اتفاق خفض التصعيد.. هل من ضمانات؟
بلال العبويني
ببساطة، يمكن القول إن أكثر ما يعني الأردن من الأزمة السورية اليوم، هو الحفاظ على استمرار اتفاق خفض التصعيد في جنوب غرب سوريا والذي وقعته عمان مع موسكو وواشنطن العام الماضي.
لكن، هل ثمة ما يضمن استمرار الاتفاق في ظل التغيرات المتسارعة في سورية على إثر الخلاف الروسي الأمريكي، وفي ظل تصريحات ترامب المباغتة حول عزمه سحب القوات الأمريكية من "سوريا قريبا؟".
الخلاف الروسي الأمريكي لا أحد يعلم إلى أين سينتهي وما هي السيناريوهات التي سيفرضانها على الأرض، لكن ثمة حقائق مؤكدة وتحديدا تلك المتعلقة بالشأن الأمريكي يمكن الإشارة إليها.
يدرك الجميع أن ترامب من أوضح الرؤساء الذين تعاقبوا على الولايات المتحدة، وهو الذي قال إبان حملته الانتخابية أن على دول غنية في الشرق الأوسط أن تدفع مقابل ما تقدمه لها الولايات المتحدة من خدمات الأمن والحماية.
هذا الكلام أعاده غير مرة بعد توليه مقاليد الرئاسة، بل وزاد عليه أكثر عندما أشار إلى الثروات التي تمتلكها السعودية على وجه التحديد، وهو ما أفضى عمليا إلى توقيع اتفاقيات وعقود وصفقات مع السعودية وبالمليارات.
ترامب يعلم جيدا أن إيران هي "البعبع" الكبير في المنطقة، وأن دولا في المنطقة تخشى مواصلة إيران بسط نفوذها في المنطقة والتمدد أكثر، ويعلم أن دولا في المنطقة ترى في استمرار الوجود الأمريكي طوق نجاة لها من "الخطر الإيراني".
لذلك، لا يمكن أن يُفهم تصريحه إلا من زاوية "الابتزاز" لكسب المزيد من الأموال والصفقات المليارية، وهذا ما هو حاصل اليوم.
من جهة أخرى، يدرك ترامب وإدارته، مدى الهاجس والرعب الذي تشكله إيران لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدا استمرار تمددها في مناطق جنوب وغرب سوريا، وبالتالي فإن ترامب لن يجازف في تعريض حليفة أمريكا الأوثق بالمنطقة للخطر الإيراني ويستعجل الرحيل لأسباب غير منطقية من مثل تلك التي أوردها وبعض المقربين منه.
لذا، نظريا وانطلاقا من تلك المعطيات فإن اتفاق خفض التصعيد في جنوب غرب سوريا مرشح للاستمرار، هذا إذا ما اخذنا بعين الاعتبار التقارب الأردني الروسي، والأخير يمتلك القرار في سوريا، وإلى ما قاله وزير الخارجية أيمن الصفدي قبل أيام من أنه تم الاتفاق مع نظيره الروسي على العمل لتكريس منطقة خفض التصعيد.
قلنا، لا احد يضمن التطورات غير المحسوبة التي قد تحدث في سوريا، وتلك التطورات باتت سمة ملازمة للأزمة السورية بعد أن تحول الصراع من الوكلاء إلى الأصلاء، ذلك أن تقارير تفيدأن ما بعد الانتهاء من المعارك على أطراف دمشق ستكون وجهة الجيش السوري نحو جنوب سوريا.
حينذاك، لا أحد يضمن كيف سيصمد اتفاق خفض التصعيد، تحديدا إذا ما كان هناك قرار إيراني بالتمدد جنوبا للرد على القصف الإسرائيلي بين الفترة والأخرى لمواقع إيرانية داخل الأراضي السورية وهو ما أفضى إلى سقوط قتلى.
اتفاق "خفض التصعيد" مهم جدا بالنسبة للأردن، ويجب العمل على تكريسه وتوسيع دائرته إلى مناطق أخرى، غير أنه سيظل "على كف عفريت" كما يُقال، ما لم نشهد حلا شاملا في سوريا ومتفق عليه بين جميع الاطراف.//