"دبلوماسيّة السَرطان" الصينيِّة الأمريكيةَّ تَتَّسِعُ..

يلينا نيدوغينا
 أنا أذكر كيف أن "دبلوماسيّة بينغ بونغ" - كرة الطاولة - الشهيرة، لعبت قبل عشرات السنين دورًا مفصليًا في تبريد حرارة العلاقات الصينية – الأمريكية، التي كانت في أعلى درجات التوتر. هذه الدبلوماسيّة صارت شعارًا شهيرًا وفعَّالًا في عَالم الأمس لتطبيع العلاقات بين هاتين الدولتين، والأمر كذلك لغيرهما من دولِ العَالم.
 واليوم، ها هي "دبلوماسيّة بينغ بونغ" تعود إلى يوميات البيت الأبيض، لكن بنسخة جديدة اسمها "دبلوماسيّة السرطان" التي تحدث عنها في ال30 من آب الماضي 2021، رئيس الوزراء الأُسترالي السابق، "كيفين رود"، مُشيرًا إلى أن الجهود المشتركة التي تبذلها الصين والولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة السرطان، قد تفتح الباب أمام عصر جديد من "دبلوماسيّة كرة الطاولة"، وفقًا لِمَا ذكرته مجلة "فوربس".
 "شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية" في الجزائر، نقلت عن وكالة الأنباء الصينية "شينخوا"، عن "رود" قوله في قمَّة عالمية للرعاية الصحية على الإنترنت، نظَّمتها مجلة "فوربس – تشاينا"، إنه "بالنظر إلى كل ما يَحدث بشكل خاطئ في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، يجب علينا تحويل التعاون في مجال السرطان بيننا إلى "دبلوماسيّة كرة طاولة" في القرن الحادي والعشرين". وذكر أنه إذا كان تبادل لاعبي كرة الطاولة بين البلدين قد أدّى إلى ذوبان جليد تاريخي في العلاقات الثنائية في السبعينيات من القرن الماضي، فعندئذ "يُمكننا فِعل شيء مُمَاثِل الآن". وأكد "رود" حقيقة أن مكافحة السرطان "تتخطى الانقسامات السياسية والأيديولوجية في دُنيا الناس"، مِمَّا يَجعل التعاون بين الدولتين أكثر مَدعاة للتفاؤل.
 أؤيِّد رئيس الوزراء الأُسترالي السابق، السيد "رود"، عندما يتحدث بهذه الطريقة اللافتة للأنظار والآذان والأعين، فهو إذ يَستحضر هذا المِثال الذي نسيه الناس والشعوب وقادة الدول والأحزاب ومنظمة الأمم المتحدة، يُعيده "رود" إلى أذهانهم بقوة، لأجل أن يعمل الجميع من جديد على أجندة السلام العَالمي بين الحكومات وأنظمتها الإجتماعية المختلفة، ولأجل الاتفاق على المُشتركات الأهم في دعم الكينونة الإنسانية، ولإنهاض أوضاع مختلف الشرائح الإجتماعية التي تُعاني من الفاقةِ والانهيارِ في شتى زوايا المَعمورة دون استثناء، لنقلها بالسرعة المُمكِنة إلى مستوى لائق في مسيرة الحياة، بعيدًا عن التقسيم الطبقي الشنيع الذي يَشهده عالم رأس المَال اليوم. 
 لكن الأهم في المُهمَّة العَالمية الأنيّة التي تحدث عنها رئيس الوزراء الأُسترالي السابق، "رود"، التي هي مكافحة السرطان، قد نشهد، ونأمل ذلك جدًا، تقاربًا وتَكاتفًا وتَعاضدًا من جانب مختلف القيادات المَعنية بمكافحة السرطان كرجل واحد، تمامًا كما هي مكافحة الجائحة الحالية لِ كوفيد/19، للتمكّن من القضاء عليها وعلى وغيرها من الأمراض والأوبئة الخطيرة، ولتعبيد الطُرق صَغيرها وكبَيرها، لتَبَنِّي ورعاية صِيغة عالمية واحدة، تُمَهِّد لبلوغ هذا التعاون مَبلغَه اللازم والكامل، ذلك أن "دبلوماسيّة السَرطان" قد تكون مناسِبة لتغيير العلاقات الدولية، ولتطويرها نحو الأفضل لتوفير الأمان الصِحي للإنسان وكيانه الإنساني، من خلال جَمع العواصم وزُعمائها ومُمَثّلِيها وشتى مؤَسَّسَاتها لتحقيق النصر على عدو واحد خطير، ألا وهو السَرطان الذي ما زال يُهدِّد حياة عشرات إن لم يكن مئات ملايين البشر. وبالتالي، يَحق لنا أن نَعْتبر السَرطان "القنبلة النووية المُعَاصِرة"، لأنه قادر على تدمير حياة أعداد ضخمة من البشر بكل هدوء ودون ضجيج، ولا تُهدِّده ولا تقمعه لا تظاهرات شعبية، ولا خرائط لعمليات عسكرية، ولا شيء غير الاتفاق الأُممي الحقيقي لتجفيف منابعه، دون الإضرار الفيزيائي بالإنسان ومكانته البشرية والروحية والماديّة، وهذا وحده سيسمح لازدهار "دبلوماسيّة السرطان" على نطاق المَعمورة بأكملها. 
 دَعونا نؤيّد هذه الدبلوماسيّة، ونَشحنها بالمُسَاندة والدَّعم والتأييد.
*كاتِبة وإعلاميّة أردنيّة / روسيّة.