إِعْتاق فلسطين من الأُنْشُوطَة "الصهيوغربيَّة"..؟!

الأكاديمي مروان سوداح
 في مسلسل الإجرام الصهيوني النازي اليومي بحق الفلسطينيين لمجرد نطقتهم بالعربية ووجودهم في فلسطين، وفي عملانيات تصفيتهم بالقتل المتواصل لنسائهم وشيوخهم وأطفالهم في الضفة الغربية، وقطاع غزة، وفي مناطق 1948 من فلسطين/ كنعان التاريخية، يتأكد للقاصي والداني، وليس لنا فقط، أن تحرير فلسطين من الإستعمار الاستيطاني ومن قواعد الحُلفاء الدوليين لهذا الجيب الاستعماري الصهيوني القائم على التراب العربي، لا يمكن أن يتم من خلال التحالف العربي مع داعمي هذا الكيان الكولونيالي. كذلك، يستحيل أن يتحقق إحقاق حقوق العرب بالحلول "السلمية" واجتماعات أصحاب الياقات البيضاء، والصداقة التاريخية والبنيوية والاندغام مع الغرب وعقائده ويومياته، ولا بقرارات "الأمم المتحدة" لا حفظها الله، ولا بالسير في ركاب غيرها من المنظمات العالمية المنخورة فعلاً وأصلاً بالخصوم والأعداء لفلسطين وللوجود الجسدي لأُمتنا.
 أسباب العجز العربي والعالمي كثيرة، وأحياناً تكون عدم الرغبة في خوض غُمار  معركة مادية أو معنوية كبيرة مع الغرب السياسي، أو لكون الدنيا ما تزال محكومة لهذا الغرب المتهود والمتأسرل سياسياً، ومالياً، واقتصادياً، وسيكولوجياً وإعلامياً إلى درجة أكبر من كبيرة، أو بسبب انشغال عالم العرب بالخلافات العربية العربية. وبالتالي، "لم يَعد هذا العالم مُهتمَّاً بفلسطين!"، بالرغم من قدسيتها وتقديسها إلهياً، وتتويجها وطناً له كما في المسيحية، ومقدَّسة كما في الإسلام.
في أجواء الضعف العربي و اللامبالاة الشاملة، تشعر سلطات تل أبيب بقوة مطلقة، وترى في تطبيق أيّ من القرارات الدولية التي تتعلق بفلسطين جريمة، وتتحداها بكل وقاحة وصلافة، ودون خوف أو وجل، لأن الإدارات الإقليمية والأمميَّة محكومة بغالبيتها للاحتكاريين الصهاينة ومَن يلف لفهم من أرباب الأموال، فالمتعاطفين القليلين مع فلسطين وشهداء وشهيدات فلسطين يعانون من عجز حتى اللحظة، وقد تأصلت فيهم للأسف رغبات التماهي مع الغرب الجاذب لهؤلاء بمسلسلاته الخادعة، ما أفضى بهم إلى واقع التسليم بالقرارات الدولية و"الأحبار على الأوراق"، ليبتعدوا عن مفردات طرد المحتلين والسُّرَاق والحرامية من الأرض المغتصبة، ولذعر هؤلاء من إمكانات العدو المُعتدِي المُدجَّج بالسلاح الفتّاك والنووي، والذي لم يَعد ومنذ عهد بعيد يحترم أي حقوق للمُعتَدى عليه. 
 ما يجري يَروق للغرب الاستعماري، فهو مرتاح لعدم بروز أي قوى عربية وإسلامية فاعلة في المنطقة وعلى صعيد المَعمورة يمكنها أن تتصدى له، ويبقى بسطاء العرب وفي عقولهم ذكريات ماثلة عن رهط من المناضلات والمناضلين الأممين من أمثال ليلى خالد، وتريز هلسة، وريما عيسى طنوس، وكيم إيل سونغ، وماوتسي تونغ، وتشي غيفارا، وكاسترو، وغيرهن وغيرهم كُثر، فامثال هؤلاء هم هدف أساسي للاجتثاث فيزيائياً، وعِرقاً، ولغة من الفضاء الأُممي وعالمنا الذي يُسمِّيه الغرب بـِ"الشرق الأوسط".
 منذ أكثر من مائتي سنة وضع الغرب على أجندته مهمة استعباد أرض العرب بكل الآليات المتاحة أمامه، وبالدرجة الأولى من خلال الحركة الصهيونية، التي وُلِدت في جهنم، سعياً لاحتلال جنوب المتوسط وشرقه وتكريس المنطقة للصهيونية من خلال مناهج "القفزات العشرية"، و "القضم فالهضم"، والتهويد الاستيطاني، ما قد يُحقق له كما يرى إلى يومنا هذا، تحويل كل القارة السوداء، وغرب آسيا وأمريكا اللاتينية، إلى مزرعة موز "صهيوأمريكية"، و "صهيوغربية" شاسعة، بنفوذ إمبريالي مطلق لا يَطيق الوجودين الروسي والصيني بأي شكل من الأشكال السياسية، والتجارية، والاقتصادية والإعلامية، لتدر الأرباح المِلاح على مختلف الاحتكارات البيضاء حصراً، عدا ناس اللون الأسود بالطبع، فلا احتكارات بهذا اللون الذي تعرَّض هو الآخر طويلاً للسحل، والذبح، والدعس والبصق في التاريخين "الديمقراطيين!" "الأمريكي" للعَم سام، و"الغربأوروبي" الأشقر والأبيض.
 لقد آن الأوان ليتقدم أحدهم لإعتاق فلسطين من أنشوطة الصهيونية الدولية.
...