خبراء: زيارة الملك لليابان تمهد لثورة اقتصادية بين البلدين

زينة البربور

قد تكون الزيارة الاخيرة لجلالة الملك عبدالله الثاني برفقة سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ولي العهد ‏الى اليابان خطوة سياسية واقتصادية تبشر بآفاق جديدة لتعزيز التعاون بين البلدين خاصة الاقتصادي، فأكد ‏جلالته خلال لقائه بإمبراطور اليابان ناروهيتو وعدد من المسؤولين اهمية خطة العمل الاقتصادية القادمة ‏التي تحمل النجاح للبلدين في عدة مجالات تعد الأهم خلال المرحلة الحالية ومستقبلا سعيا لإحداث ثورة ‏اقتصادية حقيقية للجانبين. 
ولمعرفة الواقع الاقتصادي صناعيا وتجاريا بين البلدين اكد رئيس غرفة صناعة ‏الاردن وعمان المهندس فتحي الجغبير أن الاردن يرتبط مع اليابان بعلاقات تجارية واقتصادية قوية ‏ومتينة، بحجم تبادل تجاري بين البلدين تجاوز خلال العام الماضي 2022 ما يقارب 435.1 مليون دولار ‏محققاً بذلك نمواً تجاوز ما نسبته 10.6% مقارنةً بما كان عليه خلال العام 2021، وعزى هذا النمو إلى ‏الارتفاع الكبير في حجم الصادرات الوطنية إلى اليابان ليتجاوز ضعف ونصف ما كانت عليه خلال العام ‏‏2021، حيث وصل حجم الصادرات الوطنية إلى اليابان إلى ما يقارب 87 مليون دولار خلال العام ‏‏٢٠٢٢ مقارنةً مع 32.1 مليون دولار خلال العام 2021.‏

وأضاف ان الصادرات الوطنية إلى اليابان تركزت بالصناعات الكيماوية وتحديداً بالأسمدة، حيث تجاوزت ‏صادرات الصناعات الكيماوية ما نسبته 70% من إجمالي الصادرات الوطنية إلى اليابان، وقد كانت من ‏أبرز المنتجات الصناعية تصديراً؛ كارناليتوسيلفيت واملاح بوتاس طبيعية خام، والتي شكلت ما يزيد ‏عن 38.7% من إجمالي الصادرات، لتصل إلى ما يقارب 33.7 مليون دولار خلال العام 2022، وكانت ‏قد حققت صادراتها إلى اليابان نمواً ملحوظاً تجاوز ضعفي ما كان عليه خلال العام 2021.‏

وتابع انه بدأ الأردن خلال العام 2022 بتصدير كلاً من؛ "اسمدة فوسفاتية معدنية او كيماوية اخر عدا ‏فوق الفوسفات واسمدة هيدروجين اورثوفوسفات ثنائي الامونيوم فوسفات دي امونيك"، لأول مرة إلى ‏اليابان منذ العام 2018، ليشكلا معاً ما يقارب ثلث الصادرات الوطنية إلى اليابان بحوالي 27.6 مليون ‏دولار، مبيناً أن الأردن يمتلك العديد من الفرص التصديرية في السوق الياباني وفقاً لخارطة امكانات التصدير ‏الصادرة عن مركز التجارة الدولية التي تتجاوز 23 مليون دولار في العديد من القطاعات على رأسها؛ ‏المكونات الصيدلانية، والألبسة والصناعات الكيماوية، المجوهرات والمصنوعات المعدنية النفيسة .

واشار الجغبير الى أن الاستثمارات اليابانية في الأردن التي شكلت ما يقارب 1.8% من إجمالي الاستثمار الاجنبي في ‏الأردن، بما يقارب 501.1 مليون دولار، في حين بلغت الاستثمارات الأردنية (استثمارات الحافظة) في ‏اليابان ما يقارب 7.5 مليون دولار.


وعلى الرغم من ما تتمتع به البلدين من علاقات اقتصادية وتجارية جيدة إلا أن الجغبير تحدث عن العديد ‏من العقبات التي تواجه المنتجات الوطنية للوصول إلى السوق الياباني، أبرزها؛ انعدام وجود خط نقل مباشر ‏بين الأردن واليابان، وعدم وجود تسهيلات للتجارة بين البلدين تسهم في تيسير تبادل المنتجات والسلع ‏إضافةً إلى عدم قدرة المنتجات الوطنية على المنافسة بشكلٍ فاعل في السوق الياباني نظراً لاعتماد اليابان ‏بشكل كبير على الصناعات المحلية أو الاستيراد من الدول المجاورة لها كالصين مثلاً مما يضعف قدرة ‏الصناعات المحلية على تحقيق تنافسية سعرية مع منتجات تلك الدول‎.‎
ولفت إلى ضرورة السعي لتوطيد العلاقة بين البلدين واتخاذ كافة القرارات والاجراءات التي من شأنها تيسير ‏التجارة بين البلدين، وإقامة زيارات تبادلية للوفود التجارية ورجال الأعمال بين البلدين للاطلاع على ‏الفرص الاستثمارية المتاحة في الأردن والتركيز على ترويج منتجات القطاعات ذات الفرص التصديرية ‏للأردن في السوق اليابانية
وفي السياق ذاته تحدث رئيس غرفة تجارة الاردن وعمان خليل الحاج توفيق عن مستوى العلاقات ‏التجارية التي تربط الاردن باليابان حيث ذكر ان حجم التبادل التجاري بين البلدين شهد حالة تذبذب بين ‏الصادرات والمستوردات منذ عام 2017 حيث بلغت نسبة المستوردات 404.7% بينما بلغت 246.9% ‏في عام 2022، مشيراً إلى أن البوتاس يعد اعلى سلعة مصدرة الى اليابان بقيمة 23.9 مليون دينار خلال العام 2022، بينما ‏تعد السيارات اعلى سلعة مستوردة وبقيمة 298 مليون دينار خلال العام 2017‏.

بدوره  اوضح ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هيثم الرواجبة  ان ‏التبادل التجاري بين الاردن واليابان ضمن هذا القطاع يعد جزء من العلاقات الثنائية القديمة بين البلدين ‏التي تشهد تطورا ملحوظا كل عام خاصة في مجال التعاون التكنولوجي، مبيناً أن التعاون بين الطرفين يهدف الى تطوير البنية التحتية للاتصالات والشبكات اللاسلكية في الأردن،  ‏لافتاً إلى أن الجهد المستمر لتحسين وتوسيع الشبكات النقالة وخدمات الانترنت، واشار الى دور هذه الشراكة في ‏تعزيز التعاون بمجال تكنولوجيا المعلومات من خلال تقديم الدعم التقني والمعرفي كبرامج التدريب وورش ‏العمل ، وتبادل الخبرات والمعرفة في مجال الامن السيبراني والحماية من التهديدات المعلوماتية اضافة الى ‏الاستثمارات المشتركة بين الطرفين.‏

وحول الزيارة الاخيرة لجلالة الملك عبدالله الثاني لليابان اكد الرواجبة أنها تعد بمثابة خطوة جيدة لزيادة ‏الاستثمارات اليابانية في الاردن والعكس صحيح، اضافة لتحقيق دعم لرواد الاعمال والشركات الناشئة ‏والعمل على تحسين قدرة الشركات اليابانية والاردنية على المنافسة العالمية.‏

من جانبه أكد الدكتور في العلوم المالية والاقتصادية نمر بدوان ان العلاقات اليابانية الشرق أوسطية شهدت ‏مع القرن الحادي والعشرين تطورات معتبرة ونقلة نوعية كبيرة وملحوظة تحت تأثير عدة محددات ‏اقتصادية أهمها سياسية وامنية، كما كان للتحولات التي شهدها نمو اليابان على المستويين الداخلي ‏والإقليمي دورا مهما في التأثير على رؤية اليابان لأهمية العلاقات الاقتصادية خاصة مع دول المنطقة في ‏الشرق الأوسط وخاصة الأردن، لافتا تخليها عن سياستها التقليدية القائمة على إعطاء الأولوية للمصالح ‏الاقتصادية على حساب القضايا الأمنية والسياسية وعلى استخدام الأدوات السلمية ورفض استخدام القوة ‏العسكرية لحل النزاعات الدولية بين الدول.‏
وبين ان اليابان بدأت في انتهاج رؤية جديدة كان لها بالغ التأثيرعلى تطورات واتجاهات العلاقات ‏الاقتصادية بين اليابان والشرق الأوسط ومع الأردن تحديد، واستخدام الأداة العسكرية والتنسيق التام مع ‏الولايات المتحدة في المنطقة، موضحاً الدور الهام الذي لعبه المحدد الاقتصادي لليابان مع علاقتها بالأردن، وكان هذا المحدد بالغ الأهمية ‏وله تأثير على العلاقات الاقتصادية اليابانية الأردنية وذلك وفق متغيرات كثيرة منها، ان اليابان دولة قوية ‏اقتصاديا وعظمى بالدرجة الأولى، ولديها مصالح اقتصادية حيوية كثيرة في الشرق الأوسط وفي الأردن ‏تحديدا مما يعطي هذا الطابع أهمية كبيرة للاقتصاد الياباني على الاقتصاد الأردني ونموه.‏
وذكر انه تعتبر منطقة الشرق الأوسط ذات ثروات ضخمة ومزايا اقتصادية تستقطب الاهتمام الاقتصادي ‏لليابان، والأردن تعتبر ذات موقع استراتيجي للاستثمارات اليابانية داخلها ويعكس ذلك أهمية ومنافع ‏اقتصادية شتى للأردن على اقتصادها المحلي، إضافة الى ذلك، تعتبر العلاقات اليابانية الاقتصادية الأردنية ‏ذات طابع تحكمي في تطوراتها وابعادها الاقتصادية، وان المحدد الياباني الاقتصادي يؤثر على الرؤية ‏اليابانية الأردنية لأهمية المنطقة اقتصاديا‎.‎
وتابع بدوان ان الأوضاع السياسية المضطربة في الشرق الأوسط أدت لزيادة حجم المساعدات الاقتصادية ‏والمالية اليابانية لدول الشرق الأوسط تحديدا والأردن كان لها نصيب من هذه المساعدات، مما أدى الى ‏صياغة العلاقات اليابانية مع الشرق الأوسط، لافتا تكثيف اليابان لمساعداتها على دول الشرق الأوسط ‏واستقطاب الأردن العديد من الاستثمارات اليابانية داخل البلاد.‏
وتحدث عن الأهمية اليابانية الاقتصادية التي تبين من نظرة اليابان الى الأردن انها محور الاستقرار في ‏الشرق الأوسط الذي يربط اليابان بمصالح اقتصادية وتجارية مع دول المنطقة الأكثر أهمية وسخونة، وتمد ‏هذه العلاقات اليابانية الأردنية لسنوات طويلة مضت والتي تنامت خلال السنوات الماضية من خلال ‏الزيارات المتبادلة بين البلدين والتي تشكل أهمية اقتصادية محورية للأردن، مشيرا الى حجم التبادلات ‏التجارية بين اليابان والأردن الذي بلغ اكثر من ٦٢٠ مليون دولار، لافتا ان الاستثمارات اليابانية في ‏الأردن تعد استثمارات نوعية مميزة وهذا ما عزز هذه العلاقة بين البلدين وحافظ على استمرارها لوقتنا ‏الحالي.
 
( الانباط )