مقاطعون لـ"الوطني": انعقاده تساوق مع الاحتلال وصفقة القرن وقرارته غير ملزِمة
رام الله - صفا
اعتبر أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني قرروا مقاطعة دورته الحالية، أنها "لا تعدو سوى جلسة لتجديد شرعيات متآكلة، وأن أي قرارات صادرة عنه لن ترى النور على أرض الواقع".
ورغم الرفض الفصائلي والشعبي والمؤسساتي الواسع لعقد جلسة الوطني دون توافق وضمن اتفاقات الفصائل، تنطلق أعمال الدورة الـ23 للمجلس الوطني في مقر الرئاسة بمدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
وأكد أعضاء مقاطعون لدورة المجلس في أحاديث منفصلة لوكالة "صفا"، أن عقد الدورة "يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الرئيس يرفض المصالحة منذ بدايتها ويريد استبعاد جهات بعينها من أجل الاستمرار بالتفرد بالقرار السياسي".
وكان 145 عضوًا في المجلس الوطني بينهم 87 نائبًا في المجلس التشريعي وقعوا على عريضة تطالب بتأجيل انعقاده، لحين إنهاء الانقسام وتحقيق شراكة تمثل الكل الفلسطيني، إلا أن رئيسا السلطة والمجلس تجاهلا هذه المطالب.
ويبلغ عدد أعضاء الوطني 765 عضوًا وعُقدت أخر دورة للمجلس في تاريخ 27/8/2009.
"تساوق مع صفقة القرن"
وقال عضو المجلس أنيس قاسم: "إن إعاقة اجتماع المجلس خدمة وطنية لعدة أسباب، الأول أنه يُعقد في ظل الاحتلال، وهو ما سيمنح سلطة الاحتلال حق صياغة القرارات التي ستصدر عنه، ولن يسمح بإصدار قرارات تتعارض مع مصلحته"، مستشهدًا بقرارات المؤتمر السادس والسابع لحركة فتح "وانسجامها مع خط الاحتلال وعدم سماحه للأعضاء المعارضين للمفاوضات دخول الضفة".
وأضاف قاسم لوكالة "صفا"، أنه كان من المفترض أن تتم مشاورات لعقد الجلسة بين كافة الفصائل كما جرت العادة منذ عام 1969، مما يمنح القرارات الصادرة الوطنية والمشروعية، "وهذا ما تم الإخلال به".
وعن السبب الثالث لأهمية إعاقة هذه الجلسة، يقول إن اللائحة الداخلية للمجلس تنص على أنه في حال غياب عضو في المجلس فإن المجلس يقوم بانتخابه، "إلا أن ما يجري حاليًا أن شخصًا يسمي ويعين أعضاء بالمجلس وفق أهوائه".
وأشار في هذا الإطار إلى أن حديثًا يجري عن أن عضو اللجنة المركزية لفتح عزام الأحمد رشح 10 من أقاربه في هذه الدورة.
ومن وجهة نظر أنيس، فإن دورة المجلس خالية من أي مهمات وطنية فيما عدا استكمال عضوية اللجنة التنفيذية، قائلًا: "لا يوجد بيانات أو كشف لما قامت به اللجنة التنفيذية خلال الفترة السابقة، لذلك فإن المجلس معقود فقط لاستكمال عضويته، وإذا ما كان شكّي هذا بمحل فإن هذا يطعن في القيادة الفلسطينية القادمة بأنها ستتماشى مع صفقة القرن، وهناك دلائل قوية على ذلك".
ولا يظن قاسم أن المجلس سيخرج بشيء جديد، "لأنه من طبيعة الظرف المنعقد فيه لا يبشر بالخير، وأن الإصرار على عقده وعدم التجاوب مع مطالبات تأجيله تؤكد أن الشرعية التي سوف يحصل عليها زورًا هي تتساوق مع صفقة القرن".
"تجديد شرعيات متاّكلة"
من جانبه، قال عضو المجلس والنائب المستقل حسن خريشة: "إن عقد دورة المجلس بهذا الإصرار والتجاهل للإجماع الوطني، يؤكد أن رئيس السلطة ورئيس المجلس يريدان فقط من عقدها تجديد شرعياتهما المتأكلة بفعل الزمن وبفعل قضايا أخرى".
وأكد أن "النصاب السياسي والأخلاقي غير متوفريْن في هذه الدورة، وأن عباس يريد من عقد الجلسة استبعاد فصائل وجهات معينة أبرزها حماس والجهاد الإسلامي".
ومن تجارب خريشة في المجالس، فإن الدورة المنعقدة للمجلس الوطني لن تخرج بقرارات جديدة، وهي مثلها مثل سابقاتها كجلسة المجلس المركزي عامي 2015 و2018 واللتيْن خرجتا بقرارات قوية وصفها "بالشِعرية" حول تحديد العلاقة مع "اسرائيل" وملف القدس وغيرها من القرارات المتكررة، التي لن ترى النور على أرض الواقع، وفق قوله.
ورأى خريشة في دعوة السلطة للوفود العربية لحضور الجلسة والقدوم بموافقة الاحتلال "شكلًا من أشكال التطبيع ومحاولة لإدخال العرب للهث وراء التطبيع حتى يتقبلوه بعد عودتهم إلى بلادهم".
ولكن خريشة يؤكد في نفس الوقت أن لدى "هذه الجهات التي تصر على عقد الوطني أهداف أخرى لا يعلمها أحد"، يقول وهو مستغربًا من الإصرار على تمرير الدورة.
وبشأن مصير ملف المصالحة بعد عقد هذه الجلسة، تهكم خريشة قائلًا: "المصالحة والحوارات لدى هذه الأطراف جزء من الماضي، وعباس دلل في شروطه الأخيرة القاسية تجاه غزة والتي لا تقبل التنفيذ، أنه لا يريد مصالحة".
ولأن "الحضور لم يكن وطنيًا بامتياز وتغيب عدد كبير من أعضاء المجلس والفصائل"، فإن خريشة يحكم على قرارات الدورة بالفشل وعدم الإلزامية لأي جهة كانت.
"قراراته لن تمثل الكل"
أما عضو المجلس الوطني عن فتح رجائي بركة، فأكد أن حضور هذه الدورة للمجلس في ظل حالة الانقسام الحالي المستمرة وفي ظل استمرار العقوبات المفروضة على غزة، فإن لا قيمة له.
وتساءل في حديثه لوكالة "صفا": "ما هي القضايا الأهم التي سيبحثها المجلس في ظل عقوبات مشددة مفروضة على قطاع غزة، وما هي القضايا الأولى من أن ننظر أولًا لمعاناة الناس في القطاع وأن ننهي حالة الانقسام الحاصلة".
وشدد على أن "أي قرارات ستخرج من الدورة المنعقدة حاليًا فإنها لن تمثل الكل الفلسطيني، ولن تكون محل اهتمام لأي جهة، لأن التوافق عليها كان واجبًا أولًا وأخيرًا".