كتب محمود الدباس.. التوجه الى الحياة الحزبية.. مَن سيُفشلها؟!..
اثبتت تجارب العالم المتحضر ان الحياة الحزبية الطبيعية.. هي طريق جيد للحياة السياسية الراقية.. وان تبادل الادوار في الادارات السياسية العليا نتيجة سيطرة هذا الحزب او ذاك.. هي التي تجعل من الشفافية والانضباط وتقليل نسب الفساد في اعلى مكانة لها..
وللتوضيح فان خلطا عند الكثيرين حول مفهوم المُعارِض او المعارضة السياسية وجب توضيحه.. فالمعارضة هي حالة صحية واساسية في الحياة الحزبية.. ونستطيع ان نطلق مصطلح معارضة على كل الأحزاب التي هي خارج ادارة الدولة.. وتمتلك برامج مختلفة او شبه مختلفة عن الحزب او ائتلاف الأحزاب الحاكمة في تلك الفترة.. الامر الذي يجعلنا نقلب الأدوار حين يفوز المعارضة في مقاعد البرلمان ويشكلون الحكومة.. هنا يتحول من كان في ادارة البلاد الى المعارضة..
من هنا نعلم ان المعارضة ليست شيئا معيبا او مشوها او ضد البلد.. وانما مكمل للحياة السياسية.. وتتبدل شخوصها ومؤسساتها بناءا على موقفهم ممن يدير شؤون الدولة..
عودا الى الاردن الذي يهمنا.. فان توجه النظام المعلن والثابت هو السير قدما نحو الحياة الحزبية بشكل لا رجعة عنه.. وان كنا نحن الاردنيين دعاة تقدم ونتغنى بالارث الحزبي منذ اكثر من مئة عام.. فعلينا ان نسعى جاهدين لتمكين هذا التوجه.. واعادته الى سابق عهده على الاقل..
وان اخشى ما اخشاه هو ان من يتصدرون المشهد الحزبي.. هم من سيُفشلون هذا التوجه.. وذلك بطريقة ادارتهم للمشهد الحزبي بشكل عام.. وللطريقة التي تمت عليها تاسيس غالبية الأحزاب.. وللبرامج المستنسخة الخالية من الروح المتاصلة.. فلم اسمع ولم اقرأ شيئا اجد فيه ذلك الاحساس بالهم الوطني.. وطرق معالجته.. وعندما تسأل احدهم عن الآليات التي يمكن ان يقوموا بها لحل مشاكل الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. تتفاجئ بان الرد شبه واحد "ما بقدر اعلن حتى ما يوخذ الفكرة حزب اخر"..
ناهيك ان الكثير من هؤلاء القياديين.. لم اسمع انهم وُليدوا من رحم الاحزاب.. او انهم كانوا داعمين للحياة الحزبية سابقا.. لا بل ان منهم من كان يحارب هذا التوجه وهذا الوجه السياسي..
للاسف الشديد.. وانا الشخص الايجابي في كل شيء.. الا انني متشائم الى حد الاقتناع بان هذه التوجه.. سينعكس سلبا علينا نحن المواطنين غير الحزبيين.. راجيا الله ان لا يأتي اليوم الذي ندعوا فيه أن لو لم تكن هذه التجربة.. فانا شبه متقين بان غالبية الأحزاب ستتحول الى حزب الشخص الواحد.. بعد ان كانت احزاب "المجموعة او الشلة" ذات المصالح المشتركة.. ومن لم يفز في مقعد نيابي او حقيبة وزارية.. فالخروج من الحزب هو الامر المتوقع..
في الختام لا بد لي ان اعرج على مصطلح هندسة الحياة الحزبية او البرلمانية القادمة.. فاتمنى على من يتم نعتهم بانهم مهندسو المرحلة الحزبية.. والذين يصممون ويهندسون اللوائح والقوانين للوصول الى حياة ديموقراطية حزبية مشرفة.. بان لا تجعلونا نندم على اي كلمة ايجابية او تفاؤلية قلناها بحقكم ونحن لا نعرفكم.. لاننا نتوقع بان المصلحة الوطنية العليا هي نصب اعينكم.. وليس الابقاء على واقع سيء وتجميله بوضع عباءة حريرية مقصبة بخيوط الذهب عليه..
ابو الليث..