غياب الأحزاب السياسية عن قضايا المواطنين،،،بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة
يعيش المواطنين الأردنيين منذ فترة معاناة رفع الأسعار على معظم السلع الأساسية والحياتية التي تمس معيشة المواطن الأردني اليومية، سواء من مواد غذائية أو المواد الاستراتيجية كالمحروقات والطاقة الكهربائية، وهناك دعوات مجتمعية لمقاطعة هذه المنتجات شعبيا، وفعلا بدأت هذه المقاطعة فعليا على المواد الغذائية المهمة للمواطنين كالدجاج، والحد من استخدام السيارات الخاصة بهدف التخفيض من شراء المحروقات كالبنزين، لإجبار أصحاب الشركات المنتجة أو الموزعة لهذه السلع لتخفيض الأسعار، ولاقت هذه الدعوات للمقاطعة تجاوبا شعبيا، وبدأت هذه الثقافة تترسخ لدى العديد من المواطنين، وأخذت هذه المقاطعة صدا شعبيا وإعلاميا ورسميا، وبدأ الإعلام بتسليط الضوء على هذه القضايا المجتمعية المهمة، وانعكاسها على الاقتصاد الوطني وعلى الأمن المجتمعي، واذا استمر هذا الوضع وهذا التجاوب مع المقاطعة فستصبح مع الأيام سلوكا اجتماعيا يتعايش ويتجاوب معه، وسيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني بكل حيثياته وتوابعه من تزايد رقعة الفقر والبطالة، لأن ثقافة المقاطعة إذا توسعت سوف تؤدي الى إغلاق العديد من الشركات المتوسطة والموزعين والتجار الصغار وهذا يؤدي بالنتيجة الى تراكم الديون عليهم وبالتالي اللجوء إلى الإغلاق والاستغناء عن العمال والموظفين العاملين لديهم، لكن ما دعاني إلى كتابة هذا الموضوع والاستغراب هو الصمت المطبق من الأحزاب السياسية وغيابها عن هكذا قضايا وعدم تفاعلها بإستثناء بعض الأحزاب السياسية محدودة العدد، على الرغم من أن هذه القضايا من صميم مهامها وغاياتها واهدافها، وفرصة ذهبية لها ان تستغلها للتفاعل مع الناس لجذب اهتمام وإعجاب المواطنين بها كاحزاب، قد يدفع الناس إلى الإنخراط بهذه الأحزاب وازدياد شعبيتها، وخصوصا في هذه الفترة بعد إقرار منظومة التحديث السياسي وسعي الأحزاب القديمة والمرخصة الى تصويب أوضاعها القانونية لتنسجم مع القانون الجديد من خلال زيادة عدد الأعضاء المؤسسين الى 1500 عضو، وكذلك الأحزاب التي هي الآن قيد التأسيس، ولذلك تعتبر هذه الفرصة ذهبية للأحزاب لاقناع الناس بجديتها في التفاعل مع قضاياهم وهمومهم ومشاكلهم، وانها ليست مجرد أحزاب ديكور، أمام الأحزاب فرصة لا تعوض لإنجاح المسار الحزبي وتغيير الثقافة والفكر السائد لدى الناس أنها أحزاب رقمية وشخصية لا تهش ولا تنش، وأنها أحزاب تمثل السلطة، وليست أحزاب شعبية تمثل الشعب، وخرجت من رحم الشعب، فتفقد تقة الناس بها، كما هو حاصل مع فقدان ثقة الناس بالحكومات والبرلمان، وعليه فعلى الأحزاب أن تكسب الوقت وتتفاعل بشكل مباشر مع قضايا الشعب، وخصوصا أننا ذاهبون نحو إنتخابات نيابية حزبية في قادم الأيام تفصلنا عنها بضعة أشهر، وحسب قانون الإنتخاب الجديد تحتاج الأحزاب للنجاح إلى كمية أصوات كبيرة لتتجاوز العتبة والدخول في المنافسة على المقاعد النيابية المخصصة لها، وللحصول على الدعم المالي الحكومي لتتمكن من ضمان بقاء استمراريتها وتغطية مصاريفها ونفقاتها على الحملة الانتخابية ومصاريف المقرات وبقاء وجودها على الساحة، وأتمنى أن يجد هذا المقال أذنا صاغية لدى الأحزاب، وخلاف ذلك ستعود الأحزاب إلى المربع الأول وفشل منظومة التحديث السياسي بأجملها، حينما يجد المواطن نفسه وحيدا في الساحة دون مناصر من مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.