حرب تفكيك المجتمعات ... !!!

المهندس هاشم نايل المجالي

هناك فرق كبير بالمعنى والمضمون بين حب الوطن وخدمة مصالح العدو ، فمن المفترض انهما لا يجتمعان في انسان واحد ، ولكن هذا قد يحدث عندما ينزلق المواطن دون ان يدري في خدمة مصالح العدو وقد يكون هناك من يدفعنا الى ذلك بصورة مباشرة او غير مباشرة ، انه الجيل الجديد من الحروب التي تستهدف العقول لا الارض تستهدف تغيير المفاهيم وخلق التوتر والانفعال وتوجيه السلوك الى السلوك الانفعالي غير المنضبط بشتى انواعه .

وتتخذ الحروب اشكالاً عديدة ومتنوعة عسكرية وغيرها ، حيث ظهر بالاونة الاخيرة جيل جديد من هذه الحروب يتم فيها احتلال عقلك لا احتلال ارضك ، حيث بعد ان يتم احتلال عقلك ستقوم انت بعمل ما لا يستطيع عدوك ان يعمله في مجتمعك ووطنك ، ستجد نفسك في ميدان معركة لا تعرف فيه خصمك الحقيقي حيث انك سوف تطلق النار بكل الاتجاهات باستثناء عدوك الحقيقي اي انك ستعادي وستواجه كل ما بنيته في وطنك من ولاء وانتماء وصداقة ومودة ومحبة ، لانك ستجد نفسك شخصاً اخراكثر عدوانية واكثر عنفاً انها حرب تستهدفك انت في قتل ذاتك وقتل روحك ، اي انك ستجد نفسك تقاتل بالوكالة عن عدوك اقرب الناس اليك ستقاتل في ارض ومجتمع لم يستطع العدو الوصول اليه ولم يدخله سابقاً ، انها حرب تفكيك المجتمعات المبرمجة من خلال وسائل التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي والاعلامي بانواعها ، والتي تبرمج الافلام واللقاءات بكل تقنية وتزيين وتزييف الحقائق والمعلومات .

وتستنبط الاخبار من هنا وهناك لاثارة الفتنة والقلاقل تستغل كل ثغرة تنفذ منها الى عقلك وفكرك لتزرع فيروساتها فيه بكل اقتدار ، خاصة اذا كانت تتحكم خارجياً باشكال الدعم والمنح المقدمة لوطنك من الدول المانحة حيث ان لديها تنظيمات مدربة مؤهلة على كافة هذه المواقع وعلى الفضائيات صاحبة ادوار ممنهجة تعمل على تسميم الافكار وشحن النفوس باتجاه الوطن الداخلي ، للاخلال بالامن والاستقرار لترهق الاجهزة الامنية داخلياً وتستنزف امكانياتها ، فمثلاً كان لهذه التقنيات تأثير بشباب من الصين وشكلوا تنظيم حاملي السكاكين وارتكبوا مجزرة حقيقية قتل فيها 30 شخصاً في محطة للقطارات جنوب غرب الصين ، كذلك الامر في عدة دول عربية مثل جمهورية مصر حيث يتم توجيه العديد من الشباب لارتكاب تفجيرات وجرائم قتل وعنف مجتمعي واثارة الفتن مع الاقباط وغيرهم ، وكذلك العديد من الدول العربية في لبنان والعراق وسوريا وليبيا .

انها صناعة الحروب الداخلية سواء كانت اجتماعية او اقتصادية او سياسية او ثقافية لاي دولة يتم استهدافها من اجل تفكيكها داخلياً ، حيث تصبح هناك تكتلات تتصارع فيما بينها اي يتم التفكيك الساخن المبرمج لصناعة العنف المجتمعي باشكاله المتعددة وحتى السطو المسلح والبلطجة وحرب تجار المخدرات لتصبح حرب اشباح تستنزف قدرات وطاقات الدولة الامنية والاقتصادية والمجتمعية ، فهي تعمل على انضاج تجارب الحراكات والمظاهرات العنفية لفظية وعملية وتغذيها بالمعلومات والوسائل ، لتشتت تركيز الدولة عن الامور الرئيسية والاساسية لكثير من القضايا ، فضغوطات البنك الدولي على الحكومات لاجراء سلسلة من الاجراءات والقرارات المجحفة بحق شعبها كذلك تقوم باعطاء الاوامر لدول مانحة لحجب تلك المنح لتزيد من الضغوط على الدولة في شتى الميادين .

كل هذا التكالب من اجل صناعة حرب داخلية من نفس ابناء الوطن ، لتتحول الحراكات والمظاهرات من النمط السلمي الى النمط العنفي ، من اجل ان تملي عليها قراراتها واخضاع الدولة لما تريد ان يكون في صالح عدوها ، وهذه حرب نفسية تعمل على صناعة اليأس والتوتر الداخلي للمواطنين وتعيق حركة السياحة والاستثمار وغيرها ، وهنا يقع العاتق الأكبر على الدولة والمنظمات الاهلية في صناعة استراتيجية معاكسه من توعية وارشاد ولقاءات مباشرة مع