سُجناء
إيناس أبو شهاب
سُجناء
وتمضي بنا الأيام أحراراً ولكننا قد نشعر من أعماق أنفسنا بأننا سُجناء؛ قد تغدرنا أمنياتنا، وقد تتبعثر ذكرياتنا، وقد تتلاشى أحلامنا، وقد نؤذي ذاتنا، وقد نفقد قيمة حياتنا.
قد نصبح مُنهكين، مُرهقين، تائهين، حائرين، حذرين، متأرجحين المشاعر، ليس باستطاعتنا أن نجامل، وقد يفترسنا الملل، ويُسيطر علينا الكسل، وقد نكتسي بالفشل، ونصبح عاريين من الأمل.
وقد نجد أنفسنا مضطرين لتحمُل عواقب أخطاء غيرنا، أو مجروحين من استغلالنا، أو فاقدين الثقة بغيرنا أو حتى بأنفسنا، وسنشعر بعد حين بأننا مُكبلين، كسجين يحتضر خلف قُضبان حديدية، عاجزين أن نشكي أو نبكي أو حتى أن نعاتب؛ تماماً كحاضرٍ غائب.
وسنُدرك بأننا أصبحنا من دون أن ندري سُجناء، ونشعر بأننا في وسط الجمع غُرباء، وأن حياتنا ضاعت هباء، و استنفذنا رصيد حياتنا من أجل شخص أو ظرف، واختلطت مشاعرنا بين حقدٍ أو عطف، غدرٍ أو وفاء، حبٍ أو كره، خوفٍ أو بحثاً عن الأمان.
فلكل شخص نقطة ضعف قد تُودي به إلى السجن؛ فقد تكُن سجيناً لمبدأ، لمجتمع، لمذهب، لفكرة، لنظرة، لغمرة، لنبرة، لعُزلة، لعمل، لعائلة، لقلب، أو لذنب.
فمهما كان سجنك كفاك جلد نفسك، وانفذ بجلدك قبل أن تُدفن، وواجه سجّانك مرة بعد مرة، وستشعر بأن حياتك تغيرت بعد فترة، فالحياة تفقد جمالها إن أصبحت مُرة، ولا تيأس وابحث عن العِبرة.
ابتعد عمّن يؤذيك، وتقرّب ممّن يحتويك، ولا تنتظر من أحد يحميك، فلكل خدمة مُقابل؛ فترفّع عن الخلق، و اعقل و توكل على الخالق، ولا تنحني للحاضر، بل تمرد على الواقع، وقاوم للمستقبل، فلن تمُت قبل أوانك إن سعيت لأن تتحرّر…