مؤتمرون: الأردن تميّز بالتلاحم التاريخي بين المسلمين والمسيحيين

مؤتمرون: الأردن تميّز بالتلاحم التاريخي بين المسلمين والمسيحيين

 

 

عمان – بترا

قال مؤتمرون خلال الجلسات الأخيرة لمؤتمر "الأمن المجتمعي وأثره في وحدة الأمة"، إن الأردن تميّز بالتلاحم التاريخي بين المسلمين والمسيحيين، فضلا عن أنه مع التعددية وتعامل معها بكل حكمة، كما أن جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حرص منذ أن تسلم سلطاته الدستورية على إرساء رؤية واضحة للإصلاح الشامل ومستقبل الديمقراطية في الأردن.

 

وأكدوا خلال أوراقهم النقاشية التي قدموها في جلسات المؤتمر امس الخميس، أن تجربة الأردن من التجارب الناجحة في تحقيق الأمن المجتمعي ومكافحة التطرف، وأن جلالته الملك أطلق عددا من الأوراق النقاشية سعى من خلالها إلى حوار وطني هادف حول مسيرة الإصلاح وعملية التحول الديمقراطي التي يعيشها الأردنيون، ولبناء مجتمع تسوده قيم العدالة والمساواة وصون كرامة الإنسان وحماية الحريات العامة للإنسان في مناخ من التفاهم والتسامح والتعاون.

 

وقال رئيس الجلسة الثالثة للمؤتمر والأولى اليوم، أمين عام اللجنة الوطنية للحوار المسيحية الاسلامية في لبنان الدكتور محمد السماك إن جلالة الملك عبدالله الثاني استطاع إيجاد وحدة في المجتمع بين مسلمين ومسيحين، وحدة متماسكة ونموذجية، وأصدر مبادرات اسلامية مسيحية، مبينا أن تجربة الاردن من التجارب الناجحة في تحقيق الامن المجتمعي ومكافحة التطرف.

 

وأضاف أن الأردن يتميز بتعامله مع التعددية، بمعاملته مع الجميع كمواطنين متساوين في المهام والواجبات، لافتا الى ان المشكلة تزداد تعقيدا مع الوقت ان لم نفهمها أو نعرفها، ومجتمعاتنا متعددة وادارة التعدد لم تدار بشكل صحيح، والغرب يدرسون مشاكلنا ويستفيدون منها بعمل استراتيجيات لمشاريعهم.

 

وأوضح رئيس اتحاد علماء الدين الاسلامي في كوردستان العراق الدكتور عبد الله ويسي: "لا يخفى على أحد أنه يوجد دور لمؤسسات دينية في مكافحة الارهاب والتطرف عملت بشكل صحيح، واقدمت كل مؤسسة على مواجهة التطرف، خاصة التي تتمتع بمكانة عالية كالمؤسسات الاردنية والسعودية والمغربية وغيرها، واستطاعت خرس الوسطية والاعتدال، وتوحيد خطبة الجمعة من خلال وضع عناوين لها والخطيب يثبت صحة العناوين من خلال الاشارة للقرآن الكريم والحديث الشريف".

 

وأكد مدير عام وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الزميل الدكتور محمد العمري أن جلالة الملك عبدالله الثاني حرص منذ أن تسلم سلطاته الدستورية على إرساء رؤية واضحة للإصلاح الشامل ومستقبل الديمقراطية في الأردن، بهدف تعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الممارسة البناء حول عملية الإصلاح وبناء التوافق المجتمعيّ القائم على التشاركية والرأي والرأي الآخر.

 

وقال العمري ان جلالة الملك أطلق عددا من الأوراق النقاشية سعى من خلالها إلى حوار وطني هادف حول مسيرة الإصلاح وعملية التحول الديموقراطي التي يعيشها الأردنيون، حيث جاءت الورقة السادسة منها لتعزيز سيادة القانون المعبِّر الحقيقي عن حبنا لوطننا الذي نعتز به.

 

وأكد العمري حرص الأردن على عودة الحياة الديمقراطية عام 1989 وإجراء انتخابات برلمانية أدت إلى إشراك المواطنين في صنع القرار عبر اختيار من يمثلهم في مجلس الأمة، حيث أن الانتخابات كانت قد ارجئت بسبب الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وتعذر إجرائها في تلك الفترة.

 

وتابع: لبناء مجتمع تسوده قيم العدالة والمساواة وصون كرامة الإنسان وحماية الحريات العامة للإنسان في مناخ من التفاهم والتسامح والتعاون وفي إطار سيادة القانون، تأسس في الأردن المركز الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة وطنية ذات نفع عام تعمل على متابعة قضايا المواطنين وتعمل على تبنيها وإيجاد الحلول الناجعة لها.

 

وزاد أعقب ذلك اطلاق الحكومة الأردنية بتوجيهات ملكية للخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان، لتفعيل منظومة حقوق الانسان، حيث ركزت في مضامينها على محاور الحقوق المدنية والاقتصادية والسياسية ومحور الفئات الاكثر تعرضا للانتهاك في المجتمع (الاطفال والاشخاص ذوي الاعاقة).

وأوضح العمري أن الأردن تقبل ما اطلق عليه الربيع العربي وتبنـّاه منذ بداياته، حيث شهد الأردن عملية إصلاح سياسي غير مسبوقة وتعديلات واسعة النطاق شملت أكثر ثلث الدستور، كما تم استحداث مؤسسات ديمقراطية جديدة مثل الهيئة المستقلة للانتخاب والمحكمة الدستورية، وإيجاد آليات رقابة أقوى، وتعزيز الفصل بين السلطات، وضمان استقلال القضاء، وعدم تغول سلطة على أخرى.

وأشار الى أن الدولة الأردنية حرصت على السماح بإنشاء منظمات المجتمع المدني التي تعنى بمختلف القطاعات السكانية، وتتولى الدفاع عن قضايا المرأة والموقوفين والمحكومين وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم من مكونات المجتمع، لضمان حصول المواطنين كافة على حقوقهم استنادا للتشريعات الناظمة لحياة الأردنيين.

ولفت العمري الى أن المملكة حرصت على الاهتمام بالنشء عن طريق توفير المدارس في مناطق المملكة كافة من غير احتساب لعدد الطلاب وتأمين وجبات الطعام في المناطق الأقل حظا، وحرصت كذلك على فتح المعاهد والجامعات في محافظات المملكة كافة، لنشر العلم والمعرفة التي من شأنها توفيّر بيئة حاضنة لتنمية العقل وتوسيع مدارك الطلاب مما يؤدي بالتالي إلى تشكيل وعي ثقافي ومعرفي عام يدرك أهمية الأمن ويحافظ على مقوماته.

وتابع: يحرص الأردن على تقديم واجبه الانساني تجاه اللاجئين على أرضه ، ويقدم لهم الخدمات والمساعدات رغم الظروف الاقتصادية التي يعيشها، ولم يكتف الأردن بذلك بل عمد على توفير المدارس وفتح ابواب المراكز الصحية والجامعات ومراكز الرعاية أمامهم ليستفيدوا منها انطلاقا من حرصه الأكيد على أن عدم توفير ذلك لهم لا يحقق الأمن المجتمعي الذي تنشده الدولة الأردنية لكل الذين يعيشون على أرضها.

وبين العمري أن هناك رسالة عمان والمبادرات التي تدعو الى التعاون المشترك، وكذلك العديد من الخطط والبرامج الاعلامية والشبابية المتعلقة بمكافحة التطرف والارهاب ونبذ خطاب الكراهية وتبني برامج للتوعية والتثقيف وكلها تنشد الوصول الى الامن المجتمعي الذي يوفر بيئة حاضنة للنماء والازدهار يعيش فيها الجميع في ظل سيادة القانون .

وأكد ان الأمن المجتمعيّ، مفهوم شامل يقوم على ركائز متعددة، تتطلب تخطيطا دقيقا بعيد النظر يتطلع معدوه ومنفذوه إلى ما وراء ذلك من تأثيرات تنعكس على واقع المجتمع بكل فئاته وترسم في مجملها الواقع للمجتمع وطبيعة العلاقات التي تسود وتحكم بالتالي سلوكيات أفراده وممارسات مكوناته.

وقال العمري ان ركائز الأمن المجتمعيّ، مترابطة ومتداخلة تدعم وتقوي بعضها، فهناك المرتكزات الفكرية والتعليمية، والثقافية والسياسية والاقتصادية، والعسكرية، التي يقوم عليها الأمن المجتمعي بشكل عام، وأن العلاقة بين هذه المرتكزات، علاقة تشاركية يعتمد كل مرتكز منها في تطبيقه وتنفيذه وتقويمه على المرتكز الآخر، وان أهم ما تحتاجه مجتمعاتنا الحاضرة، هو أن تؤسس للحوار فيما بينها، سعيا منها للوصول إلى إحلال ثقافة الحوار محل ثقافة الإقصاء التي لا تولد إلا العنف والتهميش والاستبداد.

وزاد: لو نظرنا إلى التوافقات بين أبناء المجتمع الواحد لوجدناها كثيرة وأن نقاط التلاقي كبيرة وهناك بعض الاختلافات التي تتقلص بالحوار ولا نجد إلا نسبة قليلة هي موقع اختلاف وتضاد, وهنا لا بد من التساؤل لماذا لا تلتقي المجتمعات على التوافقات المشتركة، حيث تشير عدد من الدراسات أن التوافقات بين أبناء المجتمع تشكل أكثر من 70 بالمئة، والقضايا التي تحتاج إلى نقاش تشكل 20 بالمئة فيما قضايا الخلاف وعدم التوافق لا تتعدى العشرة بالمئة ،، فلماذا يصر الكثيرون على أن يبدأوا بالقضايا الخلافية الضيقة بدلا من التوافق الواسع.

 

.