اللجنة الملكية آخر خيار للإصلاح السياسي،،

بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة.
أما وقد ساد التشاؤم والإحباط معظم قطاعات الشعب الأردني على أثر تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وسيطرت الردود السلبية كافة المواقع الإخبارية والتواصل المجتمعي، معبرة عن سخطها وغضبها واحتجاجها على معظم أعضاء اللجنة التي ضمتها، وساد نوع من عدم التفاؤل بمخرجات هذه اللجنة، وذلك بسبب الغموض الذي رافق تشكيل اللجنة، وغياب الوضوح والأسس لاختيار أعضائها، واستثناء العديد من الأطياف السياسية والمجتمعية وبعض رموز المعارضة السياسية والحزبية والذين لهم باع طويل في العمل السياسي والحزبي، حيث أن 40٪ فقط من أعضاء هذه اللجنة يمثلون رضى الشعب الأردني عن مشاركتهم، ولديهم خبرة ورؤى تشريعية وسياسية لإفراز تشريعات وقوانين ونظام انتخابي يلبي طموح الشعب الأردني، للوصول إلى منظومة تشريعية للحقوق السياسية تحقق الهدف المنشود وتفضي إلى إفراز مجلس نيابي قوي يكون انعكاسا لوعي الشارع الأردني السياسي وطموحه في مجلس نواب يحقق رغبات ومطالب الناخبين في الدفاع عن حقوقهم، ويكون رقيبا حياديا ومستقلا على أداء السلطة التنفيذية، وليس شريكا معها في تبادل المصالح والمنافع، أما الأعضاء الآخرين والذين تصل نسبتهم إلى 60٪ من عدد أعضاء اللجنة فإنهم مع احترامي الشخصي لهم فإنهم من المحافظين الذين يمثلون أنفسهم والجهة التي اختارتهم ولا يمثلون القاعدة الشعبية، وليس لديهم أي خبرة أو توجهات سياسية، وربما سيكونوا من قوى الشد العكسي للإصلاح داخل اللجنة.
وبناء على ما سبق فإن كل ما ورد أعلاه من مؤشرات سلبية يشكل تحديا قويا أمام اللجنة في التوافق على إصلاحات حقيقية تعكس نبض الشارع وتلبي مطالبه، لتثبت سوء الظن الناس بهم، وأن معارضتهم ونقدهم لأعضاء اللجنة لم يكن في محله، وأنهم على قدر المسؤولية الوطنية التي أوكلت لهم، ومحل ثقة الملك الذي وضع ثقته بهم، وذلك من أجل الخروج بالوطن من الأزمات التي تلاحقه، وإسكات أصوات المعارصة سواء الداخلية أو الخارجية، وإفراغ الشارع من الحراكات الشعبية التي تطالب بإصلاحات سياسية تتوافق مع أمنياته، لأن الأردن لم يعد يملك ترف الوقت للتجارب التشريعية، والحنث بالوعود التي قطعها على نفسه، والآن أمام الدولة الأردنية بكل مؤسساتها وسلطاتها الدستورية فرصة ذهبية لاستعادة ثقة الشارع الأردني بها والتي خسرتها خلال العقدين السابقين، فالفشل لا سمح الله يعني الدخول في الحيط والذهاب بالوطن للمجهول، وسيشكل ذلك خطرا على أمن واستقرار الأردن، ولكن ما زال لدينا بصيص أمل وضوء في نهاية النفق للدخول إلى المئويه الثانية من عمر الدولة الأردنية بنهضة سياسية تقوي من تماسك وتعاضد اللحمة المجتمعية، وتعزز الثقة بالمؤسسات الدستورية، وما يحفزنا على الأمل والتفاؤل التعهد السامي لجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه بأنه الضامن لمخرجات هذه اللجنة، لكي ترى النور وتطبق وتنفذ على أرض الواقع بعد اجتيازها لكافة المراحل الدستورية دون تعديل أو تحريف سلبي عليها، أو إفراغها من مضمونها من قبل الحكومة، والملك جاد في الالتزام بهذه الضمانات. لأن جلالة الملك يعي مخاطر فشل عمل اللجنة، وفشل الخروج بتوصيات لا ترضي الشارع الأردني، وتستوعب غضبه، نسأل الله النجاح والتوفيق لعمل اللجنة لأن نجاحها سيغفر لها سلبيات تشكيلها، وسيصفق لها الشعب الأردني ويدعم توصياتها وستكون حافزا للناخبين للذهاب بكثافة إلى صناديق الإقتراع والإقبال على الإنخراط في العمل الخزبي دون خوف أو وجل، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.