قمة بوتين وأردوغان وروحاني في أنقرة ترسم ملامح المواجهة مع واشنطن واوروبا
اعادة انتاج المحور الروسي – الايراني – التركي ...
عواصم – وكالات - جهينة نيوز :-مامون مساد العمري
اعادة قمة الرؤوساء الثلاثة بوتين وأردوغان وروحاني في أنقرة انتاج المحور الروسي – الايراني – التركي ، بعيد ازمة الدبلوماسيين الروس مع واشنطن ودول اوروبية ، واخفاق تركيا الجديد في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي ، و فرض واشنطن العقوبات على طهران ، والتأييد الاوروبي لواشنطن اتجاه قضايا نزاع مع طهران .
صحيح ان الاعلان الظاهر بان قمة الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، والإيراني حسن روحاني الثلاثية في إطار جهود التسوية السورية بعد حوالي 4 أشهر من قمّة مماثلة في مدينة سوتشي الروسية في 22 تشرين ثاني2017، الا انه سبق القمة لقاءان تمهيديان منفصلان جمعا روحاني مع كل من بوتين وأردوغان، الذين عقدا قمة ثنائية أمس الاول الثلاثاء.
وقبيل لقائه روحاني، أكد بوتين أن موسكو وطهران تعملان على حل مشاكل الساعة الأكثر تعقيدا والملحة، بما فيها الأزمة السورية.
وأضاف أن لقاءه مع نظيره الإيراني في أنقرة، يشكل فرصة لتطوير العلاقات الثنائية بين روسيا وإيران.
من جانبه، أشار روحاني إلى وجود نظرة مشتركة لدى طهران وموسكو تجاه مسائل العلاقات الثنائية والدولية، مشيدا بمستوى التعاون في المسائل الإقليمية، ولاسيما في التسوية السورية، ووصف روحاني القمة الروسية الإيرانية التركية الأولى في سوتشي، بأنها كانت "نقطة انطلاق في تسوية الأزمة السورية".
وذكّر روحاني باستضافة سوتشي الروسية مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي تكلل بالنجاح أيضا، وأضاف: "أمامنا ثلاث مهمات أساسية، هي إحلال الأمن والاستقرار، وعودة اللاجئين، وإتاحة تقرير مصير سوريا للسوريين أنفسهم"، معربا عن أمله في أن تسهم قمة اليوم في تحقيق هذه الأهداف.
في تحليل " الانباط " هذا نقرأ صراعات المحور الروسي- الايراني – التركي ، ونقف على تصريحات القمة من انقرة التي اعلن فيها ان القمة المقبلة ستكون في العاصمة الايرانية طهران
تطورات ازمة الدبلوماسيين
أعلنت وزارة الخارجية الروسية امس الأربعاء، طردها دبلوماسيا هنغاريا وآخر بلجيكيا ردا على خطوة مماثلة اتخذها البلدان تضامنا مع لندن في قضية سكريبال.
وقالت الخارجية في بيان بشأن الدبلوماسي الهنغاري: "في الرابع من نيسان، تم استدعاء السفير فوق العادة المفوض لهنغاريا لدى روسيا ينوش بالا، إلى مقر وزارة الخارجية الروسية".
وأضافت: "سلمت له مذكرة احتجاج ردا على خطوة مماثلة اتخذتها هنغاريا بطرد دبلوماسيين روسيين، على أساس ادعاءات غير مثبتة من قبل لندن في قضية سكريبال، وأبلغته أن أحد الدبلوماسيين الهنغاريين، شخصية غير مرغوب فيها"
فيما نقلت وكالة "فرانس برس" عن ممثل الدائرة الدبلوماسية في بلجيكا قوله إن "السلطات الروسية أبلغت سفارتنا في موسكو أن دبلوماسيا بسفارتنا شخصية غير مرغوب فيها، ردا على قرار اتخذته (بروكسل) الأسبوع الماضي".
يذكر أن بريطانيا، اتهمت روسيا بالتورط في تسميم العميل البريطاني السابق سيرغي سكريبال، وزعمت أن المادة المستخدمة في الهجوم عليه طورت في روسيا.
ونفت روسيا بشكل قاطع كل هذه الاتهامات، مؤكدة أنه لم يكن سواء في الاتحاد السوفيتي أو روسيا أي برامج لإنتاج المادة التي وقع الهجوم بها على سكريبال حسب زعم لندن.
وقد شرعت موسكو بتنفيذ إجراءاتها الجوابية، ضد الدول التي طردت دبلوماسيين روس تضامنا مع بريطانيا، وأخطرت سفراء هذه الدول بضرورة مغادرة عدد من دبلوماسييها الأراضي الروسية.
وأوضحت الخارجية الروسية في بيان صحفي أنه تم "في الـ30 من اذار ، استدعاء سفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية لأستراليا وألبانيا وألمانيا والدنمارك وإيرلندا وإسبانيا وإيطاليا وكندا ولاتفيا وليتوانيا ومقدونيا ومولدوفا وهولندا والنرويج وبولندا ورومانيا وأوكرانيا وفنلندا وفرنسا وكرواتيا والتشيك والسويد وإستونيا.
وأضافت أنه "تم تسليمهم مذكرات احتجاج، وإعلامهم بأنه ردا على المطالب غير المفسرة من دولهم بشأن طرد الدبلوماسيين الروس، على أساس مزاعم غير مؤكدة من بريطانيا تجاه روسيا، فيما يسمى بقضية (سكريبال)، فإن الجانب الروسي يعلن عن أعداد موظفي هذه البعثات الدبلوماسية الذين يعتبرون شخصيات غير مرغوب بها على الأراضي الروسية (persona non grata)، بما تتساوى مع أعداد الدبلوماسيين الروس الذين طردتهم كل من الدول المعنية".
وأضافت الوزارة: "مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن بلجيكا وهنغاريا وجورجيا ومونتينيغرو قررت في آخر لحظة الانضمام إلى البلدان المذكورة، فإن روسيا تحتفظ بحق الرد على هذه الدول (في وقت لاحق).
وتوالت بيانات صادرة عن بعض وزارات خارجية هذه الدول، تفيد بطرد موسكو لدبلوماسيين، وينتظر أن تصدر الدول المتبقية بيانات في هذا الصدد.
إيطاليا
الخارجية الإيطالية: روسيا تطرد دبلوماسيين اثنين وتمهلهما أسبوعا لمغادرة البلاد
فنلندا
الخارجية الفنلندية: روسيا تطرد دبلوماسيا فنلنديا من موسكو
بولندا
الخارجية البولندية: موسكو طلبت من 4 دبلوماسيين بولنديين مغادرة الاتحاد الروسي قبل 7 نيسان
ليتوانيا
الخارجية الليتوانية: روسيا تطرد ثلاثة دبلوماسيين ليتوانيين من البلاد
إستونيا
الخارجية الإستونية: روسيا تطرد الملحق العسكري الإستوني من موسكو
التشيك
أعلنت وزارة الخارجية التشيكية، تلقيها مذكرة من الخارجية الروسية، تفيد بطرد 3 من دبلوماسييها. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية التشيكية، ميكايلا لاغرونوفا، إنه سيكون على الدبلوماسيين المعنيين وأفراد عائلاتهم مغادرة روسيا قبل الخامس من نيسان.
ألمانيا
أعلنت وزارة الخارجية الألمانية، أن موسكو أبلغتها بطرد أربعة دبلوماسيين ألمان من الأراضي الروسية
أوكرانيا
أكد وزير الخارجية الأوكراني، بافل كليمكين، طرد موسكو لـ13 من الدبلوماسيين الأوكرانيين، كرد على إجراءات الجانب الأوكراني.
السويد
أكدت وزارة الخارجية السويدية، قرار الاتحاد الروسي طرد دبلوماسي سويدي واحد من الأراضي الروسية، معربة عن أسفها للإجراء.
كرواتيا
أكدت وزارة الخارجية الكرواتية في بيان، طرد موسكو أحد دبلوماسييها.
إسبانيا
قالت البعثة الدبلوماسية الإسبانية لدى الاتحاد الروسي، إن موسكو طردت اثنين من الدبلوماسيين الإسبان، وهما الملحق العسكري ورئيس موظفي السفارة الإسبانية.
النرويج
قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية النرويجية، إن روسيا أمرت "بشكل غير مبرر"، مغادرة أحد دبلوماسييها، للأراضي الروسية.
إيرلندا
أكدت وزارة الخارجية في إيرلندا، طرد أحد دبلوماسيي بعثة سفارتها لدى موسكو.
تركيا ووهم الانضمام للاتحاد الاوروبي
أفادت مقررة الملف التركي بالبرلمان الأوروبي كيتي بيري أنه ليس من المفهوم لماذا لم تنقطع المباحثات بين تركيا والاتحاد الأوروبي على الرغم من السلبيات بشأن حقوق الإنسان وحرية الفكر الموجودة في تركيا.
وتساءلت البرلمانية الهولندية إلى أي مدى سيواصلون إيهام تركيا بشأن خيار عضوية الاتحاد الأوروبي في ظل هذه الظروف.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد أعلن خلال الأيام القليلة الماضية أن تركيا لم تتخلى عن رغبتها في عضوية الاتحاد الأوروبي مؤكدا أنه لا يمكن تصور أوروبا من دون تركيا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد تطرق إلى اللقاءات التي أجراها في البرلمان الأوروبي، أثناء اجتماعه مع الصحفيين على متن الطائرة في رحلة عودته من قمة تركيا والاتحاد الأوروبي، وأكد أنهم اتفقوا على مواصلة الحوار مع الاتحاد الأوروبي.
وفي تعليق منها على القمة المشار إليها أشارت بيري إلى المشاكل التي تعاني منها تركيا في تتعلق بمجال الحرية مذكرة بوجود صحفيين ونواب ومواطنين من دول الاتحاد الأوروبي داخل السجون في تركيا.
وأضافت كيتي بيري أنه على الرغم من ذلك يحلم أردوغان بعضوية الاتحاد الأوروبي وتبقي المفوضية الأوروبية على هذا الحلم قائما بمواصلتها العلاقات مع تركيا مفيدة أنه يجب إبلاغ الرئيس التركي بأن أفعاله تذكر واقعا مختلفا ولا ينظر إلى أقواله، وترى بيري أن للاتحاد الأوروبي مصالح فيما يخص تركيا مما جعل إدارة بروكسل تبذل جهودا منذ بداية مفاوضات العضوية لتقريب تركيا إلى أوروبا.
وتؤكد البرلمانية الهولندية أنه على الرغم من هذه الجهود تقدمت المفاوضات بصعوبة منذ البداية قائلة: “انظروا إلى الوضع الحالي، هناك 10 من رفقاء المهنة يقبعون داخل السجون التركية. أصبحت تركيا الدولة السادسة عالميا من حيث أعداد الصحفيين المحبوسين، وعقب المحاولة الانقلابية فُصل أكثر من 150 ألف موظف وحبس نحو 50 ألف شخص”.
هذا وأشارت بيري إلى بيع آخر مؤسسة إعلامية مستقلة في تركيا إلى رجل أعمال مقرب من أردوغان قبل أسبوعين مفيدة أن التغييرات الدستورية ستدخل حيز التنفيذ العام المقبل وستتسع صلاحيات أردوغان.
من جانبه أوضح وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في الحكومة التركيه امس الاربعاء عمر جليك، أن وفدا أوروبيا سيزور تركيا الشهر الجاري لبحث موضوع إلغاء تأشيرات الدخول عن المواطنين الأتراك.
وأضاف جليك في كلمة ألقاها أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي بأنقرة، أنه بحث موضوع رفع التأشيرات عن المواطنين الأتراك مع النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس.
وذكر أن بلاده سلمت وثيقة مقترح خلال القمة التركية الأوروبية في مدينة فارنا البلغارية، مشيراً أن الوفد سيبلغ وجهة النظر الأوروبية حول المقترح المذكور خلال الزيارة.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي توصلا في 18 آذار/ 2016 في العاصمة البلجيكية بروكسل إلى 3 اتفاقيات مرتبطة ببعضها بعضا مع الاتحاد حول الهجرة، وإعادة قبول اللاجئين، وإلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك.
والتزمت تركيا بما يجب عليها بخصوص الاتفاقين الأولين في حين لا يزال الاتحاد الأوروبي لم يقم بما يجب عليه بشأن إلغاء التأشيرة.
وتشتكي تركيا المرشحة لعضوية الاتحاد منذ مدة طويلة، من ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الاتحاد الأوروبي، حيال تركيا، وبقية الدول المرشحة.
فبينما انضمت دول بدأت مفاوضات عضويتها بعد تركيا بكثير، إلى النادي الأوروبي المشترك، لا تزال أنقرة تواجه عراقيل سياسية، تحول دون عضويتها في الاتحاد.
ومن أبرز الانتقادات التي توجهها تركيا للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمسيرة عضويتها التي انطلقت قبل 55 عاما ( 1963)، عدم تصرف الاتحاد بصورة عادلة، وعدم الغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك، والإحجام عن فتح فصول تفاوضية جديدة (تتعلق بمطابقة تركيا لمعايير الاتحاد )، وعدم الإيفاء بالتعهدات.
أما الجانب الأوروبي فيركز في انتقاداته حيال تركيا، على ثلاث نقاط أساسية، ملفات حقوق الانسان والديمقراطية وحرية التعبير.
كما يشكل موقف الاتحاد الأوروبي السلبي، إزاء المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قامت بها منظمة "فتح الله غولن" الإرهابية، في 15 تموز 2016، أحد أهم عوامل التوتر بين الطرفين في الآونة الأخيرة.
وأدت الانتقادات المتكررة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، والدعوات من بعض دوله لوقف مفاوضات انضمام تركيا، إلى حدوث جمود كبير في العلاقات بين الطرفين.
- أزمة المهاجرين واحياء العلاقات
ساهمت موجة المهاجرين المتجهين نحو أوروبا، بسبب الحرب الأهلية في سوريا، في كسر الجمود و احياء العلاقات مجددا بين أنقرة وبروكسل، حيث عقدت ثلاث قمم بهدف التعاون بين الطرفين.
- الفصول التفاوضية والعراقيل السياسية
ويعد فتح الفصل التفاوضي بشأن "الأحكام المالية المتعلقة بالميزانية"، في حزيران 2016، أحد الملفات القليلة التي التزم الاتحاد بها حتى اليوم.
وفيما تم فتح 16 فصلا تفاوضيا من أصل 35 في إطار مسيرة عضوية تركيا في الاتحاد، حتى يومنا، تعرقل قبرص فتح 6 فصول، وفرنسا فصلين، فضلا عن 8 فصول يحول "البروتوكول الإضافي" دون فتحها.
بدوره جمد الاتحاد الأوروبي، 8 فصول متعلقة بشكل مباشر بالاتحاد الجمركي، عام 2006، بدعوى عدم إيفاء تركيا بمسؤولياتها الناجمة عن البروتوكول الإضافي، بصورة تامة.
1.85 مليار من أصل 3 مليارات
وبموجب التفاهمات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، كان يتعين على الاتحاد الاسراع في دفع 3 مليارات الأولى، لصالح اللاجئين السوريين في تركيا، و3 مليارات أخرى، لغاية نهاية 2018.
إلا أن اجمالي ما دفعه الاتحاد بلغ 1.85 مليار يورو، ما يعني عدم استكمال الحزمة الأولى من المساعدات لغاية اليوم.
- تحديث الاتحاد الجمركي
ورغم أن التفاهمات نصت على البدء بمفاوضات تحديث الاتحاد الجمركي، لغاية نهاية 2016، إلا أنها لم تبدأ رسميا حتى اليوم، في ظل تعنت بعض دول الاتحاد.
- انتقادات أوروبية لتركيا
وخلال مسيرة انضمام تركيا التي أصبحت دولة مرشحة رسمياً لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي منذ 2005، تعرضت لانتقادات من الجانب الأوروبي بين الفينة والأخرى، تركزت على ملفات مثل حقوق الانسان، والديمقراطية، وسيادة القانون، وحرية التعبير.
ومن بين أسباب التوتر في العلاقات، الانتقادات ذات السقف المرتفع، التي وجهتها مؤسسات أوروبية، للتدابير التي اتخذتها تركيا، عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 تموز 2016.
وإضافة إلى ذلك، ألقت المقاربات السلبية للجانب الأوروبي لجهود تركيا في مكافحة للارهاب، بظلالها على العلاقات، فضلا عن توصية البرلمان الأوروبي بتجميد مسيرة مفاوضات العضوية مؤقتا، تمهيدا لتعليقها.
اشكالية الاتفاق النووي الايراني مع ترامب والاوروبيين
يحار الرئيس الإيراني حسن روحاني في مصير إنجاز إدارته الرئيس خلال السنوات الماضية، الإتفاق النووي.
ويدرك روحاني جيدا أن الريح القادمة من واشنطن تهب بعكس ما تشتهيه سفنه وسفن الأوروبيين والروس والصينيين. فقبل ثلاث سنوات إلا قليل، وتحديداً في 14 تموز 2015، معا أعلنوا عن ما يعرف بخطة العمل الشاملة المشتركة والتي ظن العالم وقتها أنها ستفتح الباب أمام تحوّل في العلاقات الأمريكية الإيرانية، وفي تفاعل إيران مع الغرب بشكل عام، وستؤثر بشكل إيجابي على الإقتصاد الإيراني.
ويمكن القول إن جلسات التفاوض الرسمي التي امتدت من أيلول 2013 في مقر الأمم المتحدة في نيويورك وحتى تموز 2015 في قصر كوبورغ في العاصمة النمساوية فيينا، شكلت نوعا من شهر عسل أمريكي إيراني غير مسبوق منذ سقوط الحكم الملكي إبان الثورة الإيرانية عام 1979.
واللقاءات التي جمعت وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، محمد جواد ظريف، ونظيره الأمريكي، جون كيري، قدّمت للعالم حينها صورة مختلفة عن العلاقات بين البلدين، وهو ما انعكس على مستوى الخطاب المتبادل، بل وعلى ما يتوقعه كل طرف من الآخر.
وقد ظل الأمر كذلك حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتحول الإدارة من ديمقراطية إلى جمهورية بقيادة الرئيس الحالي دونالد ترامب، الذي توعّد منذ البداية أن يكون إسقاط الاتفاق النووي مع إيران أهم إنجازاته.
ولم يتراجع ترامب عن السعي وراء هدفه بطرق مختلفة على إمتداد الفترة التي قضاها حتى الآن في البيت الأبيض، وقد عمل بشكل تدريجي على تحضير الأرضية في الداخل الأمريكي وعلى الصعيد الدولي للحظة سيخرج فيها ليقول إن واشنطن لم تعد قادرة على الاستمرار في ما وصفه سابقا بواحد من "أسوأ الاتفاقات" التي رآها في حياته.
والتوجه الواضح لدى الرئيس الأمريكي منذ البداية، دفعه لاتخاذ خطوات متلاحقة في هذا الإطار. بداية من الاستهداف المستمر لأساس الفكرة، ولاحقا ما كشفته نيويورك تايمز عن طلبه من مساعديه تزويده بخيارات للخروج من الاتفاق، ومؤخرا إقالته وزير خارجيته ريكس تليرسون في 13 مارس/ آذار الماضي وترشيح رئيس وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية مايك بومبيو للمنصب، ومن ثم إقالة مستشاره للأمن القومي هربرت ماكماستر وتعيين السفير الأمريكي السابق في الأمم المتحدة جون بولتون مكانه.
والتعيينات الأخيرة في واشنطن جاءت قبل أقل من شهرين على موعد تجديد تعليق العقوبات الأمريكية على إيران في مايو/ أيار المقبل، وبالتوازي مع الخطوات الداخلية عمدت الإدارة الأمريكية للطلب من شركائها الأوروبيين، الضغط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية للقبول بتعديل الاتفاق النووي.
وكشفت وكالة رويترز يوم 18 شباط الماضي عن برقية لوزارة الخارجية موجهة إلى الشركاء الأوروبيين في الاتفاق النووي جاء فيها "نريد التزامكم بالعمل معا سعيا إلى اتفاق تكميلي للتعامل مع تطوير إيران للصواريخ بعيدة المدى أو اختبارها ويضمن تفتيشا محكما تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويصلح العيوب المتعلقة ببند المدة الزمنية".
الإشكالية الإيرانية مع الأطراف الأوروبية لا تتعلق بالاتفاق النووي، بل بالبرنامج الصاروخي، حيث أن الأطراف الأوروبية تجري مساع حثيثة لإقناع ترامب للاستمرار في الاتفاق النووي، إلا أن هذه المساعي لم تصل إلى نتيجة إيجابية إلى اليوم، حيث تعتقد الولايات المتحدة الأمريكية بأن الاتفاق زاد من قوة إيران، ولعب دورا في تعزيز نفوذها في المنطقة، وأن الاتفاق لايوفر لواشنطن الظروف المناسبة لمواجهة طهران. ويعرف الأوروبيون أن ما يريده ترامب هو الملف الصاروخي الإيراني، وهو ماسبق لمجموعة 5+1 أن حاولت أن تدرجه في الاتفاق لكن مرشد الثورة الإسلامية والحرس الثوري وضعا ذلك كخط أحمر لم يسمح للمفاوض الإيراني بتجاوزه
الاتفاق النووي فيما لو انسحبت إدارة ترامب منه، لايملك مقومات الاستمرار بفعل معطيات كثيرة، تتعلق بقوة وكفاءة الطرف الأوروبي، وقدرة الشركات على تحدي الموقف الأمريكي، وأردفت "لذلك نجد المسؤولين في طهران حتى أولئك الذين انخرطوا في المفاوضات وساهموا في إنجاز الاتفاق النووي ينظرون بتشاؤم نحو ذلك"، مشيرة إلى أن الدوائر السياسية الإيرانية تضع سيناريوهين لمستقبل الاتفاق:
الأول: استمرار الاتفاق النووي بدون الولايات المتحدة الأمريكية، وفي هذه الحالة فإن الاتفاق لايملك مقومات تؤهله للبقاء.
الثاني: أن يبقى الاتفاق مع تعهد من الطرف الأوروبي للطرف الأمريكي، أنه في حال بقي الاتفاق، فإنهم سيقنعون الإيرانيين بعد أن تمضى مدة الثماني سنوات المنصوص عليها في الاتفاق، بأن يدخلوا مفاوضات جديدة، وهو الموضوع الذي ترفضه إيران أيضا.