ما عادت طبول حربكم على ايران تفزعني..
كتب محمود الدباس..
بداية.. حديثي هذا ليس موجها لاصحاب الفكر العميق والشامل في التحليل والتخطيط الاستراتيجي والعلاقات الدولية.. فهؤلاء لهم ميادينهم ومتابعينهم.. وانما اخاطب مَن هم مثلي من الناس البسيطة والتي نفهم على لغة ومصطلحات بعضنا البعض..
اعتاد الناس منذ القِدم على معرفة نوايا الجيوش من قرع طبول الحرب.. فكانت تؤذن بان الجيوش بدأت المراحل الاخيرة من الاستعداد.. وانطلاقها سيكون بين عشية او ضحاها..
فالاستعداد له طقوسه.. والانطلاق باتجاه العدو له ارهاصاته.. والتوقف عن الحرب له ثمنه الذي سينعكس سلبا على المعنويات ومكانة وقوة الموقف دوليا.. لذلك كانت الطبول تقرع عند مرحلة العزم واللاعودة..
وكما اشرت سابقا.. فلن ادخل عميقا في خوض نمط الحروب الامريكية وتغيير تكتيكاتها والتي بات الجميع يعلمها.. حيث فرضت نفسها شرطي للعالم.. فمن الصورة النمطية التقليدية للجندي الامريكي بكامل معداته وغطائه الجوي في ارض المعركة.. إلى التحالفات مع بعض الدول التي تجمعها مصلحة في حرب ما.. إلى خوض الحروب من خلال وكلائها..
نجد انها بدأت بعمل الف حساب لكي تُقدِم على اي مناوشات.. فحتى الوكلاء.. إن لم يكن لهم مصلحة عليا.. فلن يتصدروا لحرب لا دخل لهم فيها..
منذ فترة اصبح سماع طبول الحرب.. او مشاهدة الاستعدادات.. او حتى بعض التحركات للقوات هنا او هناك.. لا يُعرف جِدها من هزلها..
فكم من تصريح خرج من قيادات لقوى عظمى.. ونشعر بان الضربة العسكرية ستلي آخر حرف من خطاباتهم.. وبعد ترقب وانتظار نجد ان الحرب تحولت من ساحة المعركة.. الى الجلوس على طاولة مستديرة في إحدى ردهات الفنادق او مراكز الاجتماعات الدولية..
أخالني استطيع تشبيه ما يحدث في هذه الايام وما كان يحدث سابقا بهذه الصورة الواقعية..
فقد كان آباؤنا في الماضي حين يطلبون منا شيئا لنحضره او نقوم به.. يقولون بَعِد للثلاثة.. ان لم تفعل ما طلبته ستنال العقاب.. وفعلا قبل ان يبدأ بالعد.. يكون الواحد منا شارف على انهاء المهمة..
في وقتنا الحاضر.. يقول احدنا لابنه.. قم بهذا الفعل.. وسأعد للثلاثة.. وان لم تنفذ ستنال العقاب الذي لم تتوقعه.. وتبدأ بالعد.. واحد.. إثنان.. وتلاحظ انه حتى لم يحرك ساكنا.. فتستمر بالعد.. إثنان وربع.. إثنان ونصف.. إثنان وثلاث ارباع.. وتحاول ان تمدد الوقت لاطول مدة لحفظ ماء وجهك.. واذا ما وصلت الى العدد ثلاثة.. تحاول ان تعيد الطلب بطربقة اخرى باستخدام الترغيب والتحفيز والمكافأة لعله ينفذ رغباتك..
بنظرتي البسيطة ومن زاوية نظري الضيقة جدا.. اقول بأن محور اهتمام العالم ولا اقول الغرب فقط.. هو سلامة وامان واستقرار ما يسمونه "دولة اسرائيل" ذلك الكيان الغاصب المحتل.. فجميع المقومات الدبلوماسية والعسكرية مُسَخَرة لخدمة عيش ونمو هذا الكيان اللقيط الذي وُلِد سِفاحاً بهيئةٍ مشوهةٍ لا يستطيع العيش الا في حاضنة وتحت رعاية وعناية حثيثة..
وفي حال حدوث اي خلل في البيئة الاصطناعية التي تحويه.. فإن الموت الشنيع والمؤلم سيكون مصيره..
ناهيك عن ان كل مَن يحيط به ينتظر انقطاع الكهرباء ولو للحظات عن الشيك الذي يحمي حاضنة الخداجِ التي يقبع فيها.. حتى ينقضّوا عليه ويمحوا هذا الكائن الهجين اللقيط النجس من على هذه الارض المباركة الطاهرة..
فليس من المنطق ولا المعقول ان تقوم اي قوة راعية لهذا الكيان بافتعال ازمة تُسَرع من موته.. خصوصا بعد ان شهد بعض الانفراجات في تقليص عدد اعدائه والمتربصين به.. وزاد عدد المطبعين معه..
أما الطرف الاخر فهو إيران ووكلائها في المنطقة.. فكم سمعنا عن تجاذبات.. وتهديدات وحصار واستهداف للمنشآت الحيوية والنووية في العمق الايراني.. وما نلبث ونسمع بأنها عادت أقوى من ذي قبل..
وعندما نعلم بأن ايران واذرعها هي صنيعة الغرب.. ونمت وترعرعت تحت عينه وبرعايته.. وانها تفعل بالمنطقة ما يفعله الغرب.. ولكن تحت عمة وعباءة بصبغة دينية اسلامية.. وما هي برأيي الا الوجه الاخر لهيئة نجمة داوود..
فكيف سيقاتل الوجهُ وجهه الثاني؟!..
في مناسبات الافراح عندنا.. تجد واحدا او اثنين يقومون باطلاق النار في الهواء ابتهاجا وفرحا.. دونما تسديد او تركيز او قياسات.. فيصاب اناس او تتأثر سيارات وخزانات المياه على الاسطح جراء سقوط الرصاص..
وبالمقابل جيش وكيل لايران.. يمتلك من الاسلحة المتطورة.. والصواريخ الموجهة وغير الموجهة.. ويطلق آلاف القذائف الصاروخية والتي لا يتم اعتراضها.. ولا تدمر غير سور لمزرعة او تصيب موقف باص لا يوجد عنده احد..
خلاصة حديثي البسيط.. ما هي الا مسرحية من مسرحيات المصارعة الحرة.. وما نشاهده او سنشاهده من انبطاحات وآهاة واستغاثات.. ما هي إلا لعب ادوار.. وتبادل للبس القبعات.. وسيخرج في النهاية تصريح باننا حققنا ما كنا نريده.. ومن ثم يتم توزبع الادوار للمسرحية الجديدة..
أبو الليث..