كيف ننتصر في حرب المناخ ؟
بقلم / سارة السهيل
عايشنا في السنوات الاخيرة طفرات غير مسبوقة في درجات الحرارة بمختلف بقاع المعمورة ، بشكل لم نعهده من قبل وعانينا كثيرا من مشكلات الاجهاد الحراري وتلف الكثير من المحاصيل، بينما عانت شعوب كثيرة من كثرة الفيضانات والاعاصير والعواصف والامطار الغزيزة وزيادة السيول، وجفاف البحيرات والانهار.
وكل هذه المظاهر تعد من تجليات تغير المناخ، الذي يعرف بأنه تغير في أنماط درجة الحرارة والرياح خلال فترة معينة من الزمن تستمر لسنوات، بسبب تأثير الأنشطة البشريّة الصناعية والكيماوية ومساهمتها في انبعاث الغازات الدفئية بالغلاف الجوي مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز وبروميد الميثيل وغيرها، بجانب فقدان الغابات الرطبة مما تسبب في تشكيل ظاهرة الاحتباس الحراريّ .
تم اكتشاف التغير المناخي أوائل ق ال19، عندما تمت ملاحظة التغيرات الطبيعية في المناخ القديم والتعرُّف على التأثير الطبيعي للصوبة الزجاجية. وترتب على تنامي التغير المناخي كوارث تهدد بقاء العديد من المدن الساحلية مثل الاسكندرية وغرق الدلتا في مصر بفعل ارتفاع منسوب المياه في البحر المتوسط وذوبان الانهار الجليدية.
والاختلال في مواسم سقوط الامطار وأماكنها مما قد يصيب بعض المناطق بالتصحر ومن اختلال التوازن البيئي للزروع والحيوانات، بجانب انتشار العديد من الامراض والاوبئة مثل الملاريا و حمى الضنك بسبب إنتشار البعوض على خطوط العرض والارتفاعات العليا.
وامام هذ الكارثة التي تهدد بقاء الانسان على الارض، فان مواجهة التغيير المناخي تعد قضية عالمية تتطلب التعاون بالاسراع في تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري باستخدام الطاقة النظيفة والتوقف عن استخدام الوقود الاحفوري.
ولاشك ان العالم بحاجة الي توسع زيادة الغطاء النباتي وتبني سياسات زراعية جديدة تتكيف مع متغيرات المناخ لحماية المحاصيل، وتقليل الخسائر وانتاج بذور زراعية قادرة علي الصمود امام هذه التحديات .
ان هذه الازمة العالمية تحتاج الى تعاون دولي من أجل تمويل الدراسات الخاصة بالبذور المبتكرة لتحمل التغير المناخي، ووضع سياسات زراعية جديدة تقلل من تكلفة اهدار الماء في المحاصيل المستهلكة للمياة بشكل أكبر ، والتوسع في زراعة الاشجار التي تقلل من التصحر في المناطق المرتفعة الحرارة .
ولعلي ادعو عالمنا العربي الي مجابهة الأمية البيئية بوضع خطط اعلامية وتعليمية وثقافية لنشر الوعي بالثقافة البيئية، وايضا نشر الوعي بين المزارعين بأساليب الزراعة الذكية مناخياً، وهي كتوجه عالمي يستهدف التكيف مع تغير المناخ، باستخدام أنواع المحاصيل المقاومة للجفاف أو الملوحة، وكفاءة استخدام موارد المياه ومعالجة الآفات.
وأظن امام ازمة نقص المياة في عالمنا العربي او اية مشكلات محتملة للتصحر ، فاننا مطالبون بسرعة تغيير سياساتنا الزراعية بالتوقف عن آليات الرزاعة القديمة، والاستثمار الجيد للمساحة الزراعية وفقا لكمية المياةالمتاحة .
والضرورة تفرض علينا زراعة الاشجار التي تظلل بفروعها وأغصانها الشوارع للعمل على ضبط درجة الحرارة بالصيف، وعلاج التصحر بزرع الاشجار الكثيفة السريعة النمو ومنع الرمال والغبار وتراكمه.
فأشجار " النيم " يمكن جلبها من الهند، لمنع التصحر وعلاجه، فهي تستهلك ماء أقل وتنمو بسرعة وفي تربة مالحة، وتتحمل درجة حرارة 50 درجة، و يستخرج من ثمارها مواد تستخدم في صناعة مواد التطهير والوقاية من امراض الجدري. وزراعة هذه الشجرة بالارض المغطاة بالرمال تحولها الي واحة خضراء في وقت قصير وتغذي التربة وترطبها وتمنع التصحر.
وهناك العديد من الاشجار التي تساعدنا في معالجة التغير المناخي وتقلل من درجة حرارة الصيف منها : شجرة الرماد، والزان والقيقب، والبلوط .
فنطلق حملات في بلادنا العربية لزراعة الاشجار وزيادة الغطاء النباتي، لتنقية المياه والجو ، مع حملات لنشر ثقافة ركوب الدراجات لتقليل استخدام السيارات، والتعاون المجتمعي في تركيب الالواح الشمسية على اسطح المنازل.