فهل ستنجح الصفقة السرية بين الإخوان المسلمين وإسرائيل للوصول للسلطة فى مواجهة الصين وروسيا؟



الدكتورة/ نادية حلمى

الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ مساعد العلوم السياسية جامعة بنى سويف


ربما جاء تحليلى الدولى الجديد بعد متابعة جادة للموقف وبحث شاق، وإتصالات مكثفة وتحليلات مشتركة مع مسؤولين وأكاديميين صينيين وروس، للوقوف على رصد ملامح تقارب حقيقية وبوادر ومؤشرات حقيقية للقاءات تمت وتتم بالفعل بين قيادات وجماعات إخوانية ومسؤولين إسرائيليين وأمريكان، تم إثباتها بكافة الدلائل والقرائن الكاملة، حول:
"وجود إتفاقيات ولقاءات حقيقية وسرية - تم رصدها بالفعل -بين جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها الهاربين فى تركيا وحول العالم مع إسرائيل بالأساس وحليفتها الأمريكية، لعقد صفقة تتيح لهم مساعدتهم على الوصول للسلطة مقابل الحد من النفوذ الصينى والروسى فى الشرق الأوسط والمنطقة"
 
وبناءً عليه، فجاءت المتابعة الدقيقة والمرصودة لصناع القرار فى الصين وروسيا، لرصد كافة تلك اللقاءات التى تجمع بين قيادات إخوانية وإسرائيليين بالأساس، للتخطيط للرجوع إلى السلطة مرة أخرى، وآليات الرجوع. وبحكم كونى محللة سياسية دولية، وملمة بكافة تحركات القوى الإقليمية والدولية فى الداخل والخارج بشكل عميق، نتيجة لقربى الشديد من مراكز صنع القرار والتحليل فى الصين وروسيا، وذلك منذ تخصصى فى الملف السياسى الصينى لأكثر من ١٥ عاماً متتالية، لم أكف فيها يوماً واحداً عن قراءة وتحليل المشهد العام ومراقبة سيناريوهاته فى كل الدوائر المحيطة. إلا أن وعد الإسرائيليين للإخوان المسلمين هذه المرة قد أضحكنى بشدة مع الصينيين والروس، رغم وجود تحركات فعلية لقوى إخوانية على أرض الواقع تسعى للرجوع مرة أخرى، ظناً منهم بأن الإسرائيليين قد يعتمد حقاً عليهم.
 
ولعل الأمر الجديد فى الأمر، والذى أنبه له الشعوب والجماهير العربية الثائرة هذه المرة، بأن الصعود الصينى والروسى فى المنطقة فى مواجهة سياسات التعنت الإسرائيلية والهيمنة الأحادية الأمريكية المتفردة، سيمكننا من الظهور بمظهر قوة فى مواجهة إسرائيل.

كما بات على اليوم، بأن أتحدث بجدية شديدة ومطلقة مع الجميع، ومن باب تحملى للمسئولية الأكاديمية والتحليلية بل والدينية أيضاً، كأكاديمية مسلمة متدينة، تعشق دينها وتؤدى فرائضه، وتحترم الإختلافات مع الآخرين، بأننى أقسم لكم اليوم جميعاً على كتاب الله العظيم أمام تلك الشعوب العربية التى أنتمى إليها والمحبة حقاً للسلام والراغبة بصدق فيه، لأقول لكم:

"لقد أخذت وعد حقيقى وجاد من الصينيين والروس كحلفاء لهم، لإحداث تقدم حقيقى فى القضية الفلسطينية، فهى قضيتنا جميعاً، وشغلنا الشاغل، لتبنى الجانبين الصينى والروسى وجهة نظر أشقائنا الفلسطينيين فى فرض شروط ملزمة وحقيقية للتسوية السياسية مع الإسرائيليين، وفرض وتسوية جميع تلك القضايا والملفات العالقة بين الجميع"


وعلى الوجهة المقابلة، فقد بات لزاماً على اليوم توجيه خطابى الشديد اللهجة إلى الإسرائيليين، للتأكيد بأننا شعوب تحب بفطرتها السلام وتطمح إليه، وأصارح العالم، بأننى حقاً مرهقة من مطارداتكم العابثة لى وتهديداتكم المستمرة لحياتى، ومعى دلائل قاطعة تثبت تورطكم فى تهديد حياتى ومستقبلى وصراخى المستمر منكم أمام العالم والجميع، فبت أناشدهم التدخل العاجل والفورى لإقناع الإسرائيليين بالبعد عنى وعدم التعرض لى أو التسبب فى إيذائى، إلا أننى لست من الطامعين فى سلطة أو منصب أو جاه، لذا فلا يعنينى إتباع سياسة كتم الصوت فى مواجهتكم، وعدم التحدث بالحقيقة، طمعاً فى نيل رضاكم ومناصبكم الزائلة، فكل ما أرجوه وأطمح إليه هو السلام من أجل شعوبنا وأشقائنا فى فلسطين، وإلزامكم بتسوية ملف القضية الفلسطينية، وجميع المسائل العالقة بمرونة أكبر مع الجميع لكى نعيش بسلام. كما أطالبكم بالكف عن التدخل فى شؤوننا وإرهاقنا، وبأن تحترمون سياسة حسن الجوار معنا.
 
ومن أجل كل ذلك، فإسمحوا لى قبل أن أبدأ تحليلى الدولى الجديد الهام لمصلحة أوطاننا وشعوبنا، بأن أوجه لأول مرة بشكل عقلانى وجدى حكيم حديثى إلى المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر وتركيا وبريطانيا، حيث مقر التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وقياداته، وذلك بعد رصد لقاءاتهم الجديدة بالإسرائيليين على أمل الرجوع إلى السلطة مرة أخرى، بمساعدتهم وبدعم الأمريكان، على أمل مواجهة النفوذ المتصاعد للصين وروسيا فى المنطقة. لذلك، كان لابد لى هذه المرة من الإستئذان من عدد من المسؤولين الصينيين والروس سوياً، لتوجيه حديثى إلى التنظيم الإخوانى والمنتمين له، الذين يصدقون حقاً الإسرائيليين، ونحن نقول لكم وعن خبرة:
 
"لا تصدقوا الإسرائيليين، لن يفعلوا لكم شيئاً، وسيورطونكم معهم ثم سيتركونكم ويرحلون، لقد خبرناهم جيداً، يعيشون حياتهم على الفتن واللقاءات مع المتخاصمين والمؤمرات وإلقاء وعود هنا أو هناك بغير تنفيذ، لإحداث الوقيعة بين الجميع. فهل تتذكرون مقالى الذى أغضبكم يوماً فى عام ٢٠١٢ تقريباً، بشأن: تحالف الإسرائيليين مع الليبرالييبن للتخلص من الإسلاميين؟.... فأنا قد نشرته عمداً لفضح سياسة الإسرائيليين فى مواجهتنا جميعاً، وكنت ولازلت أمتلك الشجاعة الكاملة رغم كونى أكاديمية وحيدة فى مواجهة تعنتهم برفع صوتى عالياً فى مواجهة كل مسؤول إسرائيلى، لفضح مؤامراتهم تجاه الأمة والشعوب وكافة القوى السياسية كتابةً وتحليلاً... فهذا لدى أقصى ما أملكه، ولا أملك غيره حفاظاً بل دفاعاً عن حلمى وأحلامكم، ومستقبل عادل لأولادكم ولوطن نعيش فيه وعليه من حقه أن يسعد، ومن واجبنا عليه أن نسعده بما نقدر عليه"

لذا نشرت المقال السابق ليس من باب التأييد أبداً له، لأننى كما ذكرت لا أؤمن أى جانب للإسرائيليين، وكنت ولازلت أكثر أبناء جيلى شعوراً بالمرارة فى مواجهتهم لإيذائهم لى وتتبعى، فجاء نشرى للمقال، كى أفضح مؤامرات الإسرائيليين الخفية علنياً، لذا فهم يكرهوننى، وأنا أفتخر بذلك حقاً ولا أنكر كراهيتنا المتبادلة، وإستنكارى لكافة ما يفعلون. لذلك، جاء العنوان المختار للمقال لجذب الإنتباه وحتى يلفت أنظار الجميع لما يخطط له الإسرائيليين، إلا أنه أغضب وقتها عدد من الجماعات الإسلامية فى مواجهتى، ولم ولن ينسوه لى، ظناً منهم تأييدى له، رغم أنى أبداً لم أقصد يوماً أى تحالف أو لقاء مع كذب الإسرائيليين فى مواجهتكم أو مواجهة غيركم، ولكن ما أردت إيضاحه وإيصاله وقتها بحزم شديد، هو: أن الإسرائيليين يخططون للوقيعة بين الجميع، فهم يذهبون للصينيين والروس ليحذرونهم من الإسلاميين، ثم يذهبون لهؤلاء الإسلاميين ليأكدوا لهم وجود مؤامرة تحاك لهم.... وهكذا.

لذلك، فنحن - أقصد أنا والأصدقاء فى بكين وموسكو – نظل نضحك على لقاءات الإسرائيليين بغيرهم لإلقاء الوعود، وربما بدون أية صفة يملكونها هنا أو هناك.... تماماً مثلما هو حادث الآن، من وعود إسرائيلية وأمريكية للإخوان المسلمين بالسلطة.
 
ولمن لا يعلم تماماً، كيف يفكر الإسرائيليين؟، فإنهم عند عقد لقاء مع الإخوان المسلمين لوعدهم بالتمكين للوصول إلى السلطة، فستجد على الناحية الأخرى، وفى الوقت ذاته، نفس هؤلاء الإسرائيليين يجلسون فى الجهة المقابلة مع الروس والصينيين تعبيراً عن تخوفاتهم أولاً من تنامى وتصاعد الإتجاهات والتيارات الإسلامية وربطها بالجهادية، ثم يليها إطلاق وعود أخرى من نفس هؤلاء الإسرائيليين للإعراب عن تشمير يديهم وساعديهم للزود أى الدفاع عن مصالح الصين وروسيا فى منطقتنا لمواجهة المشروع الإسلامى الخطير، والذى سيهدد وسيضرب حتماً مصالحهم فى المنطقة، ومن ناحية ثالثة وجبهة أخرى، سيسعى نفس هؤلاء الإسرائيليين للقاء مرتقب مع أى قوى سياسية للتنبيه والتحذير، وربما إرسال تحذيراتهم للأنظمة السياسية المحيطة والمجاورة، لرفع سقف تخوفات الإسرائيليين من تحركات إسلامية وإخوانية مريبة تدعو للقلق وتبث الرعب فى الصدور والعقول، مصحوبة برغبة إسرائيلية فى إستغلال الموقف من أجل طلب عقد إتفاق أمنى مع عدة أنظمة سياسية مجاورة، طلباً للحماية وإحباط المخطط الإخوانى الشرير، ثم تقديم إسرائيل نفسها كضحية لسوء سلوك الإسلاميين معها، والمطالبة بالتعامل معهم بحزم.

وستنظر، ثم ستجد نفس هؤلاء الإسرائيليين بنفس تلك الهيئة يعقدون نفس اللقاءات مع الأنظمة السياسية الحاكمة فى تلك البلدان، للإتفاق على مواجهة الإسلاميين، قبل أن يطلقون مرة أخرى تحذيرهم للإسلاميين برصد تحركات الأنظمة السياسية القائمة فى مواجهتهم، ويدعونهم للصبر وعدم القلق، لأنهم حقاً معهم، ولن يتركونهم بالمرة فى مواجهة أو قلب العاصفة.

ولمن يفهم جيداً فى التحليل السياسى المستقبلى والمعمق وسيكولوجية الإسرائيليين فى التعامل، كما تخبرها وحللتها مراكز الفكر المعنية فى روسيا والصين، وتعامل معها صناع القرار فى دولهم، سيجد أن الموضوع برمته مضحك للغاية، إلا أنه يدعو للقلق فقط، لمن يصدق الإسرائيليين؟ ساعتها فالأمر كله يستلزم منا، أن ندعوه معنا للإفاقة كخبراء ومحللين قارئين للمشهد السياسى العام، وذلك حتى يدرك ويفهم حقاً كل من يصدق وعود الإسرائيليين، بأنهم غير قادرين على إنفاذ تلك الوعود، لأنهم فشلوا تقريباً فى كل شئ، بما فيها وأهمها على الإطلاق، فشلهم فى جلب الأمان لأنفسهم ولكيانهم ولشعبهم وأطفالهم، وعجزهم التام عن التقارب مع الشعوب، وعدم قدرتهم على تحمل أى ضغط أو غضب شعبى فى مواجهتهم.
 
وستجد أننى والأصدقاء فى بكين وروسيا دوماً، نجلس ونتأمل ونحن ننظر يميناً أو يساراً حيث يتواجد الإسرائيليين أو يتحدثون، ونحن نبتسم حقاً، لأن من لا يملك حقاً، كيف له أن يوعد؟
 
ولكى تفهمون أبرز الملفات التى تخشاها إسرائيل فى مواجهتى بدعم وإتفاق صينى روسى فى مواجهتهم، هو ملف "الدعوة إلى طرد كافة هؤلاء الصينيين المتهودين من إقليم الكايفنغ الصينى من المجندين فى جيش الدفاع الإسرائيلى"، بالنظر لكونهم مجرد مرتزقة فى الجيش الإسرائيلى، وهو أمر مجرم دولياً الإستعانة أساساً بهم. لذا ينبغى طردهم وعقاب إسرائيل، وفقاً لقواعد القانون الدولى والدفاعى العسكرى. فالتخوف الإسرائيلى من طرحى هو أن طرد المرتزقة المتهودين الصينيين، سيعقبه بالتبعية طرد ٦ آلاف مرتزق معهم، مما يفرغ الجيش الإسرائيلى من مضمونه وقوته، ويفككها ويشرذمها. وهذا يفترض نظرياً أن يحدث، مادمنا نتحدث عن قواعد العدالة الدولية فى مواجهة إسرائيل وسياساتها المتعنتة مع الفلسطينيين وشعوبنا. كما يحارب الإسرائيليين أيضاً وجهة نظرى، بعدم إنطباق "قانون حق العودة" على معظم هؤلاء المهاجرين حقاً لإسرائيل، نظراً لعدم يهوديتهم من الأساس، وبالتالى ينبغى طردهم وفقاً لقواعد القانون، الذى توقفه إسرائيل وفقاً لمصلحتها بالأساس.
 
وربما هنا أنتهز الفرصة، لتوضيح موقفى من بعض الملفات الأخرى التى صعب على غير المتعمقين فى السياسة وتحليلاتها فهم ما أرمى له بشكل تام فى ذاك الوقت الذى طرحتها فيه. وأعلم تماماً، أن البعض منكم وقتها، ربما قد فهم يوماً ما مقالتى التحليلية بشكل خاطئ، رغم أننى أفهم بشكل دقيق كل ما أعنيه وأعنى قوله فى مواجهة الإسرائيليين بالذات، وهى بشأن: التحالف بين الصين وإسرائيل فى مواجهة الإدارة الأمريكية؟... فلمن لا يفهم، فإن إسرائيل ضد هذا التحليل بالمرة بل وتخشاه وتهابه، ويحاربون فكرى من خلاله، لأننى قصدت من خلاله (إفراغ إسرائيل من قوتها كى تبقى هشة ضعيفة، كورقة فى مهب الريح بلا ظهير أو دعم واضح لها من واشنطن). فهذا التحليل ضد إسرائيل ولا يخدمها فى شئ بالمرة كما تظنون، لأننى درست وحللت وفهمت سيكولوجية الإسرائيليين فى خوف الوحدة والعزلة، فما بالك لو تركتهم واشنطن فى يد روسيا والصين يلهون بهم ويحققون مصلحتنا كعرب فى مواجهتهم؟
 
ورغم إستهدافى الدائم منهم، إلا أننى لا أشعر أبداً بالرهبة أو الخوف منهم، وأرجو ألا تفعلون، فمادمت قادرة على التفكير ولدى عقل وفكر راجح، بإستطاعتى مواجهتهم بصرامة علناً بأفعالهم للتراجع عنها.
 
وربما كان ما كتبته طيلة حياتى الأكاديمية والبحثية رغم غرابته إليكم، إلا أنه كان نتيجة لخبرة حقيقية وعملية مكتسبة على مر السنين فى كيفية وآليات المواجهة ضد إسرائيل حليفة واشنطن بالأساس فى المنطقة. وكنت أعلم وقتها، بأن العرب لن يفهموا قصدى التحليلى العميق فى ذات الوقت، لأنها تحليلات تمهد لواقع سيصير وسيعلو، ولكن بالتدريج الخافت والعاقل والتام، وسننجح فيه جميعاً كشعوب قوية بإستطاعتها حقاً فرض كلمتها وكسر كلمتهم، ورفع راياتها وتحقيق إنتصار حقيقى بارع على سياسة وهم القوة الإسرائيلية الذى تمارسه فى مواجهتنا. فإسرائيل حقاً تخاف من تركها وحيدة فى مواجهة الشيوعيين الصينيين والقوميون الروس بلا دعم واضح من واشنطن كما ذكرت من قبل، ولم تفهمون ماذا أعنى بذلك حينئذ؟

فإسرائيل تثير الإضطراب والفوضى حتى لا تحدث الوحدة، وإسرائيل تخشى الصين وروسيا وصعودهما المرتقب فى منطقتنا، حتى لا يضطرونها يوماً ويلزمونها بوضع شروط حقيقية ملزمة للتسوية السياسية مع أشقائنا وأبنائنا وقضيتنا العادلة فى فلسطين. وأعتقد وفقاً لذلك، بأن رؤيتى ورسالتى باتت واضحة لشعوبنا العربية بالأساس، ولجميع الطامحين يوماً فى إستعادة حلم الكرامة والهوية العربية... بعيداً عن أى مصالح ضيقة. وكلى يقين اليوم، بأننا سننتصر مهما حاولوا الحشد حولى، أو إثارة الفتن فى مواجهتى. إلا أننى أؤمن بأننا أقوياء.