محمد داودية يكتب :أعاجم لا يَلحَنون !!
تابعت حديث المُلا مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني على شاشة BBC، وكان حديثاً استراتيجياً شفافاً صريحاً.
لم يًلحَن "الكاكا" مسعود في اللغة العربية، التي ليست لغته الأم، في حين نسجل أن سياسيين ومحاضرين وخطباءَ مساجد ومحللين ومذيعين أردنيين، يَلحَنون، إلا العدد النادر القليل.
وللإنصاف، فإن سياسيي "الفرانكوفونية" أبناء المغرب العربي ولبنان، وأبناء اليمن الحزين، قَلّما يَلحنون في اللغة العربية.
يوم الجمعة الماضي أوشكت أن أذهب إلى المنبر وأقاطع خطيب الجمعة الذي لحَنَ عدّة مرات، لولا أنني أعلم أن مقاطعة الإمام وهو يخطب، حرام. علما انه جاء في فتاوى عليش المالكي: "اللَّحْنُ فِي الْخُطْبَةِ لَيْسَ مِنْ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ, وَلَا يوجب عَزْلَ الْخَطِيبِ" !
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قلتَ لصاحبك والإمامُ يخطب يوم الجمعة أنصت، فقد لغوت".
لم تسلم من لحن إمام المسجد، إلا الآيات القرآنية التي تلاها.
تذكّرني سلامةُ لغة مسعود البرزاني، بالشاعر الكردي-التركي الكبير أحمد شوقي أمير الشعراء العرب بلا منازع، المولود لسيدة تركية شركسية، العضو في مجمع اللغة العربية في دمشق.
كما يذكرني حديثُ البرزاني، بالعلاّمة محمد كرد علي، الكردي المولود لسيدة شركسية، الذي يُعدّ أبرز المدافعين عن اللغة العربية، وهو أول وزير للمعارف والتربية في سورية، ورئيس مجمع اللغة العربية في دمشق منذ تأسيسه عام 1919 حتى وفاته عام 1953.
ويذكرني بالشاعر الكردي الكبير، الذي كتب باللغات العربية والكردية والفارسية، أحمد الجزيري (نيشان) الذي يُعتبر قمةً شاهقةً من قِمم الأدب الكردي.
ثمة علماء أعاجم حملوا لواء الدفاع عن اللغة العربية وأغنوها وطوروها، ومنهم سيبويه تلميذ الفراهيدي، عالِم قواعد اللغة العربية الأبرز. والنحوي ابن جني الموصلي "إمام عِلم العربية". وابن فارس الذي يعتبره مصنّفو الأدب من أئمة اللغة. والزمخشري، "الذي لم يكن أعلم منه في أوانه". والحسن بن أبان الفارسي، الذي يعتبره "معجم الأدباء" أوحدَ زمانه في علم العربية".
ان تحدي الحفاظ على سلامة استخدام لغتنا الجميلة والاستمتاع بجمالها وعمقها يستنهض همم الغيورين وهم كثر وفي طليعتهم الخبير الموثوق الدكتور خالد الكركي رئيس مجمع اللغة العربية التي تضوع اللغة منه كالمسك حين يعتلي المنبر.
وأنا على ثقة انّ وزير أوقافنا المجتهد المُجِد، الدكتور محمد الخلايلة حريصٌ على أن يُتقن أئمةُ مساجدنا وخطباؤها لغتَهم العربية، وهو يعرف ان ذلك يكون بالمزيد من قراءة القرآن الكريم وتدبّره.