موجة بحر؛ فلنحمي الوطن..ليحمينا
المهندس عامر الحباشنة
هذا العنوان من كلمتين يحتاج إلى شرح طويل لا تحتمله صفحات الفيس بوك، لذلك ساختصر بعناوين ومفاتيح، فنحن وطن تشكل بوضعه الحالي من بقايا حلم مغتصب كانت حدودة أكبر وطموحات وأحلام ابنائه أبعد من حيث اختصر، حلم دفع الأجداد ثمنه على اعواد المشانق وساحات التحرر، وحتى ما بقي من حلم لم يكن ليسمح له بالاستمرار لولا ان البعض اراده وظيفة لما هو اكبر، فكان ما كان من وطن تداخلت في تكوينه أحلام التحرر المتزامنة مع المشروع المتوج بالنكبة غربي النهر، فتكامل المتكامل أصلا دون أن يتحقق الحلم المغدور، وما ارادة البعض وطنا لا يتجاوز جغرافيا ما بعد التقسيم ودورا لا يتجاوز حدود الوظيفة، نما هذا الوطن برجال رجال لم يستسلموا للقدر ولم يقبلوا الأمر الواقع، ليبنوا وطنا متكاملا ارادوه نموذجا مستقرا ونهائيا دون انغلاق، بعكس ما أراده من أراد غيرهم، ونجح الوطن برجاله وقيادته في تجاوز استحقاقات الإقليم واضطراباته وانقلاباته وتغيراته، وكان في كثير من المراحل كالذي يسير على حد السيف بين ما يريد وما يستطيع ان يؤدي.
وهنا، وبالمجمل ولعقود خلت حافظ الوطن برجاله على وسطية في النهج والمنهج، هذه الوسطية تلاعبت بها أدوات العصر والمراحل اللاحقة لتدخلها بنهج التزاوج بين السلطة والثروة، بين الناموس والفلوس كما قال الراحل حابس المجالي ، تزاوج افقد الدولة ميزتها وتميزها، وقاد الجميع الدولة لسياسات اقتصادية واجتماعية غربية وطارئة ، جعلت المسافات تتباعد وجسور الثقة تتهاوى بين الدولة والمجتمع، وتلك السياسات لم تقدم بدائل وحلولا بقدر ما جعلت الوطن بابنائه خاضعا لسياسات إقتصادية ومتطلبات إجتماعية يتحكم بها الخارج من الدائنين والمانحين، وظن البعض أن الحلول لا تكمن إلا بطريقين، ديون ومساعدات الخارج وجيوب المواطن في الداخل، ونسوا أن ثمن الخارج اصبح باهظا، واستحقاق الداخل اصبح ثقيلا.
والآن، وقد تغير ما تغير وجرى في الوادي مياه كثيره، في زمن تفتيت الجوار، فمثلما انكشف الظهر بخروج بغداد من المعادلة وازدياد ذلك بإشعال دمشق، وحالة الانقسام في المشروع الوطني الفلسطيني، والتحول في نهح السياسات الاقتصادية والأمنية الخليجية، كل ذلك مترافقا مع صراع اقليمي على ملء الفراغ إقليميا وتوسع في المشروع التصفوي للقضية الفلسطينية، مع كل هذا التغير والتغيير، لم يكن بالإمكان أن يتجنب الاردن هذه التحولات، وأن إستطاع تجاوز دمار الربيع العربي فإنه على المحك في القدرة على تجاوز ارتدادات ذلك الربيع ونتائجه وتحولاته، وهنا يكمن التحدي.
التحدي الذي يحتاج إلى جهود الجميع بالحفاظ على الوطن المستهدف بذاته في هذه المرحلة، وهنا السؤال ونحن نشاهد ونعيش حجم التجاذبات والتباعد وفقدان الثقة بكثير من المؤسسات الوطنية، فكيف نعيد الثقة بالحكومات بعدما فعلت ما فعلت بأدائها الإقتصادي والوطني، وكيف نعيد الثقة بالسلطة التشريعية وقد أصبح واقعا وانطباعا بأنها اداة ونتاج قوانين إنتخابات تفتقد لثقة المواطن.
أخيرا، هذا وطن تشكل كما غيره، لكنه بجذوره الكامنة وبمؤسساته اصبح مستهدفا أكثر من اي وقت مضي على أعتاب التصفية المرادة للقضية الفلسطينية وسيادة التقسيم الاثني والطائفي والإقليمي في الجوار ،وهذه حقيقة أصبحت جلية ويسهل قراءتها بين ثنايا تصريحات الدول الفاعلة وسياساتها، وهذا يتطلب وقفة لحماية ما أصبح وطنا مستهدفا، ولن يكون ذلك إلا بالبدء من الداخل بمشروع وطني إصلاحي يحمي الوطن ليحمي الجميع، مشروع نتجاوز فيه تجاذبات المصالح المتنافسة ونتاجات غياب المؤسسية والشفافية، مشروع يعيد زراعة الأمل فيما تصحر بفعل تراكمات السياسات والممارسات الخاطئة، مشروع نعترف من خلاله جميعا بأن المركب واحد، وبأن الإصلاح مصلحة للجميع وضمان للصمود، مشروع يعيد للعقد الإجتماعي والدستوري زهوه وللدولة هيبتها وللمؤسسات فعاليتها.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.//