«كريستال».. استنساخ لـ«حرب الورود» التركي.. شكل بلا مضمون
موجة أعمال درامية جديدة بدأت تغزو شاشات التلفزة العربية، وتكرس حضورها الواضح لدى الجمهور العربي، الذي بدأ بوضوح أخيراً في توجيه بوصلة اهتمامه نحو تجارب المسلسلات «التركية المعربة»، التي حصدت في السنوات السابقة نجاحاً ملحوظاً لدى شرائح واسعة من الجمهور الناطق باللغة التركية، ما فتح الباب واسعاً أمام صناعها لطرح هذه النوعية من المسلسلات المستنسخة شكلاً ومضموناً، مدعومة بحملة ممتدة من الترويج الإعلامي المحكم على المنصات الاجتماعية والرقمية، التي أدركت قيمة وأهمية استقطاب الجمهور، وتحقيق «أرقام مشاهدات خيالية».
وعلى الرغم من الانتقادات العديدة التي طالت مسلسلات من نوعية «عروس بيروت»، «عالحلوة والمرة»، «ستيليتو»، «الثمن»، وغيرها من الأعمال الدرامية التي تقاسم فيها نجوم الدراما من سورية ولبنان «كعكة» النجاح الجماهيري، إلا أن منتجي هذه النوعية من المسلسلات، يصرون على مواصلة تقديم هذه النوعية من الإنتاجات الدرامية، وأحدث هذه الإنتاجات المستنسخة هو مسلسل «كريستال» المستوحى من العمل التركي «حرب الورود» الذي تم عرضه في عام 2016. وتدور أحداث هذا العمل الدرامي حول قصة فتاتين، إحداهما مصممة أزياء غنية تدعى «توليب»، تُجبر على العودة إلى قصر والدها بعد وفاته، لتعتني بشقيقها المريض. أما الفتاة الثانية فهي «جوري»، ابنة بستاني القصر، التي تحلم بأن تصبح مصممة أزياء ثرية، في الوقت الذي ينطلق الصراع بين الفتاتين عندما تقعان في حب الشاب الوسيم نفسه «عمر»، لتتوالى من ثم صراعات البقاء ومكائد النساء، لتؤدي إلى فوز توليب، الفتاة الغنية، بحب «عمر»، بعد أن تثبت جدارتها باحترام الروابط العائلية، بينما تصبح «جوري» مصممة أزياء مشهورة.
الصف الثاني
عربياً، تجسد الممثلة اللبنانية ستيفاني عطالله شخصية «في» التي تقابلها شخصية «جوري» في النسخة التركية، فيما يتصدى الممثل السوري محمود نصر لشخصية الطبيب «جواد» الذي يقابل «عمر» في «حرب الورود» التركي، بينما تؤدي الممثلة اللبنانية باميلا الكيك، دور «علياء» المماثلة لشخصية «توليب» في النسخة الأصلية، يصاحبهما في تجربة المسلسل حزمة من الممثلين، أبرزهم صباح بركات، رولا حمادة، لين غرة، خالد شباط، أنجو ريحان، بلال مارتيني، فادي حواشي، عبدالرحمن قويدر، ناظم عيسى، هيما إسماعيل، إياد أبوالشامات، ليا مباردي، وغيرهم.
على صعيد النسيج الفني العام للمسلسل، يبدو واضحاً كعادة الأعمال التركية «البذخ المشهدي» الواضح، الذي انعكس في بعض جوانبه في هذا العمل، في التوظيف الدرامي المحكم لتفاصيل «المكان» الذي كان الحاضنة الأفضل للديكور وحركة الممثلين والماكياج والأزياء والإضاءة، وحتى المؤثرات الصوتية والموسيقية، ليسهم في تشكيل لغة بصرية «مدهشة» في عمومها، في الوقت الذي لم يرق فيه العمل، في جوانب أخرى عدة، إلى صيغة «الإنتاجات الدرامية الكبيرة»، خصوصاً في جزئية انحياز منتجيه لممثلين من الصف الثاني، والاعتماد على مواقع تصوير سبق مشاهدتها في أعمال عدة. هذا إلى جانب إصرار الجهة الإنتاجية على وضع لوحات السيارات، وتضمين مشاهد عامة من أماكن متعددة من لبنان، في محاولة لإضفاء صبغة عربية على عمل درامي «مستنسخ» بالمعنى الحرفي للكلمة، وتقديم نص درامي بسيط، أسندت صياغته «بروح عربية» إلى كل من «لبنى مشلح» و«مي حايك»، اللتين سبق وقدمتا معاً عدداً من الأعمال التركية المعربة، مثل (عالحلوة والمرة، ستيلتو).
حلول «غير مبررة»
على الرغم من اقتراب عرض حلقات المسلسل الجديد اليوم من الحلقة 30، إلا أن غياب المنطق، والإطالة غير المبررة للأحداث، ودورانها في فلك أحادي رتيب، يعد السمة الأبرز لهذا العمل ذي الأحداث «الخيالية» والحلول «الساذجة»، سواء من ناحية علاقة الشخصيات ببعضها البعض أو تصاعد الأحداث والعقد الدرامية وطرق حلها في نهاية كل حلقة، وهو أمر اعتدناه في هذا النمط من المسلسلات «الطويلة» التي لا تبدو لها نهاية، والتي يضطر فيها صناع العمل إلى افتعال أحداث وتفاصيل غير مبررة درامياً، لا يرتجى منها شيء عموماً غير الإفاضة في عدد الحلقات، وتطويق مساحة العمل في فلك الشخصيات الأساسية التي تبدو «كرتونية» بامتياز، ومفتقرة جداً إلى الواقعية في كثير من جوانبها الإنسانية وحتى الفنية، لدرجة قد يحسبها المشاهد «مثالية» في معظم الأوقات، بالنظر إلى تفاصيل الأزياء والماكياج، وحتى تفاعلاتها مع الوسط المحيط بها، التي رتبت بعناية شديدة وحبكة إخراجية ترصد «مَواطن الجمال» على حساب«المضامين». ولعله الأمر الذي دعم ولايزال يدعم نجاح هذه الأعمال المستنسخة، وكرّس وجودها على شاشة المشاهد العربي