"الطريق الديمقراطي لهونغ كونغ"
لأكاديمي مروان سوداح
من المؤكد أن الديمقراطية الحقيقية والشعبية لا تنتمي بأي صِلة لديمقراطية رأس المال المالي الاحتكاري، ولا لرأس المال المُعولم بكل تجلياته ومختلف صوره وتفسيراته ومزاعم أصحابه، فهو يعمل على إخضاع الشعب لسلطة "البزنس" ومصالحه الضيقة في الديمقراطية الغربية المزعومة التي تدَّعي الحريات مَظهراً، إلا أنها في الواقع وحشٌ كاسر يُجهِض الديمقراطية في تطبيقاته اليومية لصالح "النقود" ومصالح ثراء أزْلام الذهب الرنَّان.
وفي هذا الإطار، شَدَّت انتباهي مقالة السيد لياو ليتشيانغ، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى جمهورية مِصر العربية الشقيقة، الذي يتناول مسألة هونغ كونغ اللصيقة جغرافياً بالبَر الصيني الجنوبي الواسع، والمتماثلة سياسياً مع الأرض الأم - الصين، فقد كانت هذه المنطقة التي سُلِخَت عُنوَة عن بقية الوطن، "الابن الضال" الذي عَادَ بعد عقود عديدة إلى حضن والده، بعدما تخلَّص من حِراب الأجنبي، ليطلب من الأقارب والأهل وقَوْمُ السلامة والعِرق الصَّفح والمَحبَّة والمؤازَرَة.
الانتخابات التي جرَت مؤخراً في هونغ كونغ ضمن المبدأ العريق "دولة واحدة ونظامان" الذي سبق وطرحهُ الحزب الشيوعي الصيني، يوفِّر ضمانة أساسية للتنمية الديمقراطية لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، إلى ذلك يُفضي التطور الديمقراطي لهونغ كونغ إلى مستقبل آمن وحقيقي، في حماية الحزب الشيوعي الصيني الذي له أولوية طرح واعتماد شعار وقضية "دولة واحدة ونظامان".
يقول السفير، بأنه في تاريخ الـ١٩ من سبتمبر ٢٠٢١، انتهت بنجاح أعمال التصويت لانتخابات المجلس التشريعي السابع لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة. شارك أكثر من ١٣ مليون ناخب في هونغ كونغ في الإدلاء بأصواتهم لاختيار ٩٠ مرشحاً من بين ١٥٣ شخصاً، إذ تُعد تلك أول انتخابات رئيسية أُجريت بنجاح في ظل تطبيق قانون الأمن القومي والنظام الانتخابي "المُحَسَّن"، كما أنها مُمَارَسة حيَّة للتنفيذ الكامل لمبدأ "الوطنيون يَحكمون هونغ كونغ"، كما أنها ذات أهمية كبيرة لتنمية الاقتصاد، وتحسين معيشة الشعب، والحِفاظ على ازدهار واستقرار هونغ كونغ، وذات أهمية بعيدة المدى لتنمية وتعظيم مفهوم الديمقراطية الحق بما يتماشى مع واقع وظروف هونغ كونغ، وتشكيل النمط الجديد للحُكم الرشيد في هونغ كونغ.
يَرى السفير أن تلك الانتخابات تُعدُ أيضاً أحدث ممارسة ناجحة لهونغ كونغ في تنفيذ مبدأ "الوطنيون يحكمون هونغ كونغ"، وتطوير ديمقراطية عالية الجودة واختياراً فعَّالاً للقيادات الناجحة، وتعزيز الحُكم الرشيد في هونغ كونغ. في ٢٠ ديسمبر، أصدر مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني كتاباً أبيض بعنوان "هونغ كونغ.. التقدم الديمقراطي في إطار دولة واحدة ونظامين".
من الواضح للعيان أن هونغ كونغ قد "اندمجت عملياً في إطار الوطن الصيني الكبير" كما يوضح السفير الذي يكشف لنا عن تماهي النظام الانتخابي الجديد الذي يتمتع بالجودة والتساوق، مع الوضع الفِعلي في هونغ كونغ، حيث إنه بموجب مبدأ «الوطنيون الذين يحكمون هونغ كونغ»، برز "عدد كبير من العناصر الوطنية التي تحب هونغ كونغ"، وتتمتع بالقدرة والنزاهة السياسية"، ما أفضى إلى انتخاب أعضاء المجلس التشريعي البالغ عددهم ٩٠ عضواً، ينتمون إلى مختلف فئات المجتمع، ومن بين هؤلاء الأعضاء من تمت إعادة انتخابهم مِمَن لديهم خبرة ثرية في البرلمان، وغيرهم مِمَن لم يسبق لهم العمل كأعضاء فيه، إضافة إلى السياسيين "ذوي الخبرة" الذين شاركوا في تلك الانتخابات.
عودة هونغ كونغ للبر الرئيسي، رَبَطَهَا بحقبة جديدة من الديمقراطية الواقعية، في مواجهة تصدير عمليات الفوضى المناهِضة للصين، كما جرى سابقاً على يد قوى خارجية تعمل لإعادة الهيمنة على المنطقة بشعارات ورايات ديمقراطية، وهي في الواقع معادية للديمقراطية وتطبيقاتها، إلا أن ذاك الهدف المكتوم لم يتحقق، وقُبرت الفوضى، لتحل محلها التنمية الديمقراطية في هونغ كونغ.
لقد تمكنت هونغ كونغ من الدخول في إطار القيم المشتركة لمجتمع المصير المشترك للبشرية، بعيداً عن نهج تقسيم المَعمورة أيديولوجياً، ما أرسى نظرة ومنهاجاً مُستقيماً للفكرة الديمقراطية التي ترنو إليها شعوب كل البلدان، والقيادة الصينية؛ التي يقودها الرئيس شي جين بينغ؛ وهونغ كونغ تتمتعان بالثقة والحِكمة والقدرة على بناء وتطوير الديمقراطية التي تتناسب والظروف الخاصة في البر الصيني الواسع.
*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.