تقاعد الوزراء خطوة متقدمة.. ولكن!
تقاعد الوزراء خطوة متقدمة.. ولكن!
بلال العبويني
مشروع قانون التقاعد المدني الذي أقره مجلس الوزراء امس، وتحديدا ما تعلق بتقاعد الوزراء، خطوة متقدمة على طريق ضبط النفقات وخفض فاتورة التقاعدات وتحقيقا للعدالة التي كانت غائبة في حصول الوزير على راتب تقاعدي مدى الحياة بمجرد أن أقسم اليمين القانونية أمام جلالة الملك، حتى وإن لم يمكث في الوزارة أكثر من يوم واحد.
وبعيدا عما قيل إن الحكومة لم تأت بجديد، وإن القانون موجود سابقا، أو أن مشروع القانون تم إقراره في مجلس النواب السابع عشر ولم يمر بكامل مراحله الدستورية ليصبح نافذا، يبقى خطوة متقدمة إن تم إقراره ونجح في تخطي كامل مراحله الدستورية ليصبح نافذا.
غير أن هناك سؤالين، على الأقل، مطروحين على مشروع القانون، الأول: اشتراطه خدمة الوزير سبع سنوات في أي من أجهزة الحكومة مع مدة فترة توليه الوزارة تمكنه من الحصول على الراتب التقاعدي الأبدي.
ذلك يعني أن غالبية الوزراء سيحصلون على راتب تقاعدي مدى الحياة باعتبار أن الغالبية ممن يوزرون خدموا من قبل في أجهزة الدولة تلك المدة أو أكملوها أثناء حملهم لحقيبة وزارية.
فيما السؤال الثاني، ماذا لو كان هناك حاجة لوزير ليشغل حقيبة ما ولم يعمل يوما في الجهاز الحكومي؛ فهل يقبل بأن يترك منصبه في القطاع الخاص والذي يتقاضى منه راتبا ربما يزيد على خمسة أو عشرة آلاف دينار، فهل يقبل بثلاثة آلاف دينار، مع عدم ضمانته المكوث في موقعه الوزاري تلك المدة، فيخرج من دون راتب تقاعدي.
يعلم الجميع أن الكثير ممن يقبلون حمل حقائب وزارية ممن كانوا يعملون في وقت سابق بالقطاع الخاص ولم يعملوا يوما بالحكومة لا يتوقفون كثيرا عند حدود الراتب الوزاري، وأن هناك دواعي أخرى تجعلهم يتركون مناصبهم بالقطاع الخاص من أجل دخول الوزارة والحصول على لقب معالي.
لكن ماذا لو اصطدم رئيس إبان تشكيل حكومته برفض شخصية مهمة لتولي حقيبة ما اعتراضا على هذه الجزئية بالضبط، فهل سيكون هناك استثناءات؟.
من المؤكد أن مشروع القانون لن يكون فيه مثل هذا الاستثناء، إلا أن مكافأة بعض المسؤولين تتم عبر طرق أخرى كتعيينهم رؤساء لمجلس إدارة شركة ما يتقاضون بموجبها رواتب وبدلات كبيرة.
عند ذلك، فإن القانون لا يكون قد قدم شيئا ولم يساهم في خفض قيمة الرواتب التقاعدية، وعمليا هذا الحاصل اليوم مع الكثير من المسؤولين الذين يعاد تعيينهم في مناصب برواتب مرتفعة وبشركات ومؤسسات تابعة للحكومة أو لمؤسسة الضمان الاجتماعي.
تخفيض قيمة فاتورة رواتب وتقاعد كبار المسؤولين والوزراء يجب أن يكون بطريقة شمولية، ومنها عدم تعيين مسؤول واحد في مجالس إدارات عدة مؤسسات وشركات وعدة لجان يتقاضى نتيجة لذلك بدلات ومياومات منها جميعها.
مشروع القانون خطوة متقدمة، رغم القول إنه ليس جديدا، إلا أن الأمر يحتاج إلى نظرة شمولية، فثمة منابع أخرى للهدر في الرواتب والبدلات والمياومات يتقاضاها مسؤولون لمجرد أنهم أصبحوا أعضاء في مجالس إدارات شركات ومؤسسات ربما تخسر أو في لجان لا تضيف شيئا. //