الأردن وكندا ... أرقام تجارية خجولة لا تلبي الطموحات
- لم يأن للأردن بعد الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة مع كندا كما هي الطموحات والآمال رغم أن الميزان التجاري للمملكة حقق فائضا خلال العام الماضي، إلا أنه ما زال خجولا ومتواضعا.
ويبذل الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني جهودا كبيرة لتعزيز وتحسين التبادل التجاري مع كندا، وتوطيد أواصر التعاون المشترك بين البلدين، وتعزيز العلاقات الاقتصادية.
ويسعى البلدان خلال العام الحالي 2023، إلى تفعيل اتفاقية التجارة الحرة مع كندا والإسراع في تبادل الوفود التجارية بين البلدين وبذل المزيد من الجهود لترويج وتسويق الصادرات الأردنية من السلع والخدمات والمنتجات الزراعية، وإقامة المعارض بشكل دائم لترويج المواقع السياحية وزيادة الفرص الاستثمارية.
يذكر أن الأردن وكندا وقعا اتفاقية تجارة حرة في عام 2009، ودخلت حيز التنفيذ في عام 2012، حيث تعد أول اتفاقية تجارة حرة توقعها كندا مع دولة عربية.
وبحسب معطيات إحصائية، بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وكندا خلال العام الماضي، 116 مليون دينار، ليميل بذلك الميزان التجاري لصالح المملكة، حيث وصلت قيمة الصادرات الوطنية إلى كندا نحو 80 مليون دينار، فيما بلغت مستوردات المملكة حوالي 36 مليون دينار.
وتنوعت الصادرات الأردنية إلى كندا بين المواد النسيجية ومصنوعاتها، الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية، ومنتجات صناعة الأغذية والمنتجات النباتية.
وتركزت مستوردات المملكة من كندا على المنتجات النباتية "العدس اليابس"، ومعدات النقل، منتجات صناعة الأغذية ومنتجات الصناعات الكيماوية أو الصناعات المرتبطة بها والأدوية.
ووصف رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق، التبادل التجاري بين المملكة وكندا بالمتواضع، مؤكدا أن هناك تقصيرا منذ توقيع الاتفاقية من قبل القطاعين العام والخاص.
واعتبر الحاج توفيق أن التقصير الأكبر كان على القطاع الخاص، حيث انه لم يستغل هذه الاتفاقية المهمة بين البلدين خاصة وأن كندا تعد من الدول المستهلكة والمنتجة بذات الوقت، وتضم العديد من الجاليات العربية والمسلمة وهي متنوعة في الثقافات والاستهلاك.
وبين الحاج توفيق خلال حديثه لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن التقصير يكمن في عدم الترويج لهذه الاتفاقية بالشكل الأمثل بالنسبة للمستثمرين الذين يرغبون في البحث عن مشاريع ذات جدوى، موضحا أن ذلك جاء نتيجة عدم حصول القطاعين الخاص والعام أو أي جهة معنية على دراسة متخصصة متعلقة بحالة السوق الكندي، وحجم الاستهلاك لكل سلعة.
وأكد أهمية وجود دراسة واقعية تشمل المواد التي يستهلكها سكان هذا البلد، لافتا إلى أن هذه المواد معفاة من الجمارك ويعد هذا الإعفاء ميزة تمكن الأردن من الحصول عليها، وأن طرح مثل هذه الدراسات أمام أي مستثمر أردني يرغب بالاستثمار، يعد فرصة للبيع في سوق كبير مثل السوق الكندي.
وبين أن وجود دراسة متخصصة يساعد بالترويج لصناعاتنا، من السلع والتحف والأشغال اليدوية والمنتجات الزراعية سواء كانت من المواد الزراعية الجافة،مثل الزعتر والاعشاب أو من الفواكه والخضار الموسمية التي يمتاز بها الأردن.
وأكد الحاج توفيق، أن المطلوب حاليا الإسراع في تبادل الوفود التجارية بين البلدين، ممثلة بالقطاعات التي لديها فرص استثمارية، مشيرا إلى أن الغرفة ستقوم وبالتنسيق مع السفارة الأردنية في كندا، بزيارة لكندا من قبل وفد اقتصادي أردني، خلال الصيف القادم.
ولفت إلى أن الوفد الاقتصادي سيبحث عن ترويج الصادرات الأردنية من السلع والخدمات والمنتجات الزراعية، كما سيدرس إمكانية استغلال الطبيعة الزراعية في كندا، لعقد اتفاقيات تساهم في تحقيق الأمن الغذائي في الأردن.
وأشار إلى أنه سيتم إنشاء معرض أردني دائم في كندا يسمى بـ"بيت الأردن"، يشمل جميع ما يتميز به الأردن، من حيث الترويج لمواقع سياحية، وفرص استثمارية لمناطق تنموية لصناعة التحف، والسياحة العلاجية، إضافة إلى الترويج للموارد البشرية.
وقال الحاج توفيق، إن كندا تعد فرصة كبيرة لتشغيل الشباب ضمن مواصفات ومتطلبات معينة، حيث تقدم كندا العديد من الحوافز الاستثنائية للأيدي العاملة التي يحتاجها السوق الكندي، مبينا أن هناك مؤسسة تسمى "بنك العمالة أو بنك الوظائف في كندا" يمكن الاستفادة منها وتحتاج إلى عشرات الآلاف من الوظائف لكن ضمن متطلبات معينه، حيث يحتاج شبابنا إلى التدريب وهم قادرون على ذلك ويشكل هذا البنك فرصة لإيجاد فرص عمل برواتب مرتفعة ومميزات تقدمها الحكومة الكندية.
وأضاف أيضا، أن المطلوب اليوم دعوة الوفود الاقتصادية الكندية لزيارة الأردن لإطلاعهم على الخارطة الاستثمارية وعرض المنتجات على أرض الواقع، إضافة إلى عقد لقاءات ثنائية وتبادل الخبرات بين البلدين.
وأكد، أنه إذا تكللت هذه الجهود بالنجاح، سيكون هناك فارق كبير وقفزة نوعية في أرقام التبادل التجاري بين البلدين في العام 2024.
وأشار إلى أن هناك دورا كبيرا للسفارة الأردنية في كندا في السعي لتحسين التبادل التجاري، من خلال المبادرة وتسهيل المهام للقيام بمثل هذا الزيارات، مبينا أن هذا ما كنا نطالب به بتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية للسفارات الأردنية في الخارج.
وأكد أن العلاقات السياسية مع كندا في أفضل مستوياتها، كما أن هناك اهتمام من قبل جلالة الملك لزيادة التبادل التجاري بين البلدين، وجذب الاستثمارات، مشددا على أن الدعم الملكي لهذه الجهود سيساعد في إنجاح الجهود المقدمة من القطاع الخاص بالتعاون مع وزارتي الاستثمار والصناعة والتجارة، إضافة إلى المناطق التنموية مثل سلطة العقبة الاقتصادية والهيئات التي تمثل المناطق السياحية مثل البترا.
وأوضح أنه يمكن مضاعفة الأرقام مع كندا، في ظل الدعم الملكي، واتفاقية التجارة الحرة والرغبة من الجانب الكندي في تفعيل هذه الاتفاقية كما يجب والاستفادة منها.
بدوره، قال رئيس جمعية المصدرين الأردنيين أحمد الخضري، إن قيمة الصادرات الوطنية إلى كندا بلغت خلال العام الماضي ما يقارب 80 مليون دينار، بهيكل صادرات مشابه إلى حد ما لهيكل الصادرات الأردنية للسوق الأميركية.
وأضاف أن صادرات قطاع الألبسة والمحيكات تصل إلى ما نسبته 65 بالمئة، من إجمالي الصادرات الأردنية للسوق الكندي، بالإضافة للأجهزة الكهربائية المنزلية والخلايا الضوئية التي تستحوذ على ما يقارب 26.6 بالمئة، فيما لا تتجاوز صادرات القطاع الغذائي سواء الزراعي أو المصنع ما نسبته 5 بالمئة، من إجمالي الصادرات الأردنية.
وأشار الخضري إلى أن حجم التبادل التجاري المتواضع بين الأردن وكندا، يأتي في المقام الأول لضعف معرفة المصدرين الأردنيين بوجود اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين وكلف الترويج والتسويق والتشبيك مع مستوردين كنديين والتي لا تسطيع غالبية المنشآت الصغيرة والمتوسطة تحملها، إضافة إلى ضعف وجود أبحاث سوقية متخصصة وتفصيلية حول السوق الكندي لتسهم في توسيع معرفة المصدرين الأردنيين عنها.
ودعا إلى ضرورة عقد ورش عمل توعوية مكثفة عن الاتفاقية الكندية ومجمل الاتفاقيات التجارية الأردنية وآليات الاستفادة منها، إضافة إلى ضرورة توجيه الجهود الحكومية وجهود مؤسسات القطاع الخاص في الترويج للصناعة الأردنية بشكل عام داخل السوق الكندي.
وأشار إلى أن السوق الكندي هو احد الأسواق المستهدفة ضمن استراتيجية التصدير التي أعلنت عنها وزارة الصناعة والتجارة والتموين.
وبين الخضري أن جمعية المصدرين الأردنيين تقوم سنويا بالمشاركة بالمعرض الغذائي Sial، حيث يكون عاما في تورونتو مقاطعة اونتاريو وعاما في مدينة مونتريال مقاطعة كوبيك، مضيفا أن هناك دراسة لعمل بعثة تجارية من الصناعيين الأردنيين إلى كندا للتشبيك مع التجار والمستوردين الكنديين.