كتب محمود الدباس.. "الكراكيب"..

بداية لمن لا يعرف معنى "الكراكيب" فهي عبارة عن أشياء قديمة متنوعة.. وغالباً تكون قد فقدت قيمتها والحاجة لها.. وفي حال أرَدنا العودة لها واستخدامها ستكون التكلفة عالية..
وحين نود وصف بعض الامكان التي تعج بها.. نقول.. المكان مليان بالكراكيب او "مكركب".. اشارة الى عدم اهتمام اصحاب المكان به وبمحتواه.. الامر الذي يدل على الكسل والاهمال وتقاعس اصحاب المكان عن ازالة تلك "الكراكيب" ورميها الى حيث اللا عودة..

وفي الغالب تكون هذه عادةُ بعض الناس.. فهم لا يمتلكون الجرأة في التخلص من الاشياء عديمة النفع.. ظانين ان يوما ما سيأتي ويحتاجونها فلا يجدونها.. وبدونها قد لا تستقيم حياتهم..
فقد وضعوا في قرارة انفسهم ونصب اعينهم.. انهم لا يملكون القوة والقدرة على استبدالها والاتيان بافضل منها.. فوجودها في نظرهم منفعة غير مضرة..

قدمت بهذه المقدمة "الكراكيبية" حتى اعَرِّجَ على بعض التصرفات والعادات التي اصبحت متلازمة مع البعض..
فمن خلال دراسة اجريتها وطبقت طريقتها على نفسي منذ سنوات عدة وما زلت مستمرا بها لغاية الان.. وجدت ان اي شيء استطيع الاستغناء عنه ولا اتذكره لمدة تزيد عن ستة اشهر.. فانا فعليا لست بحاجته.. ويمكنني الاستغناء عنه للابد..

فعلى سبيل المثال.. عندما استعرض ملفات هاتفي.. واجد بعض المقاطع او الملفات لم اشاهدها منذ زمن.. واجدها تأخذ من ذاكرة الهاتف الشيء الكثير.. ومحتواها في الغالب اصبح قديما.. فالاولى هو حذفها.. فاصبحت احذف الملفات التي مضى عليها ستة اشهر..

وعندما ارى اسماء اشخاص على قائمة الاسماء لم يتم التواصل بيننا لمدة تعدت الستة اشهر.. فاصبحت متيقنا انني لست ببالهم.. وهم ليسوا ايضا ببالي.. وحفظ ارقامهم هو في الواقع عبء على هاتفي وعلى ذاكرتي ايضا..
فكلما نظرت الى الاسماء التي لم تتواصل معي منذ زمن.. ساشعر بشيء من الغصة على ذلك.. وقد اتذكر بعض المواقف التي نسيتها وارحت عقلي منها..
وفي نفس الوقت.. اخشى إن حاولت فتح الباب الذي تركته مواربا بعدم حذف اسمائهم.. اكان باتصال او برسالة.. ساكون خالفت المثل "الباب اللي يجيك منه الريح.. سده واستريح".. وحينها ستصبح كلفة اغلاقه اعلى..

وكذلك العلاقات بين الناس.. فكلما حذف الواحد منا الاشخاص الذين جلبوا له بعض المشاكل والمواقف السيئة.. سيكون قد اراح عقله من الكثير من الذكريات البشعة والتي تجلب الهم والغم والسوداوية.. وبالتالي الانطلاق للعيش بسعادة وهناء..

فكما تجلب الكراكيب لنا الغبار والطاقة السلبية بوجودها معنا.. فان كل شيء مما ذكرته ولم احذفه من عقلي وهاتفي او من دفاتر مذكراتي.. وتركته قابلا للفتح والتواصل.. فانا على يقين بانه سيجلب لي الطاقة السلبية او بعض المعاناة او المشاكل التي انا في غنى عنها..

اختم بالقول.. ان ثقافة التخلص من الكراكيب ليست بالسهلة على الناس.. فكلما نضج الانسان السوي.. اصبحت هذه الثقافة متقبلة لديه.. واصبحت ثقافة الحذف لا تشكل عنده الكثير من المعاناة.. ولا تاخذ من عقله الكثير من التفكير..
فعودوا انفسكم على حذف الكراكيب والتخلص منها اولا باول.. قبل ان تتراكم عليكم وتصبح من ضمن تركيبتكم وثقافتكم وحياتكم اليومية.. وبالتالي ستجلب لكم يوما ما الكآبة والطاقة السلبية.. وقد تجر لكم المشاكل التي لم تكن بالحسبان..
ابو الليث..