم من أصل 10 هي أمريكية بقيم سوقية تتجاوز الناتج المحلي لقارة مثل أمريكا الجنوبية ونصف الإتحاد الأوروبي ، مبينًا أن سعي دول البريكس في إصدار عملة تداول والاستغناء عن الدولار قد ينجح في تعزيز التبادل التجاري لدول البريكس ؛ كونها كتلة استهلاكية كبيرة جدا وقد يقلل أو يؤثر في نفوذ وسياسات أمريكا في فرض العقوبات من أجل تنفيذ سياساتها ، أي أن دول البريكس تحاول كسر قوة أمريكا السياسية ، كما تحاول أيضا تخفيف آثار السياسات النقدية على اقتصاداتها، لاسيما بعد رفع أسعار الفائدة لديها والتي تسببت بخفض الاستثمار بهذه الدول .
وذكر الدكتور حسن الدعجة أن هنالك أثر للعملة الجديدة على العقوبات الاقتصادية التي تفرضها أمريكا وأوروبا على العديد من الدول ، مثل تنويع العملات المستخدمة ، والتبادل التجاري والتعاون الدولي ، والتأثير على قيمة العملة والاقتصاد ، والتحالفات الجيوسياسية والاقتصادية ، والتبادلات غير المباشرة ، مضيفًا أن النقاش حول العملة الجديدة هو مجرد فرضية ولا يوجد معلومات مؤكدة ، فإن أثرها الإيجابي على دول المنطقة يمكن أن يختلف بشكل كبير حسب العديد من العوامل المتغيرة والمحددة.
ولفت الدكتور حسين البناء ، أن الدولار الأمريكي يبقى العملة الأكثر طلبًا وقبولًا وموثوقية ، موضحًا أن معظم الاحتياطات النقدية العالمية لا زالت بالدولار بنسبة 60% ، ولا زالت الصفقات في معظمها تُسوّى بالدولار ، لكن ظهور عملة معتمدة لقوى رئيسية كتلك الموجودة في تجمع بريكس من شأنه تراجع الطلب على الدولار خارج الولايات المتحدة ، مما قد يفاقم أزمة التضخم ، ويسبب تراجع مكانته العالمية، ما سينعكس على هيمنة الولايات المتحدة؛ فقيمة العملة السوقية هي نتاج للعرض والطلب وسعر الفائدة وأدوات السياسة النقدية.
بدوره، بيًن محمد زكي السعودي أن إيجاد عملة جديدة لدول البريكس هو نتيجة حتمية للهيمنة الأمريكية على العالم، حيث أن أمريكا تقوم بفرض عقوبات على الدول ، وأن أحد أهم هذه الأدوات هي الدولار نفسه، لذلك سيكون هناك عملة للبريكس تنافس الدولار ، وسيكون لها سعر صرف يعتمد على الغطاء الذي سيستخدم ، معتقدا أن الذهب سيكون هو العامل الحاسم في انتشار العملة الجديدة.
من جهته، قال المهندس رائد حتر: إن عملة البريكس المتوقع الإعلان عنها في القمة القادمة لدول البريكس ستكون مغطاة بعملات الدول الخمسة الأعضاء بالبريكس ، بالإضافة إلى سلة من المعادن الثمينة ومن بينها الذهب والليثيوم ، وبذلك وفي ظل العقوبات التي تمارسها الدول الغربية وأمريكيا على الكثير من الدول والكيانات ؛ فان الطلب على هذه العملة سيزداد كثيرا خاصة إذا علمنا أن نحو 30 دولة تقدّمت بطلب الانضمام إلى مجموعة البريكس أغلبها دول نفطية، منها 5 دول عربية هي الإمارات والجزائر والسعودية ومصر والبحرين.