حسين الجغبير يكتب : فلك الاستثمار المظلم.. إلى أين يا حكومة؟
غريب قرار الحكومة قبل يومين بشأن التسهيلات الجديدة لمنح المستمثرين الجنسية الأردنية مقابل مبالغ مالية بلغت مليوناً تضع في البنك المركزي. لا أعرف كيف يفكر مجلس الوزراء أو من هو صاحب هذه الفكرة العظيمة التي خرجوا بها علينا؟!
قد يقول قائل أنها خطوة بالاتجاه الصحيح، وقد نتفق معه في جانب معين من هذا الرأي، حيث رغم أنها فكرة قد تبدو غير عملية، لكنها حتماً لا تكفي لتشجيع المستثمرين للقدوم للأردن وترك دول تقدم امتيازات وتسهيلات تفوق ذلك بكثير
في دول الجوار كتركيا والامارات على سبيل المثال، فالتسهيلات لا تعد أو تحصى، وجميعها حقاً تعتبر جاذبة مثالية للاستثمار، حيث الإقامة وسرعة الإجراءات، وأتمتتة كل شيء، وعدم تحكم موظفين بيروقراطيين في القرار، ناهيك عن تشريعات حقيقية.
لا نعلم لماذا هناك ولادة عسيرة لقانون استمثار حضاري، ومنطقي، وواقعي، ويعتبر حافز لأي مستثمر يفكر بنقل مشاريعه للأردن، أو تأسيس مشاريع خاصة؟ هل هناك من هو مستفيد من هذا البطء في سن تشريعات جديدة؟! للأسف لا إجابة تشفي الصدور حتى يومنا هذا رغم الآلاف من الدعوات بضرورة تطوير منظومتنا الاستثمارية.
الغريب في الأمر أن هذه المعضلة تستمر، وهي عابرة للحكومات التي جميعها فشلت في تجاوز هذا الملف وهزيمته، إذ يبدو أن هناك سداً منيعاً أقوى من الحكومات يقف في طريق إيجاد تشريعات خاصة تكوّن قانون استثمار يكون أقوى من الضرائب وارتفاع أسعار الطاقة، والبيروقراطية، ومزاجية المسؤول والموظف.
ليس من الصعب في مكان الوقوف على تجارب الدول المحيطة بنا، وتطبيقها في الأردن، أو تطويرها لتكون منافسة وجذابة ، فهذه التجارب ليست من أسرار الدول الأمنية، ولا تحتاج إلى عبقرية في استنساخها، فالأمر لا يتعدى سوى إرادة وقدرة على التنفيذ. جلالة الملك وفي أكثر من مناسبة أكد على ضرورة إنهاء هذا الملف العالق منذ سنوات.
جلالته لم يتوان عن التشديد على ضرورة إيجاد بيئة جاذبة وحاضنة للاستثمار، لكن للأسف القائمين على التنفيذ يعانون من بطء في تطبيق هذه الدعوات، أو هم غير قادرين على ذلك، لذا لا بد من لجنة ملكية لتحديث منظومة تشريعات الاستثمار تحاكي اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي تُعنى بقانوني الأحزاب والانتخاب.
لِما لا، ما دامت الحكومات كافة غير قادرة على تأدية واجبها بهذا الاتجاه ولا بد وأن تتشكل لجنة من خبراء ومعنين في القطاع الصناعي والتجاري والسياحي، والعاملين في الميدان، ممن يقومون بوضع تصورات ومقترحات ترفع للحكومة باتجاه السير في الأبعاد الدستورية لها.
الارتكان على الحكومات لم ولن يحقق شيء، وأن نخرج بمثل هذه القرارات الخاصة في منح الجنسية بهذا الشكل لن يكون دافعاً لأي مستمثر ليحط ركابه في الأردن، فهو يبحث أيضاً عن حلول لارتفاع أسعار الطاقة والكلف التشغيلية، واعفائهم من جزء من الضريبة، بغير ذلك سنبقى ندور في فلك مظلم.