عندما يفشل المستشارون المحليون !!!
عصام الغزاوي
بعد تولي “دينج هسياو ينج” الأب الروحي للنهضة الحديثة في الصين الرئاسة الصينية طلبَ من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم، الموافقة على التعاقد مع خبير تنمية إدارية واقتصادية عالمي للنهوض بالواقع الاقتصادي الصيني المتردي ولكن طلبه رفض سبع مرات، لكنه لم ييأس او يحبط بل واصل عرض طلبه حتى استطاع في المرة الثامنة اقناعهم بفكرته ووافقت اللجنة على طلبه ... فخاطب “دينج هسياو ينج” شخصياً عمادة كلية الإدارة والاقتصاد والسياسة في جامعة أكسفورد البريطانية، الأولى عالمياً في هذا التخصص، وأبلغهم عن رغبة الصين, بالتعاقد مع بروفيسور متخصص بالتنمية الاقتصادية والإدارية، للعمل مع الحكومة الصينية بصفة مستشار أول .. رفضت جامعة أكسفورد طلبه في البداية، لكنها قبلت فيما بعد، بعد ان قدم لها عرضاً مغريا واعلنت الجامعة عن الوظيفة باعلان وضعته في لوحة إعلانات الجامعة، وتقدم احدهم وكان ذلك الخبير الاستراتيجي هو البروفيسور العراقي الياس كوركيس الاستاذ في جامعة اكسفورد البريطانية ووافق على العرض وذهب للصين، وأمرَ “دينج هسياو ينج” وزراء الحكومة الصينية بتنفيذ مايطلبهُ منهم الخبير وأول خطواته كانت: التحول التدريجي إلى اقتصاد السوق، وفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية وخاصة في مجال الصناعة ، وقد حدد “الخبير أربع نقاط أساسية لمشروعه مع حكومة الصين وهي :
أولاً: العمل من أجل حكومة وطنية بجميع صفاتها.
ثانياً: تضييق الفجوة الاقتصادية بين شرق وغرب الصين بتبادل الخبرات المتوفرة بينها.
ثالثا : العمل على تقليل التضخم بالعملة.
رابعاً: تدريب الوزراء على الإدارة والقيادة وتعلم الإنكليزية من قبله ونقل الوزراء هذه التجربة إلى موظفي وزاراتهم..
وبعد ثلاث سنوات من بداية عمله ووضعه خطة إستراتيجية لكل وزارة، أخذت تجربته الإصلاحية لاقتصاد الصين تظهر للعيان، واستطاعت الصين بعد خمس سنوات من عمله من بلورة مفهوم اقتصاد السوق الاشتراكي وتحديث تسوية عملية ونظرية بين الحفاظ على دور الدولة التدخلي في الاقتصاد من جهة وخلق فضاءات أو مساحات اقتصادية ليبرالية متعولمة ومن جهة اخرى عمل الخبير كوركيس على ربط الاقتصاد الصيني بالاقتصاد العالمي وتلك التجربة الحديثة سمحت للصين بالاندماج بدون أن تعاني من الزلازل التي تواكب عادة التحول من اقتصاد مغلق إلى اقتصاد متعولم، وكان الخبير العراقي الياس كوركيس قد بدأ الإصلاح في المناطق الريفية بتدشين نظام الأسر المنتجة، ثم واصل عمله الإصلاحي في البلاد، و طال الإصلاح قطاع الصناعة الذي استمرت الصين به في انفتاحها الاقتصادي وساعد الخبير الصين بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية والتحول الكبير والمثير من اقتصاد هزيل ركيك الى الاول عالميا، وتكمن الغرابة ان من كان وراء هذا الازدهار الاقتصادي والتعاظم لدولة الصين هو عقل عراقي مثير تمكن من أن يضع الاسس الصحيحة لنهضة صناعية فريدة من نوعها، وتمكن هذا الخبير العراقي الكبير من تحويل الصين الى عملاق اقتصادي كبير بعد ان كانت دولة شعبية فقيرة جداً وضعيفة لغاية عام 1977 وكانت أعلى المنتجات الصناعية الرئيسة في البلاد هي “الغزل والأقمشة والفحم الخام والحبوب والقطن” لكنها اليوم أصبحت الصين دولة صناعية عملاقة تفوقت على إنكلترا وفرنسا والمانيا وايطاليا وغيرها من الدول العريقة في مجال الصناعة والاقتصاد وحسب دراسة جامعة أكسفورد البريطانية، ان التنمية الاقتصادية الصينية اصبحت هي الأولى في العالم حاليا// .
منقول.