لدينا حركة عمالية..؟؟!!
وليد حسني
حين تم انتهاج سياسة تذويب الطبقات الدنيا لصالح الطبقة المهيمنة خلال العقود الماضية، لم يعد بالأمكان تحديد خطوط الوصل والفصل بين الطبقة العاملة، وبين الطبقة التوظيفية، وبين الطبقة الدنيا، والطبقة الوسطى.
بالأمس كان عيد العمال أو يوم العمال العالمي في الأردن مجرد يوم للنزهة أو للإجازة، واحتفال رسمي متواضع جدا، في الوقت الذي كانت فيه قرارات مجلس الوزراء برفع اسعار المحروقات تنهب ما تبقى من القوة الشرائية للمواطنين ولرواتبهم التي لم تعد تقيهم غائلة الجوع، بل وتدفعهم دفعًا للقهر والفقر.
وبالنظر للخارطة الوظيفية ولخارطة العمل في الأردن قياسًا بحجم البطالة فإن الواقع بمعطياته الأليمة لا يشي أبدًا بأي نسبة من التفاؤل الجميل بمستقبل قد ننتظره طويلا لو أن فيه بارقة أمل لكن هيهات.
ليست لدينا طبقة عمالة فاعلة وناشطة، وليست لدينا أي صيغة مؤثرة لأي تنظيم عمالي يمكن أن تكون لديه القوة للتأثير على القرارات الحكومية، احتجاجا، وتصويبا، وما نراه منذ عقود مضت هي مجرد كيانات وجاهية لأشخاص يسيطرون على عناوين تنظيمية مهنية كنقابات العمال، والنقابات المهنية، إلا انها تبقى في إطار العمل الشكلاني الديكوري ليس إلا.
طيلة العقود الماضية لم نر أو نسمع أن نقابة عمالية دعت منتسبيها للقيام بأي نشاط سياسي أو عمالي، ولم نسمع بالمطلق أن نقابة عمالية واحدة تبنت قضية عمالية ونجحت بتحشيد الرأي العام حولها، وفي بعض الحالات النادرة جدا ظل مثل هذا العمل محكومًا بصيغ عشائرية ومصلحية ولم ترق بالمطلق لصيغة العمل النقابي والمهني المنظم.
الطبقة العاملة في الأردن ليس لديها ما يمثلها على وجه اليقين، بعد أن نجحت الدولة منذ عقود مضت بربط تلك الهيكليات والكيانات المهنية بالدولة نفسها، لتبقى تقوم بدور وظيفي مساند للحكومات، على حساب مصالح العمال والمهنيين.
حتى النقابات المهنية ومنذ أكثر من عشر سنوات مضت أصبحت خارج دائرة الفعل والتأثير، وبالرغم من أنها تراجعت في دورها السياسي وانكفأت على الخدمة المهنية فإن هذا الانكفاء أدى بالنتيجة إلى تعزيز سلطة الحكومات من خلال تعزيز قيم الموالاة المصلحية داخل مقاعد قيادة هذه النقابات.
اليوم الحركة العمالية الأردنية بدون أي برنامج عمل حقيقي يلبي طموحاتها ويساعد في بناء غدها ويمثلها وينوب عنها في مواجهة السياسات الحكومية التي تستهدف العمال ومن يسكنون في تلك الطبقة.
ومن الملاحظ وخلال السنوات العشر الماضيات فإن احتجاجات العمال كانت تأتي من داخل الصحن الوظيفي الحكومي، وليست من خارجه إلا فيما ندر، بينما لا نجد اي دور للنقابات العمالية في تبني قضايا العمال في القطاع الخاص ــ مثلا ــ.
لدينا حالة مشوهة تمامًا في جسم النقابات العمالية تحتاج لإعادة إصلاح وعلاج، بدلا من الإبقاء على حالة السكون المصلحي التي تهيمن على تلك الكيانات بينما يظل العمال بدون صوت يعبر عنهم أو يجمعهم سوى صوت التدجين الذي لا يليق بهم..