التطورات الأخيرة على الساحة الأردنية
د.محمد طالب عبيدات
قَبِل جلالة الملك حفظه الله إستقالة حكومة دولة الدكتور هاني الملقي وكلّفها بتسيير الأعمال ريثما يتم تشكيل حكومة جديدة، وذلك على سبيل إصلاحات مطلوبه من حراكات الشارع على وقع ما تشهده الساحة الأردنية منذ حوالي الأسبوع للمطالبة بإصلاحات عامة على مستوى الدولة الأردنية كنتيجة لأزمة إقتصادية خانقة:
1. قبول جلالة الملك إستقالة حكومة الملقي وإستدعاء الدكتور عمر الرزاز لتشكيل الحكومة مع عدم تكليفه رسمياً بعد يُبقى الخيارات مفتوحة أمام جلالة الملك لتضمين ما يشاء في كتاب التكليف السامي للحكومة من حيث سحب مشروع قانون الضريبة أو/و حل مجلس النواب وربما مجلس الأعيان أيضاً وفق المادة ٧٤ من الدستور لتحقيق طلبات متقدمة، إضافة لجس نبض الشارع خلال الفترة القادمة لقبول شخص رئيس الحكومة المكلَّف ولتحقيق مزيد من الإصلاحات وطلبات الشارع بإستباقية.
2. الأيام القليلة القادمة حبلى بالقرارات الملكية والتي ستُجذّر إصلاحات لعهد جديد لينعم شبابنا بفرص عمل وإستثمارات وتحسّن الوضع الإقتصادي وحاكمية مثلى ومحاربة الفساد بكل أشكاله.
3. حكومة الدكتور الملقي قدّمت وعملت وإجتهدت، والمجتهد إذا أصاب فله أجران في ميزان وطنيته وحسناته وإذا أخطأ فله أجر، وأعطاهم الله العافية على جهودهم أنّى كانت!
4. نسجّل بإعتزاز حضارية الحراك الشبابي في كل المحافظات والذي كفله الدستور، والحمد لله تعالى دون مشاكل أو مُنغصات تذكر، مع الحفاظ على سلمية ذلك.
5. ونُسجّل بإعتزاز وإكبار وتحية أيضاً مهنية وحرفية تعامل الأجهزة الأمنية مع الحراكات، وتأمين سلامة المتظاهرين والمعبّرين عن آرائهم وحقوقهم الدستورية، وإنفاذ القانون دون أي مُعوّقات لنسجّل للعالم أجمع ديمقراطية نوعيه أساسها إحترام الإنسان وحرية تعبيره عن رأيه.
6. نُسجّل لجلالة الملك إنحيازه للمواطن وإستجابته لرأي المواطنين ونداءهم وبعث سمو الأمير حسين ولي العهد للإطمئنان عن أوضاع الجميع في الميدان، وضرورة إيجاد فرص عمل للشباب وإجراء إتصالات دولية للمساعدة في حل المعضلة الإقتصادية، وضرورة أن لا يتحمّل المواطن كل التبعات المالية والضريبية للإصلاحات الإقتصادية.
7. من حق الأردن وشبابه ومواطنيه والذي قدّم الكثير في ميزان الأمة العربية وأزماتها وشعوبها المنكوبة ولاجئيها أن يجد حلاً لمشاكله الإقتصادية وأن تبادر الدول الشقيقة المليئة مالياً والصديقة بدعمه مالياً دون منّة فذلك حقّ للأردن الذي آوى ونصر وجبر كل مَنْ إنكسر!
8. طلبات التظاهرات والتصعيد والحراكات بالمحافظات وعمّان باتت واضحة وتتلخص في تغيير النهج الإقتصادي ومحاربة الفساد وإشهار الحاكمية الرشيدة وتكليف شخصية وطنية للحكومة ومراجعة نظام الخدمة المدنية وتخفيض أسعار المحروقات، وبالطبع ذلك لا يمكن أن يتم بيوم وليلة دون قرارات متدرّجة، فهذه تراكمات فشلت في حلها الحكومات المتعاقبة التي لم تلتقط الإشارات الملكية في هذا الصدد.
9. المواءمة بين الديمقراطية والأمن في وطني أصبحت نموذجا يشار له بالبنان، لكننا بالمقابل بعدما سمعنا في المؤتمر الصحفي لمديري الأمن العام والدرك المحترمين نجد لزاماً علينا للتنبّه لمحاولي الفتنة والعابثين بأمننا وخصوصاً من الخلايا النائمة المتربّصة في هذا الوطن الأشم.
10. الأردن يدفع ثمن مواقفه المشرفة ووقوفه في خندق القدس وفلسطين، ولذلك فالحصار الإقتصادي الذي نعيشه وإنحسار المساعدات والمنح المالية على مستوى الأشقّاء والأصدقاء هو نتيجة لذلك.
11. الأردنيون كلهم في خندق الوطن وخلف قيادتهم وأجهزتهم الأمنية ومحافظين على وحدتهم الوطنية، مهما حاول المتربصون العبث في أمن وإستقرار هذا الوطن، ولا يمكن لأحد من الأردنيين أن يخون مواطنته.
12. العناقات الحضارية والسلام عند المغادرة بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية وتوزيع الحلوى والمياه والإفطار والسحور والصلاة سوياً كلّها تؤشّر لحميمية وسلمية وحضارية وحرية التعبير عن الرأي.
13. الحراكات الشبابية باتت تقود الشارع من خلال أدوات ومنصّات التواصل الإجتماعي وتتقدّم على كل من رؤساء النقابات وأعضاء مجلس النواب -الذين لم يساهموا بعد في تهدئة الشارع من خلال القواعد الإنتخابية-، ولذلك نتمنى عليهم ذلك.
بصراحة: الأردن السياسي فسيفساء جميلة، والقيادة والأمن والشعب متكاملون في خندق الوطن، وقرارات وتحرّكات الساعات القادمة على أعلى المستويات ستكون لصالح الوطن لتجذير إصلاحات حقيقية تَخلق حالة رضا عند الجميع، وليكون الأردنيون جلّهم راضين.
حفظ الله الوطن وقيادته وأجهزته الأمنية وشعبه الوفي.//