افلاس الفكر الاقتصادي ... !!!

المهندس هاشم نايل المجالي

هناك حقيقة يجب ان نعترف بها والتي نعاني من آثار صدمتها وافرازاتها وهي افلاس المسؤولين الاقتصاديين في سياق الافلاس المنقطع النظير لمعالجة الاوضاع الاقتصادية ، وتحقيق التنمية وزيادة حجم الاستثمار ، والتقليل من المديونية ، ومعالجة مشكلة الفقر والبطالة ، والتي هي مسؤولية الحكومات المتعاقبة والفرق الوزارية الاقتصادية ، صاحبة الفكر التنويري من الاستراتيجيات والنظريات والتي انزوت افكارهم في ادراج المكاتب بعد ان فشلت سياساتهم المتعاقبة في معالجة الاوضاع الاقتصادية المتهالكة .

وباتت خططهم التحفيزية نظريه كذلك طروحاتهم تقليدية لا تواكب المعالجات العصرية الفكرية الحديثة بل اصبحت طروحاتهم مثارا للسخرية فهناك متورطون وهناك مورطون ، ونستطيع ان نقول ان الفكر الاقتصادي الذي طرحوه وقف عاجزاً امام المتغيرات على الساحة الداخلية والخارجية خاصة فمن كان يؤمن بفتح الاسواق تمشياً مع سياسة العولمة والهيمنة حيث باتت المصانع هاربة حتى اصحاب البقالات الصغيرة اغلقت امام السيل الجارف وهروب المستثمرين وغيرهم .

فلقد كانت معاول هؤلاء المنظرين الاقتصاديين معاول خراب ولم يستطيعوا وضع أية ضوابط لحماية السوق المحلي ، بل اتخذوا منه اعداء بقوانينهم الاصلاحية ، حتى باتت مختلف القطاعات مجمدة لنشاطاتها سواء الاسكانية او تجارة السيارات مع هروب الوكالات العالمية وهروب كبرى الصناعات المحلية لدول مجاورة اعطتهم امتيازات تفضيلية واعفاءات ضريبية وتسهيلات مصرفية ، ولا احد يريد ان يقدم دراسة او بحثا بهذا الخصوص حتى لا يطلع اصحاب القرار عليه .

لقد كانت استراتيجياتهم وهمية خلقت اقتصاداً وهمياً بأزمات متعددة يحاكي غرائزهم الفكرية دون ان يوفر اية مخارج للنجاة وتجنب الازمات ، بل الاسوأ من ذلك اعتمدوا على المهرجانات الاقتصادية والمؤتمرات النظرية واللغوية التي لم يكن بمقدورها فهم واقعي للمتغيرات والمستجدات على الساحة الاقتصادية وانعكاساتها على البيئة المحلية ، بل اصبحت السياسة هي التي تحدد معايير الاقتصاد بل كانت هناك قرارات بمثابة الكاوبوي الاقتصادي المفروض بقوة القانون لم تترك مجالاً حتى لتطويع الفكر الاستثماري وفق المستجدات والمتغيرات .

فمتى سيكون لدينا اقتصاد يمكن البناء عليه ، او اصلاحي معالج بصورة او بأخرى ، فالويلات الاقتصادية ظاهرة على الساحة ، ولم يعد هناك مجال للتمويه او اخفائها حيث بدأت الطبقة الوسطى بالاختفاء تدريجياً ، ووصل الغلاء الى اعلى مستوى في تاريخ البلاد ، وسنصل الى مرحلة لم يعد فيها المواطن من الطبقتين الوسطى والفقيرة قادرا ان يحصل على الاولويات الغذائية كما كان قبل سنين طويلة ، لم تكن هذه النظريات ولا تلك العنتريات موجودة ومع قدوم شهر رمضان المبارك كيف سيتحدث الشعب عن حياته المعيشية اليومية .

وكما نعلم فان فنزويلا باتت تدفع رواتب موظفيها بيضاً ومواد غذائية ، ونحن نعلم والكل يعلم اننا ننعم بالعديد من الميزات الاقتصادية والاستثمارية قادرة على مواجهة التحديات ، كذلك فان المشاريع الصغيرة والمتوسطة تمثل ركيزة اساسية في الحراك الاقتصادي التنموي اذا ما تم وضع قوانين وقواعد خاصة بها تشجع الافراد على الاستثمار فيها  وتبنيها وحمايتها  .

ففي اليابان على سبيل المثال تعتمد الشركات الكبرى على اكثر من 70% من انتاجها على الشركات الصغيرة والمتوسطة ، مما جعل الانتاج صحيا وهذه الشركات الصغيرة والمتوسطة غير منافسة للشركات الكبرى بل مساندة ومكملة لها ، وتخفض من العديد من التكاليف وتحقق مزيداً من التوظيف (محاربة البطالة) مما يخدم الاقتصاد الوطني .

كذلك اهمية تغيير النمط التسويقي التقليدي للكثير من المنتوجات لمثل هذه المشاريع وتوفير تسهيلات حكومية اكبر لها من اجل دعم منافستها لمثيلاتها من الشركات الاجنبية ، كذلك من اجل تطويرها وتثبيت وجودها وزيادة دورها على الساحة ، من اجل عملية استكمال البناء الاقتصادي ، وكذلك فانها ستوفر بيئة جاذبة للاستثمار خاصة اذا تمت الموازنة بين مصالح كبار المستثمرين وصغار المستثمرين بتشريعات ناظمة تحقق العدالة والاستمرارية ، وهذه المشاريع تحقق فرصة كبيرة لخريجي الجامعات والمغتربين وغيرهم لاعطائهم فرصاً استثمارية محفزة ومشجعة .//

 

 

hashemmajali_56@yahoo.com