مستوى التمثيل في قمة اسطنبول

 بلال العبويني

يعكس مستوى تمثيل الدول في قمة اسطنبول، أمس الأول حول القدس والجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة، مدى اهتمامها بالملف الفلسطيني وملف القدس على وجه التحديد.

قمة مخصصة لبحث الإجراءات الأمريكية والإسرائيلية ضد قبلة المسلمين الأولى، يشارك فيها وزراء خارجية أو وزراء دولة، في وقت تشارك فيه تلك الدول على مستوى الزعماء والرؤساء في قمم واجتماعات لا يكاد يفهم منها إلا أنها تصب في غير صالح الأمة وقضاياها ومقدساتها.

خلال الأيام الماضية، لم نسمع أن رؤساء وملوك تلك الدول مرتبطون بمواعيد واجتماعاتعظيمة، تحول دون حضورهم قمة طارئة تتناول التهديد الذي تتعرض له قبلة المسلمين الأولى ومسرى ومعراج النبي للتهويد من قبل عدو غاشم، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة تزداد معها الشكوك أحيانا بالضلوع بما يقال عن "صفقة القرن" الترامبية التي تستهدف إنهاء القضية الفلسطينية على حساب الفلسطينيين والعرب والمسلمين.

بعض العرب، لوّثوا في وقت سابق؛ مسامع الشعوب بتصريحات مخزية حيال القضية الفلسطينية وحيال حقوق الإسرائيليين بالعيش بأمان وسلام وفي حقهم بالدفاع عن أنفسهم ضد أي تهديد يواجههم، وهؤلاء يحاولون جاهدين اقناع الشعوب أن إيران هي رأس الحية في المنطقة وليس الاحتلال الإسرائيلي.

في وقت يثبت الواقع أنه ليس بمقدور أحد أن يأتي بشاهد يؤكد على تواطؤ الإيرانيين مع الإسرائيليين أو عقد صفقات ولقاءات سرية من أي نوع كانت، بل على العكس من ذلك فإن حالة العداء الظاهرة والمستمرة بين الجانبين تؤكد اتخاذ كل منهما موقف العداء للآخر.

تلك المقارنة بين إيران وبعض الدول العربية، ليس الهدف منها الترويج للسياسات الإيرانية، غير أن الموقف من القضية الفلسطينية والقدس هوالذي استدعاها للتأكيد على أن سياسات بعض العرب تجاه القضايا المركزية والمصيرية هي التي تساهم في المواقف الشعبية المتخذة ضدهم والهجران باتجاه إيران أو سواها من الدول التي تقف في ذات الصف المعادي للاحتلال الإسرائيلي ولسياسات إدارة ترامب المتصهينة والمنحازة بالمطلق.

مشكلة تلك الدول أنها تصنع العداء في كل الاتجاهات، إلا اتجاها واحدا، ففي الوقت الذي ترى فيه إيران "الشيعية" عدوة، وتوحي تصريحات بعض مسؤوليها أن "إسرائيل" شريكة وضامنة لأمنها، فإنها ترى في تركيا "السنية" أيضا عدوة بسبب مواقفها من بعض الملفات التي هي في الحقيقة صغيرة وتافهة أمام هول ما تتعرض له القدس.

تلك اللامبالاة التي تبديها بعض الدول تجاه قبلة المسلمين الأولى، تطرح سؤالا كبيرا ومقلقا مفاده ماذا لو تعرضت مكة المكرمة، لا سمح الله، لتهديد فهل سيكون موقف بعض الدول غير مبال في الدفاع عنها كما هو الحال اليوم في قضية القدس؟.

لذا، لا يمكن لأحد أن يزعم أن الدول التي خفّضت من تمثيلها في قمة اسطنبول تبدي اهتماما كبيرا بالقضية مثل الدول التي رفعت من مستوى التمثيل في استشعار منها لحجم المصيبة التي ألمت بالقدس.

ثمانية زعماء حضروا قمة اسطنبول من أصل 40 دولة مشاركة يدل بما لا يدع مجالا للشك على مستوى الهوان الذي هرولنا إليه عامدين متعمدين ولأسباب بعضها أوهام وبعضها الآخر شراء أدوار جديدة أو بحثا عن جوائز ترضية على حساب المقدسات.

تلك هي المصيبة، لكن أعظمها غياب محمود عباس الذي من المفترض فيه أن يكون أول المشاركين والداعين لعقد مثل هكذا مؤتمر.//