رجحان كفة الاعيان على النواب في قانون الجرائم الالكترونية .
د هايل ودعان الدعجة .
لعل من ابرز الدروس المستفادة من النقاشات البرلمانية التي دارت حول قانون الجرائم الالكترونية الذي استحوذ على اهتمامات الشارع الاردني بكل فئاته ومكوناته وتياراته مؤخرا ، والتي انتهت برجحان كفة مجلس الاعيان على مجلس النواب ، تشير الى ان الاعتماد على شخصيات بعينها ( وبمواقف مكشوفة ) لا تحظى برضا الشارع في الترويج للتشريعات والسياسات والقرارات الحكومية والرسمية ، يعطي نتائجا عكسية ويثير الشارع اكثر من تلك الشخصيات التي غلفت خطابها بشيء من المنطق والواقعية ( حتى لا اقول المعارضة ) جعلها اكثر تأثيرا واقناعا ، وظهرت وكأنها الاقرب الى المواطن وما يفكر به ويريده من القانون ، كما تجلى ذلك في كلمات بعض الاعيان ، مستفيدين من ردود فعل الشارع على مواقف بعض النواب ، الذين ظهروا في بعض وسائل الاعلام وتحت القبة وكأنهم بعيدين كل البعد عن تمثيل الشارع الذي حملهم الى هذه القبة ، وبانهم لا يعبرون عن مصالحه وتوجهاته . وبالتالي يصبح الرهان على شخصيات يتحفظ على مواقفها الشارع في الترويج (للبضاعة الرسمية) راهنا خاسرا .. فكيف اذا ما كانت هذه الشخصيات مدفوعة الى تبني مواقف مرفوضة شعبيا ، بتحقيق مصالحها الخاصة ، حتى وان كان ثمن ذلك فقدانها ثقة قواعدها الشعبية ..
ولأن مثل هذه الشخصيات باتت مكشوفة لشارعنا الاردني .. فان السؤال المطروح ايضا .. كيف للجهات الرسمية الاعتماد عليها وتوظيفها في ترويج بضاعتها في ظل هذه الفكرة السلبية المأخوذة عنها شعبيا ؟. الا اذا كانت غايتها ابعد من ذلك .. وهي كشف حقيقة هذه النوعية امام قواعدها الشعبية ، واقناعها بانها لا تمثلها بقدر ما انها تمثل عليها وتسعى لتحقيق مصالحها الشخصية .
وربما هذا ما يفسر حالة الرضا الشعبية وان بشكل نسبي من موقف مجلس الاعيان من قانون الجرائم الالكترونية .. والذي جاء أكثر تجويدا وتفعيلا ، واعتبر اكثر نضجا ووعيا من موقف مجلس النواب ، وذلك على وقع موقف بعض الاعيان الذين امكن لهم الانعطاف بالقانون الى ساحة من النقاشات غير المعهودة ، استحوذت على اهتمامات الشارع لدرجة انه لم يعد معنيا بالدخول في تفاصيل هذه النقاشات ونتائجها التي لم يكتب لها النجاح ، وان كان لها انعكاساتها الايجابية على موقف مجلس الاعيان من القانون بشكل عام .. ساهمت باقراره برلمانيا وسط اجواء اقل حدة او قل مقبولة شعبيا .. لينجح بذلك مجلس الاعيان باخراجه الى بر الامان .. وبأقل الاضرار .. او هكذا يمكن فهم او تفسير ما حدث .. وبالصورة التي ظهر بها قانون الجرائم الالكترونية في المشهد البرلماني قبل الاخير .. بانتظار محطة التصديق الملكية الاخيرة لاقراره .