استطلاع مركز الدراسات وتأويلات مستقبل الملقي
بلال العبويني
لا أعرف كيف استنتج البعض أن النسبة المتدنية التي حصلت عليها حكومة الدكتور هاني الملقي 29%، في استطلاع مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، أنها ستفضي قريبا إلى فض الشراكة بين عمرها وعمر مجلس النواب وبالتالي رحيلها.
استمعنا من بعض أصحاب هذا التحليل، إلى تبريرات كثيرة، وبعضها لم يغادر ذات التقييم الذي كانت عليه الحكومة منذ اليوم الأول لتشكيلها، وهي رغم صحتها من حيث التقييم، إلا أنها ليست مبررا لرحيلها، ذلك أنها معلومة للجميع وليس فيها أي جديد، وهي مترافقة مع الحكومة إلى اليوم رغم التعديلات الست التي أُجريت على طاقمها.
هذا التحليل يمكن وصفه بـ "الرغائبي"، وثمة معطيات كثيرة تدحضه:
أولا: لو كان هناك نية لدى صاحب القرار بتغيير الحكومة في هذا الوقت، لاتخذ القرار عندما أُعلن عن إصابة الرئيس بمرض يحتاج معه إلى العلاج والغياب لبعض الوقت.
وهذه في اعتقادي، كانت فرصة مواتية للتخليعن مبدأ "4x4" من منطلق حاجة الرئيس للعلاج والراحة وبالتالي الاضطرار إلى التغيير والتخلي مرحليا، على الأقل، عن مبدأ ربط عمر الحكومة بعمر مجلس النواب.
ثانيا: منذ البدء، كان الجميع يعلم أن الحكومة مقبلة على قرارات ليست شعبية، وهو ما أعلنه الرئيس نفسه، كما أعلنه من قبله الرئيس النسور، وبالتالي فإن النتيجة متوقعه طالما ظلت الحكومة متمسكة بتنفيذ اتفاقاتها مع صندوق النقد الدولي.
ثالثا: ليس من المعقول أن يتم تغيير الحكومة بعد أن حصلت على ثقة جديدة من مجلس النواب، وليس ربط هذه الثقة بالتي حصلت عليها حكومة سمير الرفاعي في 2011 ومن ثم رحلت بعد أيام قليلة إلا ربطا اعتباطيا غير منطقي بالنظر إلى الظرف الذي كان سائدا في ذلك العام حيث الربيع العربي وحراكات الشارع التي كانت في تصاعد.
رابعا: ما زال أمام الحكومة الكثير لتقوم به، ويكمن أولا في التعديلات المقترحة على قانون الضريبة، وهو القانون الذي سيحتاج إلى بعض المشاورات للحصول على توافقات بعد إقراره من مجلس الوزراء، ومن ثم سيحتاج لإقراره إلى جلسة استثنائية لمجلس النواب بعد شهر رمضان.
خامسا: إنجاز الانتخابات اللامركزية، أفضى إلى استحقاق لازم يتمثل في الحاجة لقانون انتخاب جديد يخفض بموجبه عدد أعضاء مجلس النواب ويضع حدا للتداخل بين عمل أعضاء البرلمان واللامركزية، فضلا عن المطالبات الحزبية للتعديل وما إلى ذلك، وهذا من المعلوم أنه يحتاج لوقت طويل، ربما لن تستوعبه الدورة البرلمانية العادية المقبلة أيضا، ويتزامن هذا ربما مع عملية تقييم للمجالس اللامركزية وقانونها لمعالجة الخلل الذي تعاني منه التجربة الوليدة.
إن ما يحتج به الطامحون برحيل الحكومة مبكرا، ليس عمليا في الواقع، من مثل أن حكومة النسور اتخذت قرارات شبيهة بقرارات حكومة الملقي، ومع ذلك حصلت على تقييم أكثر بضعف مرة عن الذي حصلت عليها حكومة الملقي.
عدم المنطقية تكمن في أن الناس شعرت بأثر تلك القرارت متأخرة، ما يعني أن قرارات الملقي سيشعر بأثرها المواطنون أكثر بعد سنوات.
لذلك، الحكم على قرب رحيل الحكومة من منطلق نتائج الاستطلاع ليس واقعيا، ولذلك نعتقد أنعمرها سيظل مرتبطا بعمر النواب، وأن هذه النسبة كانت متوقعة مثلما كانت نسبة الثقة التي حصلت عليها متوقعة أيضا.
هذا ليس دفاعا عن الحكومة،لكنه محاولة لتفنيد ما قرأه البعض من نتائج الاستطلاع، فليس معقولا أن تأتي الحكومة اليوم لترحل مع التنسيب بحل مجلس النواب.//