د. رلى الفرا الحروب تكتب:-رؤية حزب أردن أقوى للإصلاح السياسي الذي يحقق رؤية الملك وطموحات الشعب وازدهار الدولة

دولة رئيس مجلس الأعيان الموقر،

تحية طيبة وبعد،

 

نشكركم لاستضافة هذا الحوار الوطني وكلنا أمل في أن نتوصل معا إلى ما يحقق رؤية ملكنا وطموحات شعبنا وأمن واستقرار وطننا ورخائه.

 

لقد وضح جلالة الملك بما لا يدع مجالا للشك رؤيته لكيفية الوصول إلى الإصلاح السياسي المنشود وتشكيل الحكومات البرلمانية كهدف للتحول الديمقراطي، وذلك في أوراقه النقاشية من الأولى إلى الخامسة، لا سيما الورقة الثانية، التي وضحت الشروط التي يرى الملك وجوب توافرها في المشهد الاردني للانتقال إلى حالة الحكومات البرلمانية، وهذه الشروط تتلخص في وجود أحزاب قوية ببرامج واضحة تحاكي اولويات الوطن والمواطنين وتقدم مرشحين أكفياء يصلون إلى البرلمان ويشكلون حكومة اكثرية تواجهها أقلية معارضة تحاسب وتسائل لضمان عدم احتكار السلطة أو هيمنتها أو انحرافها.

إن الشارع الاردني ومنذ أكثر من عشر سنوات يطالب بالتحول إلى هذه الحالة المنشودة التي تستعيد فيها الامة صلاحياتها وسلطاتها وتكون بحق مصدرا للسلطات، ومطالب الحراكات الشعبية منذ ظهورها في منتصف 2010 كانت دائما تضع مطلب الحكومة المنتخبة على قائمة أولوياتها، بالإضافة الى تعديلات دستورية ومحاسبة للفاسدين.

كيف يمكننا الوصول إلى الحالة المنشودة التي تحقق رضا الشعب وتنقلنا إلى وضع الدول الديمقراطية المدنية المتحضرة التي تسهم في تطور الحضارة ولا تقبع عالة عليها؟

أولا: قانون الانتخاب

1.   إلغاء جميع الدوائر المحلية، وتحويل الاردن إلى دائرة انتخابية واحدة تتنافس على مقاعدها قوائم وطنية نسبية ( مغلقة أو مفتوحة) مع وجود عتبة  2.5%، وذلك لاستبعاد غير الجادين وتشجيع الاحزاب الصغيرة لتشكيل ائتلافات حزبية، وتشجيع الحراكات الشعبية المبعثرة على تنظيم نفسها والعمل ضمن منظومة سياسية مفيدة ومنتجة لا فوضوية، وإفساح المجال لظهور قوى منظمة جديدة تصل إلى البرلمان.

2.   ادماج جميع الكوتات المسيحية والشركسية والشيشانية في هذه القوائم ضمن شروط تشكيل القائمة.

3.   ثلث القوائم يجب أن يكون من النساء انسجاما مع التزامات الاردن الدولية ومع الاستراتيجية الوطنية للمرأة، مع نص صريح على وجود امرأة واحدة بين أول اسمين في القائمة ( في حال كانت القائمة مغلقة)، ثم اتباع التبادلية بين النساء والرجال في الترتيب داخل القائمة ما أمكن.

4.   يمكن اضافة شروط اضافية في تشكيل القائمة بما يضمن وجود تمثيل لجميع المحافظات فيها.

5.   في حال كانت القوائم نسبية مفتوحة ( أي التصويت للافراد داخل القائمة وليس للقائمة فحسب، يجب منح الناخبين عشرة أصوات داخل القائمة)، ولكن يفضل أن تكون القوائم مغلقة لتشجيع التوجه التصويتي نحو اختيار البرنامج وليس اختيار الفرد، وبذلك نحقق نقلة نوعية في نمط التصويت في الاردن وهو ما سينعكس ايجابا على جوانب معيشية وسياسية أخرى غير مرئية لا مجال للخوض فيها هنا ويمكننا شرحها إن شئتم.

6.   تعطى الكتل الفائزة مساحة زمنية لا تقل عن شهر قبل انعقاد الدورة البرلمانية للحوار سويا والتفاوض وصولا إلى الاتفاق على التنسيب لجلالة الملك بخمسة أسماء مقترحة لشخصيات قادرة على حمل أمانة مسؤولية رئيس الحكومة البرلمانية المنشودة، مقترحين أسماء الوزراء المؤهلين لتولي الحقائب الوزارية المختلفة ( حكومة برلمانية ) سواء ضمت كفاءات من داخل البرلمان ام خارجه أم كانت خليطا من الاثنين، تتفق عليها كتلة الاكثرية او تحالف الاكثرية.

7.   يكلف جلالة الملك الرئيس الذي توافقت عليه الاكثرية البرلمانية، والذي يمنح فرصة للتشاور مجددا مع البرلمان لاختيار فريقه الوزاري سواء من الترشيحات السابقة أو عبر ترشيحات جديدة.

8.   يشكل الرئيس حكومته بعد التشاور مع البرلمان، ويتقدم لنيل ثقة البرلمان حسب الاصول الدستورية.

9.   تستمر الاقلية البرلمانية المعارضة في القيام بواجباتها في مراقبة الحكومة ومحاسبتها، وتعطى كل الإمكانيات اللازمة للقيام بهذه المهمات عبر تغييرات جذرية في النظام الداخلي لمجلس النواب، بحيث تنص على حق المعارضة في رئاسة اللجان البرلمانية ذات الأهمية كاللجنة القانونية واللجنة المالية ولجنة الطاقة ولجنة التربية، وتمكين الكتل البرلمانية لتلعب دور اللجان البرلمانية الدائمة من حيث صلاحيات الاجتماع بالوزراء والمسؤولين والاطلاع على المعلومات اللازمة للقيام بواجباتهم. بالاضافة الى تعديلات اخرى كثيرة لا بد من ادخالها لا مجال لذكرها هنا ولكننا على استعداد لشرحها بالتفصيل.

10.                  يلحق ديوان المحاسبة بمجلس الأمة وليس بمجلس الوزراء ( يتطلب تعديلا قانونيا)، بحيث يكون ذراعا رقابيا علميا له، وبحيث يتم اختيار رئيسه من قبل ترشيحات الكتل البرلمانية واتفاقها. وتصبح موازنته جزءا من موازنة مجلس الأمة ويحافظ على استقلاله المالي والاداري ويمنح صلاحيات موسعة للقيام بدوره بتعاون كل السلطات.

 

ثانيا: قانون الاحزاب

يلغى القانون الحالي وجميع النظم والتعليمات الصادرة بموجبه، ويدرس قانون الاحزاب الذي كان معمولا به في الخمسينات من القرن الماضي، بحيث يتاح لكل عشرة افراد تشكيل حزب سياسي، ويكون الحزب ملزما بالتسجيل فقط لدى وزارة الشؤون السياسية وليس الترخيص، ولا تتدخل الوزارة في اعمال الحزب نهائيا طالما أن غاياته دستورية ووسائله مشروعة.

ولكن لا يحصل أي حزب على أي تمويل من الخزينة العامة للدولة إلا عند دخوله البرلمان، حيث يقوم تمويله في هذه الحالة على معيارين:

أولا: عدد الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات، بحيث يخصص لكل صوت مبلغ دينارين ونصف .

ثانيا: عدد النواب الذين نجحوا باسم الحزب، بحيث يستحق الحزب عن كل نائب نجح  مبلغ خمسة آلاف دينار شهريا، ويحصل الحزب الذي تمكن من تشكيل كتلة برلمانية على مبلغ إضافي هو عشرة الاف دينار شهريا، بحيث تصبح لدى الحزب الجاد الذي نجح في حصد ثقة الجماهير موازنة مالية قادرة على تنفيذ رؤاه وبرامجه وتحقيق انتشاره بين الجماهير سواء عبر الاتصال المباشر أو عبر الدعاية في وسائل الإعلام ( الاتصال غير المباشر)، والاستعانة بالخبرات العلمية من اكاديميين وغيرهم لعمل الدراسات الجادة لتقديم حلول واقعية وعلمية لمشاكل الوطن.

ثالثا: توضع آلية تسمح للحزب بجمع التبرعات من المواطنين عبر الشبكة العنكبوتية وعبر آليات التواصل المباشرمع الجماهير، ينص عليها في قانون الاحزاب الذي يقره البرلمان.

رابعا: تراقب وزارة الشؤون السياسية وديوان المحاسبة على آليات صرف الحزب لأمواله التي يحصل عليها من الخزينة العامة و من تبرعات المواطنين، مع وجود محاسب مالي مرخص يعتمد موازنات الحزب السنوية.

 

ثالثا: الجامعات

يقترح الحزب تعديل أنظمة الجامعات وأدلة الطلبة فيها بحيث تزال كل الموانع أمام العمل الحزبي، وبحيث تصدر توجيهات واضحة للسماح للاحزاب بالعمل في الجامعات عبر الندوات والمؤتمرات والنشاطات الجامعية الطلابية لاستقطابهم نحو المشاركة الفاعلة في خدمة الوطن وتحقيق قيم المواطنة الفعالة عبر الانضمام إلى الاحزاب وتطوير البرامج التي تسهم في وضع حلول للاولويات الوطنية والمساهمة في الحملات التطوعية للاحزاب ونشر الافكار الحزبية البرامجية الوطنية، وهو ما سيسهم ليس فقط في رفع مستويات الوعي السياسي لدى الشباب من الجنسين، وإنما سيقضي تماما على العنف الجامعي وعلى جميع المظاهر السلبية التي نشهدها في الجامعات، وسيتيح للشباب الانخراط في العمل السياسي في سن مبكر تؤهلهم للوصول الى كل المجالس المنتخبة في مرحلة لاحقة.

 

رابعا: الإعلام

1.   تبني مدونة سلوك أو ميثاق إعلامي ملزم بالنسبة لوسائل الإعلام التي تمولها الخزينة العامة أو مؤسسة الضمان الاجتماعي أو أي مؤسسة عامة أخرى، بحيث يتم تخصيص مساحات للأحزاب وممثليها للتعبير عن برامجهم والمساهمة في النقاشات العامة في كل القضايا، وهو ما يرسخ الممارسة الديمقراطية الساعية إلى تكريس الفكر البرامجي والانتخاب بناء على الطروحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وليس بناء على القرابة أو المال او المنفعة المباشرة التي يعد بها النائبون ناخبيهم، والتي قتلت العمل البرلماني طيلة ثلاثين عاما من الزمان.

2.   تخصيص صندوق في وزارة الشؤون السياسية لدعم وسائل الإعلام الخاصة والمجتمعية التي تتبنى مثل هذه البرامج الاذاعية والتلفزيونية والمساحات الالكترونية للمساعدة في وصول افكار الاحزاب جميعها بعدالة ودون انحياز.

 

خامسا: المجتمع المدني

تعديل قانون الجمعيات لإتاحة الفرصة للجمعيات ذات الطابع الثقافي والسياسي والحقوقي والنسوي بالانخراط في العمل السياسي واستضافة الاحزاب وتنسيق العمل معها ودعم المرشحات من النساء في الانتخابات وغير ذلك من أهداف تساعد في تنمية الحياة الحزبية( ولكن ليس الجمعيات الخيرية، التي يفضل أن تبقى على الحياد سياسيا كي لا يتم توظيف عنصر المال في خيارات المواطنين الانتخابية).

 

سادسا: برلمان الشباب

ينشأ ذراع شبابي للبرلمان القادم تجرى الانتخابات على أساسه على مستوى الوطن بنفس النظام الانتخابي الذي انتخب بموجبه البرلمان 20 ويكون التنافس فيه بين مرشحين من عمر 18- 29، ويمارس جميع المهام التي يمارسها البرلمان العادي ولكن دون صلاحية سحب الثقة من الحكومة أو إقرار القوانين، وما عدا ذلك فإنه يتمتع بكل السلطات والصلاحيات التي نص عليها الدستور لمجلس النواب من امكانية اقتراح مشاريع القوانين واحالتها إلى البرلمان الأم أو الحكومة، ومساءلة الوزراء والمسؤولين ومحاسبتهم عن ادارة شؤون الدولة، وعقد جلسات مناقشة عامة للقضايا التي تهم الشباب والاطفال في الوطن. وعندنا تصور كامل للآلية التي سيتم بها انتخاب هذا البرلمان وطريقة عمله، يمكننا تزويدكم بها.

 

وأخيرا:

فإن المهم أن تتبنى الدولة بمطبخ قرارها العميق رؤية جلالة الملك وتستجيب لطموحات الشعب ونداءاته من أجل إنجاز التحول الديمقراطي الذي نستحقه ويستحقه وطننا الغالي، فالأردنيون من أكثر شعوب المنطقة علما وثقافة وانتماء لوطنهم وأمتهم، ويستحقون حكومات وبرلمانات افضل من التي حصلوا عليها في السنوات الأخيرة والتي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم. ولكي يكون هذا التبني ملزما، يجب أن يترجم في استراتيجية مكتوبة تصدر عن رئيس الحكومة بمصادقة جلالة الملك تحمل طابع الالزام لجميع المؤسسات والجهات الخاضعة لسلطتها.

 

واقبلوا فائق الاحترام،

 

الأمين العام

د. رلى الفرا الحروب

6