معركة درعا.. الحسم بات شيكا والباصات الخضراء بانتظار مسلحي المعارضة 

تصاعد حركة النزوح باتجاه الحدود الأردنية

 

 جهينة نيوز – مامون العمري

صعدت قوات النظام قصفها على ريف درعا لتتصاعد بدورها حركة نزوح المدنيين باتجاه الحدود مع الأردن،وألقت براميل متفجرة على بلدتي المجيدة وناحتة ومدينة الحراك في ريف درعا الشرقي، مشيرا إلى أن حركة نزوح المدنيين من ريف درعا الشرقي باتجاه الحدود مع الأردن تزداد وتيرتها، في حين طالبت فصائل المعارضة المسلحة في درعا جميع المعارضين بعدم الانخراط في لجنة تشكيل الدستور تزامنا مع هذا التصعيد.

 ما الذي يحدث اذن في محيط درعا ؟ ولماذا هذا التصعييد ؟ وهل اختارت  دمشق التوقيت الصحيح  لاشعال هذه البؤرة الهادئة نسبيا بعد اتفاق خفض التصعييد ؟   الانباط تحاول في عددها هذا الاجابة على هذه الثلاثية  من الاستفسارات التي شكلت خبر  تصعيد قوات النظام  وتوسيع عملياتها في درعا ومحيطها  وقد أعلنت الجبهة الجنوبية -وهي أبرز تشكيل عسكري للمعارضة المسلحة بدرعا- أنها لن تمنح الشرعية لأي ممثل من هيئة التفاوض المعارضة للمشاركة بأي عملية سياسية في حال انخراط الهيئة في اللجنة الدستورية التي يعكف المبعوث الأممي ستفان دي ميستورا على تشكيلها.

وطالبت الجبهة الجنوبية في بيان من وصفتهم بـ"الشرفاء الأحرار" بالانسحاب من هيئة التفاوض في حال مشاركتها باللجنة الدستورية، خصوصا في ظل التصعيد الحاصل بدرعا، معتبرة أن تشكيل هيئة الحكم الانتقالي هو القرار الذي يجب أن يكون سابقا لتشكيل اللجنة الدستورية.

تداول ناشطون سوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلا مصورا لأحد عناصر النظام السوري وهو يتوعد أهالي درعا في جنوب سوريا، وسط أنباء عن حشد النظام لمعركة هناك.

وأظهر الفيديو المنشور -أقل من 30 ثانية- عنصرين للنظام على متن دبابة محملة على ناقلة ثقيلة وفي طريقها إلى درعا حين أخذ أحدهم يهدد أهالي درعا، ويخبرهم بأنهم قادمون إليهم ضمن قوات النمر، وأضاف أنهم سوف يجعلون عويلهم يصل إلى قبرص.

ويأتي هذا الوعيد ضمن الحملة العسكرية الكبيرة التي يحشد لها النظام السوري في جنوب سوريا بقيادة العميد بالجيش السوري المقرب من روسيا سهيل الحسن الملقب (بالنمر)، وذلك حسب عشرات الفيديوهات التي أخذت تنتشر منذ يومين على منصات التواصل الاجتماعي وتعكس حجم القوات المتجهة للجنوب وتؤكد أنها بقيادة الحسن.

وتعد درعا مهد الثورة السورية ومازالت أجزاء كبيرة منها تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة، كما أنها تدخل ضمن المناطق التي شملتها اتفاقيات خفض التصعيد في الجنوب السوري، إلا أن النظام يصب كامل اهتماماته بعد سيطرته على الغوطة الشرقية على استعادة درعا من المعارضة المسلحة والسيطرة على الجنوب السوري كاملا.

تحاول قوات الأسد والميليشيات المساندة لها التقدم من ثلاثة محاور باتجاه مناطق سيطرة فصائل المعارضة في الريف الشرقي لدرعا، دون إحراز أي تقدم حتى اليوم.

وتعتمد في معاركها على التغطية الجوية من الطيران الحربي والتمهيد المدفعي والصاروخي، الذي طال الأحياء السكنية، وقتل العشرات من المدنيين في الأيام الثلاثة الماضية.

ندد الاتحاد الأوروبي الجمعة بالهجوم الذي يشنه النظام السوري في محافظة درعا الخاضعة بغالبيتها لسيطرة فصائل معارضة، ودعا حلفاء دمشق إلى وقف الأعمال القتالية لتجنب مأساة إنسانية.

 

 

وجنوب غرب سوريا هي إحدى مناطق خفض التوتر التي تم التوصل إليها بموجب اتفاق في أستانا في مايو 2017 برعاية روسيا وإيران وتركيا، وفقاً لمايا كوسيانيتش المتحدثة باسم وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني.

 

 

وقالت المتحدثة في بيان "العملية العسكرية الحالية تجري في منطقة خفض توتر تعهدت الأطراف الضامنة في أستانا حمايتها".

 

 

وأضافت "مطلوب من أطراف أستانا ضمان وقف الأعمال القتالية في هذه المنطقة كأولوية ونتوقع منهم أن يحترموا هذا الالتزام".

 

 

وتابعت أن "جميع التدابير ضرورية لحماية أرواح المدنيين وكذلك ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عراقيل بشكل آمن ومستمر".

 

 

وقد نزح أكثر من 12 ألف شخص خلال الأيام الثلاثة الماضية من محافظة درعا اثر قصف للنظام، حسبما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.

 

 

وحذرت المتحدثة من أن "نيران المدفعية والغارات الجوية تدفع السكان إلى الهرب باتجاه الحدود مع الأردن، الأمر الذي قد يؤدي إلى عواقب إنسانية مدمرة". وقد أعلنت الأمم المتحدة أن الهجوم يهدد أكثر من 750 ألف شخص في المنطقة.

 

 

وتسيطر فصائل معارضة مختلفة على قرابة 70% من منطقة درعا حيث يحتفظ تنظيم الدولة "داعش" بوجود هامشي.

 

وفي حديث مع قائد فصيل “جيش أحرار العشائر”، راكان الخضير (أبو حاتم) اليوم، الجمعة 22 من حزيران، حدد المحاور التي تحاول من خلالها قوات الأسد التقدم وهي محور قرية البستان ومحور كتيبة الدفاع الجوي في حران بالإضافة إلى محور صما الهنيدات.

وأضاف القيادي أن جميع المحاولات فشلت حتى اليوم، مشيرًا إلى تعزيزات إضافية وصلت صباحًا إلى منطقة سكاكا والدورات.

وتسعى قوات الأسد إلى السيطرة على بلدتي المسيكة وبصر الحرير، الأمر الذي يؤدي إلى فصل منطقة اللجاة بشكل كامل عن مناطق الريف الشرقي.

ذكر “التلفزيون السوري”، الخميس، أن “الجيش السوري” قطع خطوط إمداد “جبهة النصرة” (المنضوية في هيئة تحرير الشام) في منطقة اللجاة شمال شرق درعا.

لكن القيادي “أبو حاتم” نفى أي تقدم لقوات الأسد، لافتًا إلى اشتباكات تشهدها المنطقة حتى الآن، وتحاول الفصائل العسكرية صدها بشكل كامل.

ولم يتضح الموقف الأمريكي تجاه خرق قوات الأسد اتفاق “تخفيف التوتر” في الجنوب، وكانت أمريكا قد هددت، الأسبوع الماضي، بالرد على انتهاكات قوات الأسد، وطالبت روسيا بكبحها.

         

وفي حال عزل منطقة اللجاة تجنب قوات الأسد دخولها عسكريًا ومحاولة الضغط عليها للاستسلام دون قتال.

وتُعرف منطقة اللجاة بوعورتها الجغرافية الصخرية، وبيئتها العشائرية، ما يجعلها حصنًا لفصائل المعارضة يتيح لها خوض معارك قد تمتد لأشهر طويلة.

وتعتبر “قوات النمر” رأس الحربة في العملية العسكرية المرتقبة، ووصلت تعزايزت ضخمة لها في الأيام الماضية إلى ريف السويداء الغربي والشمالي الغربي، وسط الحديث عن اتخاذ مطار الثعلة مقرًا لغرفة عمليات المعركة من قبل العميد سهيل الحسن.

وأعلن المجلس المحلي لبلدة المليحة الشرقية جنوبي اللجاة في ريف درعا المنطقة “منكوبة”، بسبب الهجمة العسكرية التي تشنها قوات الأسد.

وقال المجلس التابع للحكومة السورية المؤقتة في المعارضة الجمعة 22 من حزيران، إن المنطقة أعلنت منكوبة بسبب القصف المكثف والهجمة الشرسة التي تتعرض لها بلدة المليحة، والبلدات المجاورة، منذ ثلاثة أيام.

وناشد المجلس في بيان له، جميع المنظمات الإنسانية، لمد يد العون للسكان النازحين جراء القصف على البلدة، مضيفًا أن النازحين لا يجدون مأوى لهم.

وأفاد مراسل عنب بلدي في درعا اليوم أن قوات الأسد تواصل حملة القصف الصاروخي والمدفعي على مدن وبلدات ريف درعا الشرقي، بالتزامن مع مواجهات على الأرض ضد فصائل المعارضة العاملة في المنطقة.

وأضاف أن القذائف تستهدف كلًا من قرى جدل والبستان والشومرة والسياح، بالإضافة إلى بلدة مسيكة التي استهدفتها قوات الأسد بالرشاشات الثقيلة وراجمات الصواريخ.

تحدث المكتب الإعلامي لمنطقة اللجاة، عن سقوط إصابات في قرية الشياح بين المدنيين، جراء القصف الصاروخي على البلدة.

واستهدف الطيران الحربي مدينة الحراك بالبراميل المتفجرة، ما أدى إلى إصابات.

وبحسب المراسل، يحاول النظام الضغط على مناطق ريف درعا بالقصف للقبول بالمصالحة والتسليم.

وذكرت وسائل إعلام النظام أن “التنظيمات الإرهابية” اعتدت على حي الضاحية في مدينة درعا بعدة قذائف صاروخية، وردت قوات الأسد على مصدر القصف بالقذائف والوسائط النارية، بحسب تعبيرها.

ويعتبر قصف قوات الأسد خرقًا لاتفاق “تخفيف التوتر” الذي انضم له الجنوب السوري، في تموز العام الماضي.

وقال “الدفاع المدني” إن فرقه تنقل الحالات الطبية الطارئة، وخاصة التي تتطلب سيارات إسعاف ذات كفاءة عالية، إلى المشافي الميدانية.

 

السيناريوهات المحتملة

كثف النظام السوري عمليات القصف الجوي والمدفعي خلال اليومين الماضيين على مدينة درعا ومحيطها بعد نحو أسبوعين من مواصلة حشد قواته استعدادا لعمل عسكري وشيك يهدف إلى استعادتها. ويأتي ذلك رغم التحذيرات الأميركية المتتالية التي هددت النظام برد “حازم”، وفي ظل غموض كبير يلف موقف كل من روسيا وإسرائيل خلال الهجوم المتوقع، وهو ما يفتح الباب لتطورات خطيرة في قادم الأيام.

 

 

للوهلة الأولى قد يبدو المشهد واضحا وخاليا من التعقيدات، إذ يقوم النظام السوري بدعم من روسيا بمواصلة استهداف المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة واحدة بعد الأخرى، كما جرى في العشرات من الحالات خلال العامين الماضيين دون تعقيدات دولية وإقليمية تذكر.

 

 

هكذا، يبدو مصير مدينة درعا معروفا بصورة مسبقة وهو الاستسلام ونقل المقاتلين بالباصات الخضراء إلى شمال سوريا، وذلك بعد عملية عسكرية كبيرة تدمّر المحافظة وتقتل وتهجّر عشرات الآلاف من المدنيين.

 

 

ورغم وجود نحو 60 ألف مقاتل يتبعون لما يسمّى بالجبهة الجنوبية التي تقود العمل العسكري في محافظة درعا وريفها، لكن تحقيق النظام السوري بدعم جوي روسي لنصر عسكري لا يبدو صعبا، إذ أن الدعم الروسي غيّر توازنات القوى وتسبب في سقوط مناطق كانت تبدو عصية جدا وأهمها كل من مدينة حلب والغوطة الشرقية.

 

 

ولكن المشهد في محافظة درعا هو أكثر تعقيدا بالفعل. فليس واضحا ما إذا كانت روسيا سوف تقدم الدعم الجوي المطلوب للنظام السوري بسبب مفاوضاتها الجارية مع أميركا وإسرائيل.

 

 

كما أنه ليس واضحا ما إذا كانت أميركا وإسرائيل سوف تسمحان للنظام السوري بشن عمل عسكري بري، أو على أقل تقدير بالوصول إلى المناطق الحدودية مع مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل

.

 

ويرجع هذا التعقيد الدولي والإقليمي إلى خشية إسرائيل من سيطرة النظام السوري وإيران على المناطق الحدودية وهو ما تعتبره خطا أحمر خصوصا بعد توسع النفوذ الإيراني في سوريا.

ويمثل الموقف الأميركي في هذا السياق الحسابات الإسرائيلية بكل بساطة، إذ أنه بخلاف دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا، لا توجد استراتيجية أميركية محددة تخص الجنوب السوري.

 

 

ولحل هذا التوتر المحيط بمصالح إسرائيل الأمنية في الجنوب، عقد الأردن وأميركا وروسيا اتفاقا خاصا لوقف إطلاق النار في الجنوب السوري منذ نحو عام والتزم به النظام السوري بصورة تامة. ولكن مع سيطرة الأخير بدعم روسي إيراني على مناطق ريف دمشق وحمص، عاد الاهتمام مجددا للسيطرة على الجنوب السوري.

 

 

ومع بدء النظام السوري حشد قواته العسكرية منذ نحو أسبوعين، عادت المفاوضات مجددا وقد شملت الأردن وروسيا وأميركا وتم إدخال إسرائيل بصورة مباشرة هذه المرة. قدمت موسكو مقترحا تضمن بموجبه عدم تواجد الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران في المناطق المحاذية للجولان المحتل بعد استعادتها، وأن ينتشر الجيش السوري فقط في تلك المناطق.

 

 

ولا يعرف حتى اليوم ما إذا كان الطرفان الأميركي والإسرائيلي قد قبلا بالمقترح الروسي. ففي حال القبول به، تكون الحشود العسكرية للنظام السوري قد تلقت الضوء الأخضر ويكون مصير محافظة درعا، بالفعل، كمصير بقية المدن والبلدات التي سقطت في مواجهة الهجوم العسكري المدعوم روسيا.

 

 

ولكن تسريبات عديدة أشارت إلى أن أميركا وإسرائيل قد رفضتا الاقتراح الروسي، وطالبتا بأن تكون المنطقة الحدودية خالية من كل من الميليشيات الشيعية والجيش السوري أيضا، وأن تتواجد قوات روسيا في تلك المناطق وهو ما رفضه النظام السوري وإيران.

 

 

من المرجح أن اتفاقا سياسيا عسكريا حول مستقبل محافظة درعا ومحيطها قد فشل بين الأطراف الدولية والمحلية حتى الآن. ويشير إلى ذلك عدم حديث المعارضة السورية عن اتفاق محدد طرح عليها لقبوله أو رفضه. كما يشير إلى ذلك ارتفاع مستويات القلق الأميركي والأردني، حيث عادت الولايات المتحدة لتحذير النظام من عمل عسكري في المنطقة، ويخشى الأردن أن يتسبب الهجوم العسكري بإطلاق موجة لجوء جديدة في لحظة يعاني فيها اقتصاده وتتزايد احتجاجات مواطنيه. ورغم هذا المناخ الإقليمي والدولي المعارض لعملية عسكرية للنظام السوري، واصل الأخير حشد قواته، وهو ما يتطلب تفسيرا لهذه الجرأة التي يتمتع بها النظام السوري.

 

 

إن لم تكن جرأته مستمدة من اتفاق سري جرى التوصل إليه خلال الأيام الماضية، فهي مستمدة من هوسه بالسيطرة المطلقة على كل شبر من البلاد وبإخضاع السكان فردا فردا. لا يمارس النظام السوري السياسة بل يمارس العنف والإخضاع المطلقين وهما جزء أصيل من تكوينه ويحددان سلوكه حتى في أصعب الظروف وأشدها خطورة.

 

 

نتذكر كيف واصل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي هجومه على بنغازي لسحق التمرد الشعبي رغم ما ولّده ذلك من تهديد بتدخل دولي حصل بالفعل في نهاية المطاف، وأدى إلى سقوط النظام الليبي. كذلك هو النظام السوري، بدعم إيراني، محكوم بالقمع والطغيان والإخضاع وسيقوم بممارسة ذلك في كل مرة وفي كل مكان، طالما بقي على قيد الحياة.

 

وأوضح مصدر ميداني لوكالة "سبوتنك" أن وحدات الجيش حققت تقدما كبيرا في منطقة اللجاة على محور بلدات الشومرة والمدورة والعلالي موقعة عشرات الإرهابيين بين قتيل وجريح، وتمكنت من تحرير بلدة الشومرة وسط انهيار واضح في صفوف الجماعات المسلحة.

وكشف المصدر أن العديد من الفصائل التي يقاتلها الجيش السوري في ريف درعا الشرقي تطالب بالاستسلام لشروط الجيش والقاء السلاح والدخول في التسوية، وسط اقتتال الجماعات المسلحة فيما بينها واتهامات متبادلة بالخيانة، حيث وردت أنباء عن طلب قرى الاصلحة والكرك الشرقي المصالحة والدخول في التسوية، بعد محاصرة وحدات الجيش لهذه البلدات.

وأشار المصدر إلى ورود معلومات عن أن "ألوية العمري" التابعة لغرفة عمليات الموك "إحدى أبرز الجماعات المسلحة المقاتلة للجيش السوري في اللجاة"، عينت القيادي علي الدولة خلفا لوجدي أبو ثليث الذي اتهمته ومن معه بالخيانة، بعد انشقاقه عنها أمس مع نحو 1500 من المقاتلين وانضمامهم إلى جانب الحكومة السورية.

وبين المصدر أن معارك عنيفة دارت خلال الليلة الماضية بين القوات المسلحة السورية وبين المجموعات الإرهابية، في مناطق شرقي درعا واللجاة، وأن سلاح الجو السوري شن غارات مكثفة على معاقل المسلحين في بصر الحرير والبلدات المجاورة لها، في حين أطلقت المجموعات المسلحة عشرات القذائف الصاروخية على الأحياء الآمنة، مستهدفة المدنيين.

وفي السياق ذاته كشفت مصادر أهلية لوكالة "سبوتنك" أن الفصائل المسلحة التابعة لـ"النصرة" في بلدة محجة في ريف درعا الشمالي فتحت النار على سيارة مدنية ما أدى إلى إصابة رجل وامرأة، لافتة إلى أن المسلحين يرتكبون الكثير من الجرائم والاغتيالات وخاصة بحق الناشطين في مجال المصالحات، مضيفة: أن الأهالي في البلدة يطالبون الجيش السوري بدخولها وتخليصهم من سطوة الجماعات الارهابية.

 

 

الأمم المتحدة تطالب بوقف فوري للقصف على درعا

دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى وقف فوري للتصعيد العسكري في جنوب غربي سوريا، وذلك بعد أن صعدت قوات النظام هجومها على مناطق لقوات المعارضة هذا الأسبوع، وفق ما أعلن المتحدث باسم غوتيريس، ستيفان دوجاريك، الجمعة.

 

 

وقال دوجاريك، في بيان، إن هذه "الهجمات أسفرت عن تشريد آلاف المدنيين الذين يتجه أغلبهم صوب الحدود الأردنية. ويشعر الأمين العام أيضاً بقلق من المخاطر الكبيرة التي تشكلها تلك الهجمات على أمن المنطقة".

وأسقطت طائرات هليكوبتر تابعة لجيش النظام السوري براميل متفجرة على مناطق تسيطر عليها المعارضة في جنوب غربي البلاد، في أول استخدام لهذا النوع من الذخيرة منذ عام، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في وقت سابق الجمعة.

ويمثل ذلك تصعيداً لهجوم بدأته قوات الأسد في المنطقة وشمل حتى الآن قصفاً مدفعياً واستخداماً محدوداً للقوة الجوية.

وقال المرصد، ومقره بريطانيا، إن طائرات الهليكوبتر أسقطت أكثر من 12 برميلاً متفجراً على أراضٍ خاضعة لسيطرة المعارضة شمال شرقي درعا، ما تسبب في أضرار مادية دون خسائر بشرية.

يدرك السوريون أن الخيار العسكري بهدف إسقاط النظام قد طوي نهائياً بقرار دولي، ويدركون تالياً أن مصير جبهة حوران لا يتعلق بإرادة مقاتليها ولا بشجاعتهم أو تخاذلهم. الجبهة نفسها بقيت هادئة بينما كانت تتم تصفية مناطق أخرى خارجة عن السيطرة، ولم يكن المشرفون على خط إمداداتها في وارد دعمها بأكثر مما يسمح بالمحافظة على وضعها الحالي. واقعياً أيضاً لم يكن أقصى التوقعات ليتجاوز الإبقاء على الوضع حتى إقرار تسوية دولية بصرف النظر عن طبيعتها، مع عدم المراهنة على حماية أمريكية جادة.

إذاً المسألة برمتها لا تتعلق بحسابات استراتيجية، وإنما تتعلق أولاً بالثمن الإنساني للمواجهة الكبرى القادمة إذا حدثت، وبدءاً من الأيام الأخيرة سُجّلت حركة نزوح واسعة للأهالي. وقد دللت معارك أخرى سابقة على أن قرار التسليم لا يُنفذ إلا بعد معارك ووحشية قصوى من قوات الأسد، لأن الإبادة والتهجير جزء أساسي من عقيدتها، وأيضاً لأن الجهات الداعمة لا تستطيع غالباً فرض إرادتها إلا بالمرور بوحشية الأسد كخيار يؤدي إلى يأس مقاتلي وأهالي المنطقة المستهدفة.

ولأن جانباً مهماً من المعركة يتعلق بالرمزيات يجدر التوقف عندها، وعدم اختصارها بما تمثّله درعا فقط كمهد للثورة بالنسبة للأسد وللثائرين عليه من دون التوقف عند الدلالات الأوسع، وربما الأبعد تأثيراً. فمنذ البداية اكتملت العناصر التي أتاحت لدرعا بعداً رمزياً ودرامياً؛ قصة أطفالها الذين عذّبهم عاطف نجيب "ابن خالة بشار الأسد" رغم الفظائع التي حدثت بعدها تبقى ذات دلالة على السلوك المباشر لعائلة الأسد وأقربائه، بما فيها تلك الوحشية إزاء الصغار والتي ستكتمل في ما بعد بالتنكيل بجثة الطفل حمزة الخطيب، ليستأنف موالو الأسد التنكيل بالجدل حول عمره والقول بأنه ليس طفلاً، وكأنه زيادة سنتين في عمره تبيح التنكيل به وقطع عضوه التناسلي.

مع فظاعة ما ألهب الأهالي في حوران لم يكونوا في طليعة من حمل السلاح، وتحملوا حجماً هائلاً من الوحشية ومن إغراءات الرد عليها. يُذكر أن تنظيم الأسد بادر مبكراً إلى اتهام الأهالي بالتطرف الديني وبحمل السلاح، وأذاع تلفزيونه مسرحية تُظهر وجود أسلحة في الجامع العمري. ومن الضروري الإشارة أن المجريات في أماكن أخرى لاحقاً قد ساعدت تنظيم الأسد على ترويج روايته المبكرة حول التطرف الإسلامي، بينما بقيت جبهة حوران بعيدة عن هذه السمعة على رغم محاولات إدخال داعش وأشباهه إليها بغية تشويهها. ثمة عامل مساعد لا يجوز إغفاله، وهو خضوع إمدادات الجبهة لإشراف غرفة الموك الأمريكية، الأمر الذي يخضعها لتدقيق شديد جداً، حيث لا يمكن الزعم بأن الإدارة الأمريكية تشرف على تسليح متطرفين بينما تدخلت في سوريا أصلاً لمحاربتهم.

في الإشراف الأمريكي على الجبهة يمكن القول بأنها تقدّم صورة مختلفة عن جبهات أخرى، إذ طالما توجه النقد إلى الثورة أو هيئات المعارضة أو الفصائل العسكرية لأنها لم تحسن إدارة العلاقة بالخارج، وكانت هناك نقمة "مبطنة بالحسد أحياناً" على الميليشيات الكردية التي حظيت بمقاولة الحرب على داعش بإشراف الولايات المتحدة. قادة الجبهة الجنوبية، فوق بعدهم عن الفصائل المتطرفة، يُفترض أنهم كانوا دائماً على صلة وثيقة وربما يومية بممثلي الإدارة الأمريكية، إلا أن هذا قد لا يمنحهم الحصانة المفترضة بموجب ذلك النقد، مثلما لم يمنحها أيضاً للميليشيات الكردية التي فقدت عفرين وفي سبيلها لفقدان منبج.

يُحسب لفصائل حوران أيضاً أنها لم تفرض، أسوة بالفصائل المتطرفة، تسلطاً أيديولوجياً على الأهالي، ولم تكن هناك تجاوزات وانتهاكات بارزة على النحو الذي شهدناه في غير مكان. في الأصل كانت محافظة درعا محسوبة على البعث أو على الفكر القومي، ربما لكونها تقع على خط المواجهة "الأهلية قبل الرسمية" مع إسرائيل، فضلاً عن وجود عدد ضخم من نازحي الجولان فيها، ووجود صلات قرابة عابرة للحدود في اتجاه الأردن. ويُحسب لها تفادي الاصطدام إلى حد كبير مع أهالي السويداء بتعاون العقلاء من أهالي السويداء، رغم محاولات تنظيم الأسد الحثيثة لإذكاء الفتنة بين الجانبين، ويُذكر أن الأسد نفسه في بداية الثورة زار السويداء لاستمالة مشايخها ورجالاتها المؤثرين بدل زيارة درعا ومحاولة احتواء الغضب الشعبي. ومحاولات تنظيم الأسد مستمرة حتى هذه اللحظة، باتخاذ قرى السويداء الغربية منطلقاً للهجوم على الجانب الشرقي لجبهة حوران، حيث يراهن على الاقتتال بين الطرفين واستنفار حمية آلاف المضربين عن الخدمة في قواته من أبناء المحافظة المجاورة. بالطبع لهذا جانبه الطائفي الذي يريد النظام تعزيز الانقسام فيه، وهو ما تجاوزته فصائل الحوران بتأكيدها على المسألة الوطنية التي تجمع الطرفين.

تقديم جبهة حوران للأسد وحلفائه يمكن فهمه على أن النموذج الأفضل، لا الكامل والنقي بالتأكيد، لم يكن مصيره أفضل من غيره. لهذا دلالة بالغة السوء على كافة الأصعدة التي نجحت جبهة حوران في تجنب سلبياتها، ويمنح حجة قوية للذين يقولون أن أفضل ثورة سورية ما كان ليُكتب لها النجاح في ظل الظروف الدولية غير المواتية. بمعنى أنه سيعزز دوافع المظلومية السورية، بما تحمله من انكفاء أعمق على الذات، من دون التفكّر في أن هذا الانكفاء سيكون مصدر سعادة بشار الأسد الذي يتلهف لإعادة اعتماده خارجياً بلا منازع أو شريك.