مواجهة المد الإيراني بالتمدد الصهيوني
وليد حسني
ليس مضحكا تماما ما نقلته وسائل إعلام غربية وعربية لسفير الكيان الصيهوني في الامم المتحدة داني دانون من ان كيانه المحتل يجري هذا الاوان حوارات مع 12 دولة عربية واسلامية جديدة لم تكن اسرائيل قد التقتها قبلا.
والرجل بالتأكيد لا يمزح، وأنا أصدقه تماما بل وربما يكون الرقم أكبر من ذلك بكثير، وحتى اليوم فان من بين الكثرة الكاثرة من الغثاء العربي فان ثلاث دول عربية فقط لم يسجل عليها اي اتصال أو حوار مع اسرائيل وهي اليمن الذي يذبح اليوم، والجزائر، والكويت ــ حسب علمي البسيط ــ أما باقي الدول العربية فجميعها بطريقة مباشرة او غير مباشرة فتحت قنوات اتصالات وحوارات سرية وعلنية مع دولة الاحتلال خلال العقود الماضية.
ما يقوله دانون السفير الذي يبدو متباهيا بانتصارات دبلوماسية لكيانه الغاصب والمحتل من حقه الاعلان عن هذا الرقم الذي لا يشكل لي أية فجيعة تماما بعدما أصاب جغرافيا العرب ما أصابها، وبعد ان أصبحت الدول والانظمة في مهب الرياح سواء بسبب الاحتراب الداخلي، او بسبب العبث في الحكم والدولة معا.
قلت قبل ايام عديدة مضت إن كل ما يجري على مساحة الجغرافيا العربية يصب تماما في صالح الأمن الإحتلالي الإسرائيلي، وفي تأسيس البنية التحتية الأوسع للتمدد الصهيوني الإحتلالي في اقليم الشرق الأوسط ولا بد لهذا الكيان من التمتع بدفء مياه الخليج بعد ان قطعت السعودية ودول خليجية أخرى شوطا مهما في التقارب العلني مع الكيان الصهيوني لدرجة ان الرياض نفسها لم تعد معنية تماما بنفي هذا التقارب او التبرؤ منه.
الاقليم العربي بكامله يتهاوى اليوم أمام مطرقة السيولة السياسية الصهيونية على الرمل العربي، وعلى قماش الأنظمة نفسها التي بدت هذا الأوان وانها ترى في الدولة النازية الصهيونية الدرع الحصين في مواجهة ما تعتقده تهديدات تنخر في عظم نظامها الذي يبدو وكأنه أشبه بالمصاب بمرض هشاشة العظام.
وتحت مثل هذه الذرائع تبدو إيران الفارسية الشعوبية المرتدة ــ حسب التوصيفات السياسية الرسمية ــ ذات الأطماع التي لا تتسع لها جغرافيا العرب هي المحرك الأساسي لتلاقي المصالح الصهيونية والعربية على قطعة القماش الشرق أوسطية، ووفقا لتلك المعادلة الغرائبية فقد أصبح من الممكن تماما مواجهة اطماع ايران الفارسية بعلاقات الحب البريئة مع "اسرائيل".
ولا أدري كيف يمكن لمثل هذه المعادلة امتطاء اي منطوق عقلي أو وطني، ففي الوقت الذي يشتري النظام العربي الرسمي هذا الاوان عدوا جديدا يطل عليه بثياب الحملان البريئة ، يصنع من صديق محتمل عدوا لدودا، ويتعامل معه باعتباره الشيطان الذي يتوجب رميه ولعنه وشيطنة كل ما يمت له بصلة.
في هذه المعادلة الغرائبية أيضا ثمة ما يحوجنا تماما للتساؤل عن مدى منطقية مواجهة الاطماع الايرانية الفارسية..الخ بتجاهل الأطماع الإسرائيلية؟ إلا إذا كان النظام العربي الرسمي قد منح دولة الإحتلال صكوك البراءة، وتولى غسلها بالماء والثلج والبرد، وعمل على تنقيتها من خطاياها بحق الفلسطينيين والعرب والإنسانية جمعاء كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس فخرجت كيوم ولدتها امها الجميلة بريطانيا وامبراطوريات رأسمالية القسوة والجبروت.
إذا كان لا بد لنا من مواجهة التمدد لإيراني واطماع طهران الفارسية في الخليج الفارسي فلنبحث عن حليف آخر ليست لديه ذات الأطماع الطهرانية"الشيعية" لا أن نختار ألد أعدائنا وأقساهم وأكثرهم نازية ليكون حليفنا الذي سيقاسمنا فراشنا الشرق اوسطي دون ان نعترف بان فوهة بندقيته لا تزال في مؤخراتنا.
والحديث في هذا القماش السياسي الذي يتم تفصيله هذا الاوان على مقاسات المصالح لا مقدسات القيم سيطول ويطول وليبقى السؤال صارخا في برية المشرق العربي "كيف نواجه مخاطر التمدد الايراني بمخاطر التمدد الإسرائيلي؟؟".
كيف؟؟؟؟؟؟//