التباين الفكري في المنهجية السياسية !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
إن رد الفعل يصنعه الانسان لنفسه عبر العديد من الصفات فاذا كان الفكر او العمل مقترناً بالصلاح لتحددت مواصفاته وصفاته حيث ان الصلاح نهج يختاره الانسان بخالص ارادته وحريته واختياره ويلقى عليه الثواب او العقاب ، اما الانسان الذي ينكر السعي بالصلاح لاسباب مادية او معنوية فان المادة ستزول وتفنى ولا تستحدث وتبقى وفق قوانين ذاتية فكل شيء بين هذا التباين الفكري بالعمل والعطاء والصلاح يخضع الى التجربة والاختبار فما نجهله اليوم عن امر ما سنعرفه غداً .
ان سبب هذا التباين يعود إلى الحرية التي لدى الانسان في تكوين الفكر الذي يريد ان ينتهجه ، ولذلك يتحمل كل فاعل اياً كانت مكانته ودرجة مسؤولياته رد فعله دنيوياً وأخروياً والفكر لدى اي انسان من حيث التقويم كالنفس اما ان تتجه نحو الصواب او نحو الانحراف اي نحو عمل الخير او نحو عمل الشر والمضرة فهذه حرية اختيار وحرية التفكير والتكوين الفكري عند اي مسؤول هي كحرية الارادة والعمل الارادي .
لذلك نجد ان الكثيرين يغيرون من سياساتهم ومواقفهم ومبادئهم وافكارهم حسب قناعاتهم الذاتية المبنية في كثير من الاحيان على مواقف الآخرين سلباً او ايجاباً ، فهو اما ان يحسن استخدام الارادة او يسيء استخدامها وعليه وحده يقع رد فعل ما يعمل وفقاً لوعيه وادراكه فهذا الشيء الفكري الخاص بالانسان يعني حالة انتقال من داخله الى خارجه باتخاذه لقراراته ، وكلنا يعلم ان الفكر مقومة اساسية وضرورية قد خلقها الله في الانسان لتجني فيها ثمرة تأمله ونظره وتحليله للامور لما كان يفكر بها وفق خبراته العملية وتجاربه ومقاييسه للامور وتوازناتها .
نحن نشهد على الساحة اختلافا واضحا بالفكر السياسي لدى كبار المسؤولين في الحكومات المتعاقبة ، واصبح له دلالات معرفية وانعكاسات سلبية لا يتجاهلها الا غافل او من تجاوزه قطار المعرفة ولكل شخص منظاره ورؤيته لكافة المعطيات التي القت بثقلها على كاهل المواطن وما افرزته من حراكات شعبية او تعبيرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي منها المتزن ومنها غير المتزن منها الاخلاقي ومنها غير الاخلاقي منها العقلاني ومنها غير العقلاني حسب ثقافة الادراك لكل شخص .
فمنهم من يعتبرها ثقافة ناقدة كل ذلك كان سببه الاختلاف الفكري في منهجية عمل كل حكومة عن الحكومة التي تليها اي ان كل حكومة تعمل وفق منهجية الرئيس الفكرية وليس على منهجية سياسية وطنية ثابتة بل متغيرة حسب المزاجية لدولة الرئيس ومن يسانده من طاقمه الوزاري في تحقيق رؤيته هذا الاختلاف الفكري كان مصدر قلق وتوتر في كثير من الاحيان وسبب في خلق ازمات كثيرة بدل ان يحتوي الازمة ، فليس هناك من طاقم مسؤول لديه القدرة او الصلاحية او الامكانيات القادرة على ضبط الامور ووضعها في نصابها الصحيح فالكل يخضع الى سلطات الرئيس في تنفيذ الاوامر والتعليمات وخلق المبررات .
ان دهاليز فلسفة الاختلاف الفكري وما ترتكز عليه من اسباب ودوافع ومبررات وما تنتهي اليه من نتائج وغايات اصبحت تكون مواجهة علنية بين الحاكم والمسؤول في الحكومة وبين المحكوم من الشعب والتباين الفكري بين رؤساء الحكومات ، يأخذ الفارق الملموس بين الرقي والانحدار علماً بأن لا فرق بالمؤهل العلمي لكن هناك من يسير باتجاه الهاوية بقراراته غير العقلانية وهناك من يسير نحو العلو في قراراته الانسانية والوطن يبقى الارضية الخصبة للشتل الصالح لينبت ثمراً طيباً كونه القاعدة الحاضنة لكافة الاجندات الوطنية ، بالمقابل نبذ الشتل السيىء ، حتى لا يعيش الناس وهم مغلوبون على امرهم من مرارة ثمر شتلهم السيىء فالبحث دوماً عن الرجال الاوفياء المخلصين الذين يضيئون بمشاعلهم طريق الظلام فهناك من المسؤولين ممن بفكرهم ضلوا الطريق الى افكار وقرارات ظلامية .
ان هذا التباين الفكري كان لا بد دوماً من ان يخضع الى مرجعية وطنية من نخبة الرجال الاوفياء القادرين على تقييم الامور ووضعها وفق موازين عادلة تضع بين عينيها مصلحة الوطن والمواطن .
وحتى لا تبقى الامور تعتمد على مزاجية التفكير ومزاجية الفكر الاحادي ومزاجية اتخاذ القرارات فهل من مجلس سياسات خاص بالحكومة ، يكون مرجعية لبعض القرارات التي تمس حياة المواطن المعيشية والعملية بعد ان اصبحت المجالس الاخرى صورية ليس بامكانها صد القرارات المجحفة بحق المواطن .
وكلنا يعلم انه لا يوجد اي قانون وضعي يحاسب ناقصي العقل باعتبارهم مكتملي الاهلية لادارة الامور ومن يقّوم هذا الاعوجاج اذا اتخذ قراراً كانت له ردود عكسية سلبية وخطيرة ، فهناك مجالس شورى يجب ان تكون على مقدرة من تصويب ادراك عقل المسؤولين لمفردات قراراتهم وتعالجها بمنهجية وتبرز القصور بالقرارات وفق انعكاساته السلبية لا ان تبقى مجرد مجالس تنظر للامور من بعيد .
فالعلم الانساني لأي مخلوق يبقى قاصرا كذلك العقل الانساني مهما كان نموه يبقى قاصراً ولقد قال الله تعالى ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ) البقرة ، ويقول سبحانه وتعالى ( وما اوتيتم من العلم إلا قليلاً ) الاسراء .
فالحكمة والهدى وصواب التفكير لا يكون فقط من ذات الانسان وحده كون ان العلم الكامل من اختصاص الله تعالى وحده فقط دون سائر مخلوقاته قال تعالى ( انما الهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علماً) طه .
فالانسان يحتاج الى مرجعية حيادية وطنية ليس لها اي ارتباطات خارجية او ازدواجية بالجنسية لتكون في مجلس شورى للحوار الوطني لكثير من القرارات التي تمس الوطن والمواطن ، في ظل المتغيرات والمستجدات الحالية والمستقبلية فهذا الوطن يعني الجميع وليس افراداً فقط والقرار الجماعي المتفق عليه ديمقراطياً أصوب بكثير من القرار الفردي غير المبني على اسس ومعايير وطنية .//
hashemmajali_56@yahoo.com